من الهيمنة إلى الانكفاء: تحولات الدور الفرنسي في أفريقيا الفرنكوفونية وسقوط النموذج القديم (2019–2025)

مقدمة
شهدت الفترة ما بين 2019 و2025 تغيرات جذرية في حضور فرنسا العسكري ونفوذها السياسي في الدول الأفريقية الفرنكوفونية. يأتي ذلك على خلفية تراجع “فرانسا-فريك” – وهو المصطلح الذي يُطلق على شبكة النفوذ التقليدية لباريس في مستعمراتها السابقة – تحت وطأة عدة عوامل. من أبرزها تصاعد المشاعر الشعبية المناهضة للوجود الفرنسي، وسلسلة الانقلابات العسكرية في الساحل التي أطاحت بحلفاء باريس (في مالي 2021، بوركينا فاسو 2022، النيجر 2023)[1] فضلاً عن بروز قوى منافسة كروسيا والصين وتركيا في المنطقة.[2] وقد أدى ذلك إلى مطالبة حكومات وشعوب عدة دول بخروج القوات الفرنسية ووضع حدّ للإملاءات الخارجية، معتبرين الوجود الفرنسي رمزًا لإرث استعماري ينبغي التخلص منه[3]. هذا الواقع الجديد فرض على صانعي القرار في باريس إعادة تقييم إستراتيجيتهم العسكرية في أفريقيا، مما أسفر عن تبني نهج حديث يقوم على تقليص الانخراط المباشر وتطوير شراكات أمنية بديلة.
لقد تراجع الانتشار العسكري الفرنسي في أفريقيا بشكل حاد خلال هذه الفترة. فبعد أن كان قوامه نحو 10,000 جندي قبل خمس سنوات، تقلّص إلى قرابة 4,000 فقط في نهاية 2024، مع توقع انخفاضه لأقل من 2,000 جندي بحلول 2025.[4] وقد خرجت القوات الفرنسية من حوالي 70% من البلدان الأفريقية التي كانت تنتشر فيها تاريخيًا.[5] ، ولم يتبق لها وجود يُذكر إلا في جيبوتي (شرق أفريقيا) بنحو 1,500 جندي وفي الغابون بحوالي 350 جندي. تعكس هذه الأرقام مدى الانحسار الكبير لنفوذ فرنسا العسكري، مما يدشن عمليًا نهاية حقبة “فرنسا–أفريقيا” التقليدية وبداية مرحلة جديدة تقوم على أنماط شراكة مغايرة. في هذه الدراسة نستعرض أربعة محاور رئيسية في الإستراتيجيات العسكرية الفرنسية الجديدة بأفريقيا الفرنكوفونية بين 2019 و2025، مدعّمة بالبيانات الكمّية والكيفيّة، وهي: (1) التحول من العمليات الأحادية إلى الشراكات الأمنية التكيفية، (2) تقليص الظهور العسكري وإعادة هيكلة القواعد، (3) تدويل الالتزامات الدفاعية عبر الحلفاء الأوروبيين، (4) توظيف القوة الناعمة (الثقافية والسياسية).
- التحول من العمليات الأحادية إلى الشراكات الأمنية التكيفية
ظلّت فرنسا لعقود تعتمد نهج العمليات العسكرية الأحادية في أفريقيا، حيث تتدخل بشكل مباشر اعتمادًا على قواتها وقدراتها الخاصة. مثال ذلك عملية “سيرفال” في مالي (2013) ثم عملية “برخان” في الساحل (2014–2022) التي انتشرت فيها القوات الفرنسية (حوالي 3,000–5,500 جندي) لمحاربة الجماعات المسلحة دون مشاركة قتالية تُذكر من الحلفاء،[6] كذلك حرصت فرنسا على الاستجابة لطلبات الحكومات الأفريقية بدل المبادرة الأحادية؛ ففي قمة بو (Pau) 2020، اجتمع الرئيس الفرنسي بقادة دول الساحل حيث أكدوا بشكل جماعي حاجتهم لاستمرار الدعم الفرنسي ضد الإرهاب. ما أعطى باريس غطاءً سياسيًا محليًا لتواجد قواتها. هذا التوجه عكس محاولة “إضفاء الشرعية الإفريقية” على العمليات الفرنسية، بحيث تُقدّم كشراكة بطلب الدولة المعنية وليس كفرضٍ أحادي.
