موزمبيق على صفيح ساخن .. بين شعب يريد التغيير ونظام متشبث بالسلطة
مقدمة
تعتبر الانتخابات أحد الأركان الأساسية للديمقراطية، حيث تعكس إرادة الشعب وتحدد مصير الدول. وفي موزمبيق، شهدت العملية الانتخابية الأخيرة العديد من التحديات والأزمات التي أثرت على استقرار البلاد وأمنه، من حيث التوترات السياسية بين الأحزاب الرئيسية إلى الاتهامات بالتلاعب والتزوير، أصبحت الانتخابات الأخيرة في موزمبيق موضوعًا يثير التساؤلات عن حقيقة ما يحدث هناك في ظل عدم تسليط الضوء على هذه الأزمة بشكل كافي. تسلط هذه الورقة الضوء على أزمة الانتخابات في موزمبيق، مستعرضةً الأبعاد السياسية والاجتماعية والاقتصادية لهذه القضية، وتأثيرها على مستقبل البلاد. كما سنتناول أيضًا كيفية تفاعل المجتمع الدولي والإقليمي مع هذه القضية، والسيناريوهات المحتملة ومآلاتها.
أزمة نتائج الانتخابات
أثارت الانتخابات الرئاسية الأخيرة في موزمبيق، التي أجريت في 9 أكتوبر 2024، أزمة سياسية حادة بسبب الاتهامات بالتزوير وانتهاكات حقوق الإنسان التي صاحبت الإعلان عن نتائجها. فقد أُعلن فوز المرشح دانيال تشابو من حزب فريليمو الحاكم بنسبة 71% من الأصوات، فيما حصل منافسه فينانسيو موندلين، مرشح حزب “بوديموس” المعارض، على 20% فقط. وقد أثار هذا الإعلان احتجاجات واسعة من قبل أنصار المعارضة الذين طالبوا بإعادة فرز الأصوات، مؤكدين وقوع مخالفات كبيرة في سير العملية الانتخابية.([1])
رداً على الاحتجاجات، واجهت السلطات الأمنية في موزمبيق المتظاهرين بعنف كبير، حيث استخدمت الشرطة الرصاص الحي والغاز المسيل للدموع لتفريقهم، مما أسفر عن مقتل 11 شخصًا على الأقل وإصابة العشرات بجروح خطيرة. وقد تم اعتقال أكثر من 400 شخص بتهم تتعلق بالإخلال بالنظام العام، مما زاد من حالة الاحتقان والغضب الشعبي. ورداً على ذلك، انتقدت منظمات حقوقية دولية، منها “هيومن رايتس ووتش” و”العفو الدولية”، استخدام القوة المفرطة من قبل السلطات، داعيةً الحكومة إلى احترام حق الشعب في التعبير السلمي وحرية التجمع.
وقد شهدت العملية الانتخابية نفسها انتقادات واسعة، حيث أشار مراقبون من الاتحاد الأوروبي إلى وجود مخالفات في فرز الأصوات ومنعهم من الوصول إلى مراكز الاقتراع، وهو ما أضاف إلى الشكوك حول نزاهة الانتخابات. كما فرضت السلطات قيودًا على وسائل التواصل الاجتماعي، في خطوة اعتبرتها منظمات حقوقية قمعًا إضافيًا لحرية التعبير وسط موجة الاحتجاجات المتصاعدة. ([2])
وأثارت هذه الأزمة القلق من استمرار التصعيد في موزمبيق، مع استمرار المعارضة في الدعوة إلى مظاهرات جديدة للضغط على الحكومة لإجراء تحقيق شفاف في نتائج الانتخابات وحماية حقوق المواطنين في التعبير عن آرائهم بحرية وسلام. حيث تظهر الاحتجاجات العارمة في معظم أنحاء البلاد، رغبة شعبية لازاحة الحزب الحاكم المتشبث بالسلطة منذ 49 عاما وحتى الآن ما يعادل نحو خمسة عقود، وهو من بين دول الجنوب الأفريقي، الذي ظل في السلطة لأطول فترة.