إحدى أبرز خطوات هذا التحول تمثلت في إنشاء قوة المهام الأوروبية الخاصة “تاكوبا” (Takuba) عام 2020. هذه القوة عبارة عن تحالف من القوات الخاصة لدول أوروبية متعددة بقيادة فرنسا، أُطلق لمؤازرة جيوش الساحل في ملاحقة الجماعات المتطرفة في مالي وجوارها،[7] ضمّت تاكوبا في ذروتها نحو 900 جندي من 9 دول أوروبية حليفة لفرنسا،[8] بحيث شكل الجنود غير الفرنسيين حوالي نصف قوامها. وبهذا انتقلت باريس من الانفراد بالعبء القتالي إلى توزيعه بين عدة دول، مع تكليف تاكوبا بمرافقة وتدريب القوات المالية ميدانيًا بدلًا من القتال بمعزل عنها. وبالتوازي، جرى تعزيز المبادرات الأمنية الثنائية مع دول خليج غينيا الساحلية (مثل السنغال وساحل العاج)، حيث تم تكييف نمط التعاون ليتركز على بناء قدرات هذه الدول لمواجهة تمدد الإرهاب من الساحل، بدلًا من نشر قوات فرنسية كبيرة على أراضيها. فعلى سبيل المثال، في ساحل العاج بات الوجود الفرنسي بعد 2021 يركز على مهمات استشارية وتدريبية للقوات الإيفوارية، عوضًا عن قوات قتالية كبيرة،[9]
هذه الشراكات التكيفية أتاحت لفرنسا الحفاظ على نفوذ أمني – وإن بشكل غير مباشر – مع تقليل حساسيتها أمام الرأي العام الأفريقي، الذي أصبح أكثر تقبلًا لتعاون لبناء قدراته الوطنية بدلًا من تواجد أجنبي كبير. ورغم ذلك، واجه هذا التوجه تحديات فعلية؛ فقد أظهرت أزمة مالي 2022 حدود الشراكة عندما رفضت القيادة المالية الجديدة استمرار قوة تاكوبا على أراضيها، مما اضطرها للانسحاب[10] لكن إجمالًا، شكّل التحول نحو الشراكات علامة فارقة في إستراتيجية فرنسا العسكرية الجديدة، جامعًا بين تخفيف العبء عنها ومراعاة سيادة الدول الإفريقية في آن واحد.
- تقليص الظهور العسكري وإعادة هيكلة القواعد
إلى جانب تعديل نمط عملياتها، انتهجت فرنسا استراتيجية تقوم على تقليص حضورها العسكري المادي في أفريقيا، عبر خفض أعداد قواتها وإعادة تموضعها في قواعد أقل عددًا وأصغر حجمًا. لقد أدركت باريس أن الوجود المكثف لم يعد مجديًا، بل صار يغذي السرديات المناهضة لها ويمنح خصومها فرصة اتهامها بالاحتلال المقنع. ومن ثمّ، بدأت منذ عام 2019 بتنفيذ خطة مدروسة لإعادة هيكلة انتشارها القاعدي، على أن تكتمل معالمها تدريجيًا بحلول عام 2025، في محاولة للتكيّف مع المناخ السياسي المتغير، وتقليل كلفة صورتها المهترئة في القارة.
على الصعيد العددي، بدأت فرنسا تدريجيًا تقليص قواتها المنتشرة في الساحل. فبعد تعزيزها إلى نحو 5,100 جندي عام 2020 خلال ذروة عملية برخان،[11] وهكذا أعلنت في منتصف 2021 عن نيتها إنهاء برخان وتقليص القوات على مراحل. وبحلول أوائل 2023، انخفض عدد القوات الفرنسية في كل أفريقيا إلى حوالي 3,000 جندي فقط (مقارنةً بأكثر من 5,000 قبلها بعامين). وتواصل الانخفاض مع انسحاب فرنسا من مالي ثم بوركينا فاسو والنيجر خلال 2022–2023، وصولًا إلى نهاية 2024 حيث أصبح إجمالي قواتها في القارة أقل من 4,000، ومتجهًا إلى حوالي 2,000 في 2025.[12]
سعت باريس خلال السنوات الأخيرة إلى إعادة صياغة وجودها العسكري في أفريقيا، عبر تبني سياسة خفض الأعداد وإعادة تموضع قواعدها بشكل مدروس. فبعد أن كانت تعتمد على شبكة واسعة من القواعد الكبرى في دول مثل جيبوتي وتشاد والسنغال وساحل العاج، فضلاً عن انتشارها العملياتي الكثيف في مالي والنيجر، بدأت فرنسا تدريجيًا بإغلاق أو تسليم معظم هذه القواعد إلى الجيوش المحلية. ففي أغسطس 2022، أنهت وجودها العسكري في مالي بالكامل، ونقلت ثقل عملياتها نحو النيجر وتشاد. غير أن هذا التحول لم يوقف نزيف النفوذ؛ إذ سرعان ما طالبت حكومة بوركينا فاسو في أوائل عام 2023 برحيل القوات الفرنسية من أراضيها، لتنتهي بذلك مهمة القوات الخاصة الفرنسية، التي كان قوامها نحو 400 جندي، بحلول شهر فبراير، في مشهد يُلخص التراجع الفرنسي أمام تحولات المشهد الإقليمي الجديد، تلى ذلك انقلاب النيجر (يوليو 2023) الذي أنهى التعاون الأمني الفرنسي-النيجري، لتعلن باريس سحب 1,500 جندي كانوا متمركزين في النيجر بحلول نهاية 2023،[13] وبالفعل، غادرت آخر كتيبة فرنسية النيجر في ديسمبر 2023، منهيةً بذلك عقدًا من العمليات العسكرية الفرنسية المباشرة في الساحل.[14]
مع حلول عام 2024، لم يتبق لفرنسا في غرب أفريقيا سوى تواجد محدود في تشاد وسنغال وساحل العاج. لكن المفارقة أن تلك الدول أيضًا اتخذت خطوات لإنهاء أو تعديل الوجود الفرنسي. في نوفمبر 2024 أعلنت حكومة تشاد إنهاء العمل بالاتفاقية الدفاعية مع فرنسا (والتي كانت تؤطر وجود نحو 1,000 جندي فرنسي في قاعدة انجامينا)،[15] ورغم توضيح التشاديين أنهم يرغبون بإنهاء الاتفاق “بصيغته الحالية” وإعادة التفاوض وليس القطيعة التامة، فقد بدأت فرنسا فعليًا سحب طائراتها وعتادها من انجامينا أواخر 2024. أما في السنغال، فقد فاجأ الرئيس باسيرو ديومي فاي الأوساط بإعلان أنه لا يرى مبررًا لبقاء أي قوات أجنبية على أراضي بلاده بعد 2024. وبناءً على ذلك، شرعت فرنسا في إغلاق قواعدها هناك؛ حيث سلمت للجيش السنغالي موقعين عسكريين في داكار في مارس 2025 إيذانًا ببدء الانسحاب الكامل. وتضم السنغال تقليديًا حوالي 350 جندي فرنسي، سيتم إعادتهم إلى الوطن أو إعادة نشرهم في مهام تدريبية إقليمية،[16] كذلك أعلن رئيس ساحل العاج الحسن واتارا في نهاية 2024 التنسيق مع باريس على سحب القوات الفرنسية من بلاده بصورة منظمة. وكانت ساحل العاج تستضيف منذ 2014 حوالي 700–900 عنصر فرنسي في قاعدة بورت بوي قرب أبيدجان، جرى تخفيضهم إلى 80 مستشارًا عسكريًا فقط للتدريب عقب تسليم آخر قاعدة في ديسمبر 2024.[17]
ولتأطير هذه التحولات، أقدمت فرنسا على إعادة هيكلة قيادة تدخلاتها في أفريقيا. ففي يونيو 2024، أنشأت وزارة الدفاع الفرنسية قيادة جديدة مخصصة لشؤون أفريقيا (Commandement pour l’Afrique – CPA) مقرها باريس. تهدف هذه القيادة المشتركة إلى إدارة عمليات الدعم للقوات الأفريقية مع تقليل البصمة الفرنسية الميدانية.[18]وتتمثل مهمتها في تسهيل نشر وحدات فرنسية بشكل طارئ لدعم الجيوش الأفريقية عند الحاجة، ولكن دون الإبقاء على تواجد دائم كبير. وبذلك، تنتقل فرنسا من نموذج القواعد الدائمة المكلفة سياسياً، إلى نموذج الانتشار المؤقت أو المقرات المشتركة مع الدول المضيفة. وفي سياق متصل، أعلن الرئيس ماكرون مطلع 2023 عن خطة لجعل القواعد الفرنسية “مشتركة الإدارة” مع الجيوش الوطنية الأفريقية بدل أن تكون خالصة لفرنسا، أي أن قواعد مثل جيبوتي وليبرفيل (الغابون) ستكون بإدارة ثنائية فرنسية-محلية، ما يخفف من رمزية الهيمنة الفرنسية. كما ستُحوَّل بعض المواقع إلى أكاديميات تدريب إقليمية يديرها الفرنسيون والأفارقة سويًا، بحيث تعود بالنفع على مضيفيها وتظهر بمظهر استثماري تنموي لا عسكري محض.[19]
نتيجة لهذه الإجراءات، انكمش الوجود العسكري الفرنسي العلني في أفريقيا الفرنكوفونية إلى أدنى مستوياته التاريخية. فقد أُغلقت الحقبة التي كانت فيها باريس تحتفظ بقواعد كبيرة وآلاف الجنود عبر القارة، لتحل محلها قوة أصغر كثيرًا موزعة بشكل جديد. هذا التحول الهيكلي كان ضروريًا لـامتصاص الغضب الشعبي المتنامي في أفريقيا، ولحرمان الخصوم (كالإعلام الروسي) من استغلال مشهد الأرتال العسكرية الفرنسية في ترويج اتهامات النهب الاستعماري. وبقدر ما قد يبدو ذلك انتكاسة لنفوذ فرنسا، فهو أيضًا فرصة لتصحيح العلاقة الأمنية مع أفريقيا على أسس أكثر توازنًا ومرونة. لقد أصبح واضحًا أن باريس لم يعد من مصلحتها إبقاء قواعد دائمة كبيرة، حتى لو طلبتها بعض الحكومات، بل الأفضل بناء الثقة عبر تسليم مقاليد الأمن للشركاء الأفارقة أنفسهم.[20]
- تدويل الالتزامات الدفاعية عبر الحلفاء الأوروبيين
مع تنامي التحديات الإقليمية وتراجع تقبّل الدور الفرنسي الأحادي، اتجهت باريس نحو تدويل التزاماتها الدفاعية في أفريقيا، عبر دفع حلفائها الأوروبيين إلى الانخراط بشكل أوسع وغير مسبوق. أدركت فرنسا أن الحفاظ على الاستقرار الإقليمي وصون مصالحها الاستراتيجية لم يعد ممكنًا عبر الجهد الوطني المنفرد، ما دفعها منذ عام 2019 إلى تبني سياسة تحويل عبء مكافحة الإرهاب وحفظ الأمن إلى مسؤولية أوروبية جماعية.