الأبعاد السياسية
تحمل أزمة الانتخابات في موزمبيق أبعادًا سياسية متعددة، تركزت حول الصراع بين الحكومة والمعارضة، وكذلك على كيفية تعامل النظام السياسي مع مطالب الإصلاح الديمقراطي وضغوط المجتمع الدولي. وفرضت الحكومة قيودًا على الإنترنت وحجبت وسائل التواصل الاجتماعي منذ 25 أكتوبر، كما اغتيل اثنان من كبار شخصيات المعارضة في 19 أكتوبر، مما أدى إلى المزيد من الاضطرابات.([3])
وتعد هذه الأزمة استمرارًا لسيطرة حزب “فريليمو” الحاكم على السلطة في موزمبيق منذ استقلالها في السبعينيات. الفوز الكاسح الذي أُعلن لصالح المرشح دانيال تشابو بنسبة 71% من الأصوات أثارت الشكوك، حيث اتهمت المعارضة الحزب بالتلاعب في نتائج الانتخابات لضمان بقائه في السلطة. هذه الاتهامات تعكس تاريخ الحزب في التعامل مع المعارضة من خلال التضييق على الحريات، وهو ما يعكس محاولة لتثبيت النظام القائم وتفادي التغيير الذي تطالب به المعارضة وتقريبا النسبة العظمى من الشعب.
وقاد فينانسيو موندلين، مرشح المعارضة من حزب “بوديموس”، احتجاجات واسعة بعد الانتخابات، مطالبًا بإعادة فرز الأصوات، مما يعكس تنامي المعارضة ورغبتها في كسر احتكار السلطة من قبل الحزب الحاكم. حيث تستند المعارضة إلى دعم شعبي كبير، تسعى إلى توسيع نطاق تأثيرها، خاصة مع تزايد الاحتجاجات التي تضغط على الحكومة للانصياع لمطالب الإصلاح وإعادة النظر في القوانين الانتخابية لضمان النزاهة والشفافية في المستقبل.
تلقت الأزمة اهتمامًا دوليًا واسعًا، حيث أبدت المنظمات الدولية مثل الاتحاد الأوروبي ومنظمات حقوق الإنسان قلقها من القمع العنيف للمتظاهرين والقيود على وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي. هذا الاهتمام يسلط الضوء على انزعاج المجتمع الدولي من انتهاكات حقوق الإنسان في موزمبيق، وهو ما قد يؤدي إلى ضغوط خارجية متزايدة على الحكومة لتحسين سجلها في الحوكمة واحترام الحقوق المدنية. [4]
تشير التقارير إلى انتهاكات حقوق الإنسان خلال قمع الاحتجاجات، بما في ذلك استخدام الرصاص الحي واعتقال مئات الأشخاص. هذا القمع يعكس نهجًا قمعيًا من قبل الحكومة تجاه المعارضة، مما يزيد من حالة التوتر السياسي ويعزز مطالبات الإصلاح. القمع يعيد إلى الأذهان أحداث مشابهة خلال الانتخابات المحلية عام 2023، مما يدل على توجه مستمر لتكميم الأفواه والتضييق على الحقوق الأساسية، وهو ما يزيد من احتمالية التوتر الاجتماعي والسياسي على المدى الطويل. هذه الأبعاد تشير إلى أن أزمة الانتخابات في موزمبيق ليست مجرد نزاع انتخابي بل هي انعكاس لصراع أكبر بين قوى التغيير والسلطة الحاكمة المتمسكة بكرسي الرئاسة، حيث يتوقع أن تستمر التوترات وسط تحديات داخلية وضغوط خارجية، مما يثير تساؤلات حول مستقبل الديمقراطية والاستقرار في البلاد.
الأبعاد الاجتماعية
تركت أزمة الانتخابات آثارًا اجتماعية عميقة تتجاوز البعد السياسي لتشمل النسيج المجتمعي، مما أوجد حالة من الانقسام والقلق بين فئات الشعب. تتجلى الأبعاد الاجتماعية لهذه الأزمة في عدة جوانب. فقد شهدت الانتخابات استقطابًا حادًا بين مؤيدي الحزب الحاكم (فريليمو) والمعارضة، وخاصة أنصار مرشح حزب “بوديموس” المعارض، فينانسيو موندلين. هذا الاستقطاب أثر على العلاقات الاجتماعية بين أفراد المجتمع، حيث أصبح الانتماء السياسي محط خلاف ونزاع في المجتمع، مما قد يؤدي إلى تعزيز روح العداء وعدم الثقة بين فئات المجتمع، ويفاقم من الانقسامات الطبقية والإثنية.