وقد انعكست هذه الاستراتيجية في سلسلة مبادرات وهيكليات متعددة الأطراف. ففي مقدمتها، جاء تفعيل الشراكة الأوروبية ضمن العمليات الأمنية في الساحل، عبر إنشاء قوة “تاكوبا”، التي جمعت قوات خاصة أوروبية تحت مظلة فرنسية. وبالتوازي مع ذلك، دفعت باريس بالاتحاد الأوروبي لإطلاق بعثات عسكرية وأمنية ضمن إطار سياسة الأمن والدفاع المشتركة (CSDP)، بهدف إضفاء طابع مؤسسي أوروبي على الجهود العسكرية في منطقة الساحل، وتخفيف الضغط السياسي والأمني عن الدور الفرنسي المباشر.[21]
في هذا الإطار الذي، نشر الاتحاد الأوروبي بعثة تدريب عسكرية في مالي (EUTM Mali) منذ 2013، ثم بعثات استشارية للشرطة في مالي والنيجر (EUCAP)، مع تحمل الدول الأوروبية جزءًا من تدريب وتمويل جيوش الساحل. كما موّل الأوروبيون قوة مجموعة الساحل الخماسية بمئات الملايين من اليوروهات لدعم لوجستياتها. وعلى المستوى العملاني، شاركت دول كألمانيا وإسبانيا وإيطاليا في عمليات النقل الجوي والإجلاء الطبي دعماً للقوات الفرنسية والأفريقية في الساحل. هكذا سعت باريس لنقل صورة الأزمة الأمنية في الساحل من “مشكلة فرنسية” إلى “مشكلة أوروبية”، مبرزةً أن الإرهاب وعدم الاستقرار في جنوب أوروبا يهدد القارة بأكملها، مما يستدعي استجابة جماعية. وقد صرح مسؤولون فرنسيون بأن أمن أفريقيا من أمن أوروبا، داعين حلفاءهم للمساهمة العادلة.[22]
على إثر ذلك، تشكّل خلال 2020–2021 ما سُمّي “تحالف الساحل” الذي ضم بالإضافة إلى فرنسا ودول الساحل، عددًا من دول الاتحاد الأوروبي بهدف تنسيق أربعة محاور: مكافحة الإرهاب عسكريًا، وبناء قدرات الجيوش المحلية، ودعم التنمية، والمجهود الدبلوماسي السياسي. ضمن هذا الإطار المتكامل، قدّم التحالف مظلة شرعية دولية للوجود الفرنسي المتبقي، كما أتاح تقاسم أعباء التمويل والخسائر. وقد لوحظ أنه بحلول 2021 أصبح في مالي وحدها قوات من 14 دولة أوروبية بين مشارك في تاكوبا أو في بعثات الأمم المتحدة (مينوسما) أو التدريب[23]EUCAP – وهو تحول كبير مقارنة بالسنوات السابقة التي كانت فرنسا فيها اللاعب الغربي شبه الوحيد ميدانيًا هناك.
ورغم هذه الجهود، اصطدمت مساعي التدويل بعقبات حدّت من فعاليتها. فالكثير من الدول الأوروبية أظهرت حذرًا وترددًا إزاء التورط في مستنقع الساحل. وبرغم الدعم السياسي، جاءت المساهمات العملانية الأوروبية بطيئة ومتواضعة في نظر الفرنسيين. فعلى سبيل المثال، واجهت قوة تاكوبا صعوبات لوجستية وبيروقراطية في انتشارها بسبب اختلاف قواعد الاشتباك وأنظمة التسليح بين الدول المساهمة. وعندما وقع انقلاب مالي الثاني (2021) وتدهورت العلاقة بين باماكو وباريس، انسحبت الوحدات الأوروبية تباعًا تضامنًا مع فرنسا. ونتيجة ذلك “تعثرت” المبادرة وتوقف عمل تاكوبا تمامًا بانسحاب الفرنسيين من مالي في 2022. مثال آخر هو انسحاب كتيبة دنماركية مبكرًا في 2022 بعد أسابيع من نشرها في مالي نتيجة خلاف دبلوماسي بين الدنمارك والمجلس العسكري المالي، ما أبرز هشاشة الالتزام الأوروبي.[24]
مع ذلك، حققت إستراتيجية التدويل بعض النجاحات التكتيكية. فقد أدى الوجود الأوروبي المتنوع إلى تخفيف النقد الموجّه حصريًا لفرنسا، إذ بات بإمكان باريس القول إنها جزء من جهد دولي أوسع وليس قوة استعمارية منفردة. كما استفادت الجيوش الأفريقية من خبرات تدريبية متعددة المصادر (فرنسية وأوروبية)، وشهدت تحسنًا في قدراتها نسبياً بشهادة تقارير مستقلة. وإلى جانب أوروبا، حرصت فرنسا على إشراك الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في تحمل المسؤولية الأمنية بالمنطقة. فدعمت بقاء بعثة الأمم المتحدة في مالي (مينوسما) إلى أقصى حد قبل أن تطردها السلطة المالية عام 2023، وشاركت مع دول غرب أفريقيا (إيكواس) في جهود دبلوماسية لاحتواء أزمات الانقلابات بدون تدخل عسكري فرنسي مباشر. هذه المقاربة المتعددة الأطراف تشير إلى أن فرنسا باتت تُفضل دور “الداعم” ضمن تحالف دولي على دور “الزعيم الأوحد” في أفريقيا. ويعلق أحد الباحثين بأنه بالنسبة لفرنسا “يشكل ما حدث بداية نهاية انخراطها الأمني المباشر في غرب ووسط أفريقيا”، حيث لم يعد بوسعها العمل منفردة في حقبة تعددية الأقطاب هذه.[25]
ختامًا، لعل أبرز ما يُستخلص من التحولات الفرنسية في أفريقيا هو الانتقال الواعي من النهج الثنائي الضيق إلى محاولة نسج إطار متعدد الأطراف، تفرضه الضرورة أكثر مما تمليه الرغبة. ورغم أن النتائج لم تحقق الطموحات المعلنة — بدليل الانهيارات الأمنية المتسارعة في مالي وبوركينا فاسو— فإن هذا التحول يكشف عن إدراك متأخر بأن المقاربة الأحادية لم تعد قادرة على احتواء التحديات الأفريقية المتفاقمة. لقد غدت باريس مضطرة، لا مختارة، إلى إعادة تعريف موقعها: من قائد أوحد إلى شريك ضمن منظومة أمنية جماعية أوروبية-أفريقية، مع ما يحمله ذلك من تراجعٍ ضمني عن مركزية القرار الفرنسي في شؤون القارة، وبروز لفلسفة توزيع الأعباء والمسؤوليات بوصفها خيارًا لا مفر منه.
- توظيف القوة الناعمة (الثقافية والسياسية)
بالتوازي مع إعادة هيكلة حضورها العسكري، سعت فرنسا إلى توسيع نفوذها في أفريقيا الفرنكوفونية عبر تفعيل أدوات القوة الناعمة، محاولةً رسم صورة أكثر قبولًا وإيجابية. وقد استند هذا التوجه إلى تفعيل الدبلوماسية العامة، وتعزيز التقارب الثقافي والتعليمي، فضلًا عن ترويج خطاب جديد يتبنى ظاهريًا احترام السيادة الوطنية للدول الأفريقية، وينأى — في الخطاب على الأقل — عن الذهنية الأبوية التي لطالما وسمت العلاقة بين الطرفين. ويمكن تلمّس معالم هذه الإستراتيجية الناعمة خلال الفترة ما بين 2019 و2025 عبر عدة محاور رئيسية، تعكس محاولات فرنسا التكيّف مع تحولات السياق الأفريقي، وإن بقيت في جوهرها أسيرة حسابات النفوذ التقليدي بثوب مغاير:
أولًا: الخطاب السياسي الجديد: حرصت القيادة الفرنسية وعلى رأسها الرئيس إيمانويل ماكرون على إعلان نهاية حقبة النفوذ الاستعماري التقليدي وانطلاق شراكة على أسس جديدة. ففي خطاب له بجامعة واغادوغو عام 2017 (بوركينا فاسو) أعرب ماكرون صراحة عن انتقاده لـ“جرائم الاستعمار” وتعهد بعلاقة مغايرة مع أفريقيا. وتبلور هذا التوجه أكثر في عام 2023، حين صرّح ماكرون بأن “عصر فرنسافريك قد ولّى بشكل حاسم”، معتبرًا أنه لا بد من إنهاء نهج التدخلات الفرنسية في شؤون أفريقيا. كما دعا إلى “تواضع عميق” في التعامل مع القارة، مشيرًا إلى أن فرنسا لن تكون “كبش الفداء” لمشاكل أفريقيا الداخلية بعد الآن.[26] هذا الخطاب مثّل اعترافًا رسميًا غير معتاد من رئيس فرنسي بضرورة التخلي عن أساليب الماضي الاستعلائية، وكان موجّهًا بوضوح لطمأنة الشعوب الأفريقية بأن باريس لا تسعى لفرض إرادتها بل لشراكة ندية. وقد رحبت كثير من الأوساط الأفريقية بهذا التغير النغمي، وإن ظل البعض متشككًا بترجمته إلى أفعال.
ثانيًا: المبادرات الثقافية والتعليمية: أدركت فرنسا أن لغتها وثقافتها وانتشارها التعليمي في أفريقيا هي عناصر قوة ناعمة مهمة يمكن استثمارها لتعميق الروابط بعيدًا عن الجيش. لذلك أطلقت سلسلة مبادرات ثقافية، منها إعادة إحياء نشاط المعاهد الفرنسية في العواصم الأفريقية، وزيادة المنح الدراسية الجامعية للطلاب الأفارقة في فرنسا، وتنظيم أسابيع ثقافية وفرانكفونية مشتركة. كما دعمت فرنسا صناعات إبداعية إفريقية – كالسينما والموسيقى – عبر شراكات إنتاجية ومهرجانات (مثال: مهرجان الأفلام الأفريقية في واغادوغو بدعم فرنسي). وضمن إستراتيجية “الفرانكفونية المتجددة”، عملت باريس على تعزيز دور منظمة الفرنكفونية الدولية لاستقطاب الشباب الإفريقي الناطق بالفرنسية نحو قيم مشتركة وتبادل ثقافي. فبحلول 2022، أصبحت نسبة كبيرة (تفوق 60%) من الناطقين بالفرنسية عالميًا في أفريقيا جنوب الصحراء،[27] ما اعتبرته فرنسا رصيدًا استراتيجيًا لها ينبغي تعزيزه بجعل اللغة الفرنسية جسراً للتعاون وليس أداة هيمنة.