كما تسببت الأزمة في تراجع مستوى الأمان الاجتماعي، حيث تعرضت العديد من التجمعات الشبابية والنسائية للمضايقات والقمع بسبب المشاركة في الاحتجاجات السلمية. وتعد الفئات الشابة الأكثر تضررًا بسبب القمع العنيف، مما يزيد من شعورها بالإحباط ويدفعها للبحث عن طرق تعبير بديلة قد تكون محفوفة بالمخاطر، ويؤثر على تطلعاتهم نحو مستقبل أكثر عدالة وشفافية.
ونتيجة للاتهامات الواسعة بالتلاعب بالانتخابات والقمع العنيف للمظاهرات، تراجع مستوى الثقة لدى المواطنين في المؤسسات الوطنية مثل اللجنة الانتخابية والقوات الأمنية، حيث باتت هذه المؤسسات تُعتبر في نظر الكثيرين منحازة لصالح الحزب الحاكم. هذا الانعدام في الثقة يؤدي إلى تراجع الالتزام المجتمعي بالقوانين ويضعف الانتماء الوطني.
وقد تعطلت الحياة اليومية في العديد من المناطق بسبب الاحتجاجات والقمع، مما أثر على الأنشطة الاقتصادية وعرقلة وصول السكان إلى الخدمات الأساسية، مثل الصحة والتعليم. أدى القمع إلى حالة من الخوف بين المواطنين، ما أثر على قدرتهم على التنقل والعمل، خاصةً في المناطق التي شهدت اضطرابات واسعة.
كما فرضت الحكومة قيودًا على وسائل التواصل الاجتماعي للتقليل من انتشار الاحتجاجات، ما أثار استياءً واسعًا في المجتمع الذي يعتمد بشكل كبير على هذه المنصات للتعبير عن آرائه والتواصل حول القضايا الاجتماعية والسياسية. هذا القمع أدى إلى تقييد الفضاء العام، حيث أصبح المواطنون مترددين في التعبير عن آرائهم خوفًا من الاعتقال أو العقاب، مما يؤثر على المشاركة المجتمعية ويضعف الحوار المجتمعي البناء
وكل تلك الأمور تشير إلى أن أزمة الانتخابات تتجاوز الساحة السياسية، لتمس جوانب الحياة الاجتماعية وتؤثر سلبًا على استقرار المجتمع ووحدته، مما يستدعي إعادة النظر في أساليب الحكم وتعزيز الشفافية والمصالحة الوطنية لضمان تحقيق الاستقرار الاجتماعي في موزمبيق.
الأبعاد الاقتصادية
الأزمة الموزمبيقية أثرت بشكل كبير على الوضع الاقتصادي في البلاد من عدة جوانب، حيث أدت إلى زيادة حالة عدم الاستقرار التي تعاني منها موزمبيق وأثرت سلباً على الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية. فمع استمرار الاضطرابات والاحتجاجات، يزداد قلق المستثمرين الأجانب تجاه الاستقرار السياسي والاقتصادي في موزمبيق، خاصة مع تصاعد العنف وتقييد حرية التعبير. وتسببت هذه المخاوف في تراجع شهية المستثمرين للاستثمار في القطاعات الحيوية مثل الغاز الطبيعي، الذي يُعد واحدًا من أهم موارد الدخل في البلاد. مما قد يؤدي إلى تأخير تنفيذ مشاريع الطاقة الكبرى ويحد من تحقيق النمو الاقتصادي المتوقع
كما أن السياحة تعد مصدرًا مهمًا للدخل في موزمبيق، ولكن مع زيادة التقارير عن القمع وانتهاكات حقوق الإنسان، يعيد العديد من السياح النظر في زيارتهم للبلاد. إذ إن انتشار الاضطرابات يولد صورة سلبية عن البلاد كوجهة سياحية، وهو ما يؤدي إلى انخفاض الإيرادات السياحية ويفاقم من أزمة البطالة بين الشباب العاملين في هذا القطاع.
وبسبب الاحتجاجات والاضطرابات، اضطرت الحكومة إلى تخصيص موارد مالية إضافية لتعزيز الأمن، مثل زيادة القوات الأمنية في الشوارع وتكثيف الرقابة على وسائل التواصل الاجتماعي. هذا الإنفاق غير المخطط له يزيد من عبء الميزانية الحكومية، مما يؤدي إلى تقليص الإنفاق على الخدمات الأساسية، مثل الصحة والتعليم والبنية التحتية، وبالتالي يؤثر سلباً على معيشة المواطنين ونوعية الخدمات المقدمة.