ومن الخطوات الرمزية المهمة ثقافيًا تبني فرنسا قضية إعادة الكنوز والتراث الإفريقي المنهوب إبّان الحقبة الاستعمارية. ففي عام 2020، أعادت فرنسا 26 قطعة أثرية تاريخية إلى جمهورية بنين كانت معروضة في متاحفها، وتبنى ماكرون تشريعًا يسهل عمليات إعادة ممتلكات ثقافية أخرى إلى بلدانها الأصلية. هذه البادرة قوبلت بترحيب واسع واعتُبرت دليلاً على احترام فرنسا لكرامة الشعوب الأفريقية وتصالحها مع ماضيها. كذلك استمرت باريس بدعم برامج تعليم اللغة الفرنسية في دول الساحل غير الفرنكوفونية (مثل نيجيريا وغانا) كجزء من سياسة انفتاح ثقافي جديدة تهدف لتوسيع نفوذها الثقافي خارج نطاق مستعمراتها السابقة.[28]
ثالثًا: إعادة صياغة أطر التعاون والتنمية: عمدت فرنسا إلى توسيع تعاونها في مجالات غير عسكرية لكسب ود الحكومات والشعوب. فقطعت أشواطًا في دعم المشاريع التنموية والبنية التحتية، وزاد حجم المساعدات الفرنسية الثنائية إلى أفريقيا في مجالات الصحة والتعليم وتمكين الشباب. كما طرحت مبادرات اقتصادية مثل برنامج “اختاروا أفريقيا” (Choose Africa) لدعم ريادة الأعمال والشركات الناشئة الأفريقية بتمويلات فرنسية (عبر وكالة التنمية AFD). وعلى الصعيد السياسي، نظّمت فرنسا قممًا ذات طابع جديد وتشاركي. ففي أكتوبر 2021 عُقد “القمة الأفريقية-الفرنسية الجديدة” في مدينة مونبلييه، بحضور مئات الشباب ورواد الأعمال والمثقفين الأفارقة ومن دون أي رئيس دولة. في هذه القمة غير التقليدية، استمع ماكرون مباشرة لآراء ممثلين عن المجتمع المدني الأفريقي، بما في ذلك انتقاداتهم لسياسات فرنسا، ووعد بإطلاق مبادرات بناءً على توصيات تقرير أعدّه الباحث الكاميروني أشيل مبيمبي. وقد وُصف هذا الحدث بأنه نقطة تحول ومحاولة لـ“إعادة تأسيس” العلاقة الفرنسية-الأفريقية على أسس شفافة تحترم صوت الشعوب،[29] أو على الأقل هكذا أرادتها فرنسا. صحيح أن بعض المراقبين رأوا في القمة مجرد مناورة اتصالية، لكنها مع ذلك عكست اهتمام باريس باستخدام أدوات الدبلوماسية العامة والحوار الثقافي لتعويض انحسار نفوذها العسكري.
رابعًا: التنسيق مع القوى الإقليمية والدولية: ضمن القوة الناعمة السياسية، سعت فرنسا لتأكيد احترامها للمؤسسات الأفريقية. فدعمت جهود الاتحاد الأفريقي في حل نزاعات القارة، وأيدت مواقف تجمع إيكواس الحازمة تجاه الانقلابات (مثل تأييدها عقوبات إيكواس على قادة الانقلاب في مالي 2021 بدل أن تتحرك فرنسا منفردة). كذلك زاد انخراط باريس في مبادرات أمنية إقليمية تقودها دول أفريقية – كمبادرة أكرا لدول خليج غينيا ضد الإرهاب – مكتفيةً بدور المموّل والمستشار من الخلف.[30] هذه المقاربة عززت صورة فرنسا كشريك يدعم الحلول الأفريقية للمشاكل الأفريقية، في تناقض متعمد مع صورتها السابقة كقوة تملي الحلول. ومن ناحية أخرى، شددت فرنسا خطابها تجاه الفاعلين الدوليين المنافسين في أفريقيا – وخصوصًا مجموعة فاغنر الروسية. فبينما حرص ماكرون على نفي خوضه “منافسة قديمة على أفريقيا” مع موسكو، إلا أنه في جولته الأفريقية مطلع 2023 حذّر بلهجة قوية من أن المرتزقة الروس يرتكبون انتهاكات في أفريقيا ويستغلون الحكومات الضعيفة. هذا الموقف الفرنسي أتى ضمن محاولة لكسب الرأي العام الأفريقي والدولي، بإظهار فرنسا كطرف أقل سوءًا وأكثر التزامًا بالقانون الدولي مقارنةً بالبدائل الروسية أو غيرها.
على الرغم من بداية تبلور بعض نتائج إستراتيجية القوة الناعمة الفرنسية، إلا أن المؤشرات الراهنة تظل متباينة وتكشف عن نجاح محدود أكثر منه اختراقًا نوعيًا. فقد أظهرت استطلاعات 2022–2023 تحسنًا طفيفًا في شعبية فرنسا لدى شرائح من الشباب المتعلم في دول مثل ساحل العاج والسنغال،[31] إلا أن هذا التحسن يبقى هشًّا وقابلًا للارتداد أمام أي أزمات مستقبلية. في المقابل، يُعد تنامي التعاون الثقافي والاقتصادي مع قوى أفريقية غير فرنكوفونية — كنيجيريا وكينيا وجنوب أفريقيا — تطورًا لافتًا،[32] يعكس سعي باريس الحثيث لكسر الطوق الفرنكوفوني التقليدي وتوسيع رقعة نفوذها الناعم. ومع ذلك، فإن توظيف القوة الناعمة لم يفلح بعد في محو الرواسب التاريخية العميقة؛ إذ لا تزال التظاهرات المناهضة لفرنسا تندلع بين الفينة والأخرى، وإن بوتيرة أقل بفعل تقليص الوجود العسكري المباشر. وعليه، يتبدّى أن باريس، وقد أُرغمت على مراجعة أدواتها الاستراتيجية، باتت تراهن على استدامة النفوذ عبر كسب العقول بدلًا من فرض السيطرة بالسلاح، غير أن نجاح هذا الرهان يظل مشروطًا بقدرتها على مرافقة الخطاب الجديد بسياسات أكثر صدقية واحترامًا للسيادة الأفريقية.
الخاتمة: نهاية “فرانسافريك” وبداية شراكات جديدة
تشكل التحولات الأخيرة في الإستراتيجية الفرنسية بأفريقيا معالم أفول منظومة “فرانسافريك” التقليدية وصعود نمط جديد يقوم، اضطرارًا لا اختيارًا، على منطق الشراكة والانكفاء النسبي. ففي الفترة بين 2019 و2025، وجدت باريس نفسها مضطرة، تحت وطأة التغيرات البنيوية في القارة، إلى التخلي عن دور “الشرطي الأحادي” الذي لطالما اضطلعت به في مستعمراتها السابقة، لتتبنى تدريجيًا صورة الشريك الداعم المتواضع. وقد انعكس هذا التحول في الانتقال من العمليات العسكرية الكبرى إلى الدعم اللوجستي والتدريب، ومن الانتشار الدائم إلى الحضور المرن والخفيف، ومن السلوك الأحادي إلى تنسيقات متعددة الأطراف، ومن لهجة الاستعلاء السياسي إلى الاعتراف الرسمي بالأخطاء التاريخية ومغازلة مشاعر الكرامة الوطنية الأفريقية.
غير أن هذه التبدلات، وإن بدت في ظاهرها تعبيرًا عن نضج استراتيجي، تمليها في حقيقتها ضرورات قاهرة فرضها تسارع الانتفاضات الشعبية المناهضة للنفوذ الفرنسي، والانقلابات ضد الحكومات الصديقة، وتآكل المكانة الاقتصادية الفرنسية لصالح قوى صاعدة أخرى. ومع الانسحاب التدريجي للقوات الفرنسية من مالي، والنيجر، وبوركينا فاسو، وتشاد، وساحل العاج والسنغال[33]
ومع جميع ما سبق، فإنّ نهاية هذا النفوذ التقليدي لا تعني بالضرورة انسحاب فرنسا الكامل من أفريقيا أو فقدانها كل نفوذها. بل على العكس، تُشير الدلائل إلى أن باريس تسعى لصياغة نمط شراكات جديدة أكثر توازنًا وابتكارًا. فمن جهة، تستكشف فرنسا تعزيز علاقاتها مع دول أفريقية خارج نطاق الفرنكوفونية التقليدية – كما برز في التقارب الكبير مع نيجيريا وجنوب أفريقيا وكينيا خلال 2023–2024 – بهدف توسيع مجال نفوذها الاقتصادي والجيوسياسي في القارة بشكل لا يستفز الحساسية الاستعمارية. ومن جهة أخرى، تراهن باريس على العمق الأوروبي في إستراتيجيتها الأفريقية، بحيث تغدو مصالحها جزءًا من سياسة أوروبية أوسع تجاه أفريقيا، مستفيدة من ثقل الاتحاد الأوروبي كمظلة مقبولة أفريقياً. أضف إلى ذلك استمرار الأدوات الناعمة الفرنسية – اللغة والثقافة والتعليم – في لعب دور رابط بين فرنسا والشعوب الأفريقية، وهو رصيد يمكن استثماره لتعزيز شراكات طويلة الأمد أقل ارتباطًا بالحكومات وأكثر اتصالًا بالمجتمعات المدنية.
في المحصلة، نهاية المطاف، يلوح في الأفق مع مطلع عام 2025 نمطٌ جديد للعلاقات الفرنسية-الأفريقية، أقل استعلاءً وأكثر ادعاءً بالشراكة والندية. غير أن هذا التحول الظاهري لا يخلو من تساؤلات جوهرية حول مدى صدقيته وعمقه البنيوي. ففرنسا، تحت ضغط الواقع الأفريقي المتغير والمنافسة الدولية المتصاعدة، وجدت نفسها مضطرة لإعادة صياغة أدوات نفوذها، عبر تقليص الوجود العسكري التقليدي وتوجيه الانخراط نحو ميادين أكثر “نعومة” كالتدريب الفني والدعم التنموي. غير أن هذا الانكفاء لم ينبع من قناعة فلسفية بمبدأ المساواة في العلاقات، بقدر ما كان استجابة تكتيكية لانهيار أدوات السيطرة التقليدية وتآكل الشرعية الرمزية التي كانت تستند إليها باريس لعقود.
وإذا كانت فرنسا قد رفعت شعار الشراكات المتكافئة، فإن الوقائع الميدانية تكشف استمرار سعيها لحجز موقع مهيمن ضمن معادلة المصالح الأفريقية، مستندة إلى شبكات النفوذ القديمة ولو تحت مسميات جديدة. ولئن بدت الأعوام 2019–2025 بداية تخلٍّ تكتيكي عن بعض رموز “فرانسافريك”، إلا أن السنوات المقبلة وحدها كفيلة بكشف ما إذا كان هذا التحول سيتجذر كخيار استراتيجي صادق، أم أنه مجرد تعديل شكلي يهدف إلى تطويع الأدوات دون المساس بجوهر المشروع الفرنسي في أفريقيا، الذي يراوح بين ضرورات التكيّف ومقاومة التخلي عن امتيازات الماضي.
[1] Laloupo, Francis. “End of Military Agreements Between France and Chad: Factors and Stakes of a Breakup.” IRIS Interviews / Africa/s, December 3, 2024. https://www.iris-france.org/en/fin-des-accords-militaires-entre-la-france-et-le-tchad-facteurs-et-enjeux-dune-rupture/#:~:text=After%20a%202010s%20decade%20marked,Foreign%20Affairs%E2%80%94further%20reinforced%20this%20trend.
[2] Naranjo, José. “From 10,000 to 2,000 Soldiers in Five Years: France’s Decline in Africa Accelerates.” EL PAÍS, December 12, 2024. https://english.elpais.com/international/2024-12-12/from-10000-to-2000-soldiers-in-five-years-frances-decline-in-africa-accelerates.html.
[3] نجم الدين، حكيم. “ماكرون يغير خطته في أفريقيا.. ما هي؟” الجزيرة نت، 27 فبراير 2025. https://www.aljazeera.net/opinions/2025/2/27/ماكرون-يغير-خطة-فرنسا-في-أفريقيا-ما-هي
[4] مرجع سابق
[5] N’Gotta, Toussaint. “Ivory Coast Takes Control of Last Remaining French Base as French Military Departs.” AP News, February 20, 2025. https://apnews.com/article/e2c46d7802041a5bc474e9edee7206c4.
[6] المرجع السابق
[7] Brown, Will, and Suzanne Tisserand. “Why France Should Close Its Permanent Military Bases in Africa.” European Council on Foreign Relations, December 20, 2024. https://ecfr.eu/article/why-france-should-close-its-permanent-military-bases-in-africa/.
[8] France 24. “EU’s Takuba Force Quits Junta-Controlled Mali.” France 24, July 1, 2022. https://www.france24.com/en/africa/20220701-eu-s-takuba-force-quits-junta-controlled-mali.
[9] N’Gotta, Toussaint. “Ivory Coast Takes Control of Last Remaining French Base as French Military Departs.” AP News, February 20, 2025. https://apnews.com/article/french-troops-ivory-coast-e2c46d7802041a5bc474e9edee7206c4.
[10] مصدر سابق
[11] Chrisafis, Angelique. “Macron Pledges to Reduce French Military Presence in Africa.” The Guardian, February 27, 2023. https://www.theguardian.com/world/2023/feb/27/macron-pledges-to-reduce-french-military-presence-in-africa.
[12] المرجع السابق
[13] Al Jazeera. “Last Set of French Troops Exit Niger as Sahel Sheds Parisian Influence.” Al Jazeera, December 22, 2023. https://www.aljazeera.com/news/2023/12/22/last-set-of-french-troops-exit-niger-as-sahel-sheds-parisian-influence.
[14] Bryant, Lisa. “French Departure From Niger Underscores Fading Influence.” Voice of America, December 28, 2023. https://www.voanews.com/a/french-departure-from-niger-underscores-fading-influence/7416467.html.
[15] Laloupo, Francis- المرجع السابق
[16] Lewis, David, and John Irish. “France on the Back Foot in Africa After Chadian Snub.” Reuters, November 29, 2024. https://www.reuters.com/world/france-back-foot-africa-after-chadian-snub-2024-11-29/.
[17] N’Gotta, Toussaint. “Ivory Coast Takes Control of Last Remaining French Base as French Military Departs.” AP News, February 20, 2025. https://apnews.com/article/french-troops-ivory-coast-e2c46d7802041a5bc474e9edee7206c4.
[18] Brown, Will, and Suzanne Tisserand- المرجع السابق
[19] Chrisafis, Angelique. “Macron Pledges to Reduce French Military Presence in Africa.” The Guardian, February 27, 2023. https://www.theguardian.com/world/2023/feb/27/macron-pledges-to-reduce-french-military-presence-in-africa.
[20] مصدر سابق
[21] Brown, Will, and Suzanne Tisserand. “Why France Should Close Its Permanent Military Bases in Africa.” European Council on Foreign Relations, December 20, 2024. https://ecfr.eu/article/why-france-should-close-its-permanent-military-bases-in-africa/.
[22] المصدر ذاته
[23] France 24. “EU’s Takuba Force Quits Junta-Controlled Mali.” France 24, July 1, 2022. https://www.france24.com/en/africa/20220701-eu-s-takuba-force-quits-junta-controlled-mali.
[24] مصدر سابق
[25] David Lewis and John Irish, “France on the Back Foot in Africa After Chadian Snub,” Reuters, November 29, 2024, https://www.reuters.com/world/france-back-foot-africa-after-chadian-snub-2024-11-29/.
[26] Chrisafis, Angelique- المرجع ذاته
[27] Naranjo, José. “From 10,000 to 2,000 Soldiers in Five Years: France’s Decline in Africa Accelerates.” El País, December 12, 2024. https://english.elpais.com/international/2024-12-12/from-10000-to-2000-soldiers-in-five-years-frances-decline-in-africa-accelerates.html.
[28] حكيم نجم الدين، المرجع السابق
[29] Domingues dos Santos, Elisa. “Nouveau Sommet Afrique-France : la continuité masquée de la politique africaine d’Emmanuel Macron.” Institut français des relations internationales (Ifri), 27 octobre 2021. https://www.ifri.org/fr/editoriaux/nouveau-sommet-afrique-france-la-continuite-masquee-de-la-politique-africaine-demmanuel.
[30] مصدر سابق
[31] Will Brown and Suzanne Tisserand, “Why France Should Close Its Permanent Military Bases in Africa,” European Council on Foreign Relations, December 20, 2024, https://ecfr.eu/article/why-france-should-close-its-permanent-military-bases-in-africa/.
[32] مرجع سابق
[33] Chikhachev, Alexei. “France in Africa: Retreat Continues.” Valdai Discussion Club, February 18, 2025. https://valdaiclub.com/a/highlights/france-in-africa-new-year-same-crisis/.