وبالمثل تأثرت الأسواق المحلية نتيجة الاضطرابات المستمرة، حيث توقفت بعض الأنشطة التجارية، وتراجع الإقبال على الشراء بسبب حالة عدم الأمان والخوف من التواجد في المناطق العامة. كما أن فرض قيود على الاتصالات أثر على الأنشطة التجارية الصغيرة التي تعتمد على الإنترنت والتواصل الاجتماعي في ترويج منتجاتها، مما أدى إلى تراجع دخل العديد من العائلات.
تعاني موزمبيق من مستويات مرتفعة من الفقر، وأزمة الانتخابات من المحتمل أن تؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي بسبب تراجع الثقة في مناخ الأعمال وزيادة التكاليف التشغيلية للشركات. وبذلك تزداد معدلات البطالة والفقر مع انعدام فرص العمل، وهو ما يعمق من الفجوة الاقتصادية ويؤدي إلى مزيد من التوترات الاجتماعية
ردود الأفعال الدولية والمنظمات الإقليمية
أثارت أزمة الانتخابات في موزمبيق ردود فعل واسعة من قبل المجتمع الدولي والمنظمات الإقليمية، حيث عبرت العديد من الدول والمنظمات عن قلقها من التطورات الأخيرة، خصوصًا فيما يتعلق بالعنف المستخدم ضد المتظاهرين وادعاءات التزوير في العملية الانتخابية.
الاتحاد الأوروبي:
أعرب الاتحاد الأوروبي عن مخاوفه بشأن نزاهة الانتخابات، حيث لاحظت بعثة المراقبة الأوروبية وجود انتهاكات في عملية فرز الأصوات والتلاعب بنتائجها. وأكد الاتحاد على أهمية الشفافية في العمليات الانتخابية، داعيًا الحكومة الموزمبيقية إلى تقديم نتائج مفصلة حسب مراكز الاقتراع كإجراء ضروري لضمان مصداقية النتائج. كما أشار الاتحاد إلى ضرورة حماية حقوق الإنسان والحق في الاحتجاج السلمي، محذرًا من استمرار العنف وتأثيره على استقرار البلاد
موقف هزيل للاتحاد الأفريقي:
بالرغم من أن الاتحاد الأفريقي أصدر بيان 21 أكتوبر 2024 ولكنه وصف بالهزيل وغير الصارم للمطالبة بوقف العنف، حيث أشار الى ضرورة الالتزام بالمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان، ودعا إلى حل سلمي للأزمة وضمان مشاركة كل الأطراف في الحوار. ومنذ ذلك البيان لم يلحقه بأي موقف آخر، بالرغم من استمرار عمليات العنف والمواجهات بين أفراد الشعب ورجال الأمن. وتواجه المنظمة انتقادات لاذعة لعدم منح الأزمة الاهتمام اللازم لوقف اراقة الدماء في موزمبيق. )[5](
الأمم المتحدة
نددت الأمم المتحدة وعدد من منظمات حقوق الإنسان، مثل “هيومن رايتس ووتش” و”العفو الدولية”، بالاستخدام المفرط للقوة ضد المتظاهرين وتقييد حرية التعبير. وطالبت الأمم المتحدة الحكومة الموزمبيقية بضمان سلامة المتظاهرين واحترام حقوقهم في التجمع السلمي. كما دعت إلى إجراء تحقيقات شاملة وشفافة في حوادث القمع والعنف، مشيرة إلى أن تقييد وسائل التواصل الاجتماعي يضعف من قدرة المواطنين على التعبير
وإلى جانب الإدانات، شددت الدول الغربية، مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، على أهمية تعزيز الشفافية والإصلاح الديمقراطي في موزمبيق. فقد عبّرت عن استعدادها لتقديم الدعم الفني والتقني لمساعدة موزمبيق على تحسين العملية الانتخابية، كما حذرت من أن استمرار الوضع قد يؤدي إلى عقوبات اقتصادية أو قيود على التعاون الدولي إذا لم يتم اتخاذ إجراءات حاسمة لضمان احترام حقوق المواطنين.
وفي المقابل وبالرغم من كل الشواهد التي تشير الى عمليات التزوير وعدم الشفافية في الانتخابات إلا أن العديد من رؤساء الدول قدموا التهنئة للرئيس المنتخب دانييل تشابو بما في ذلك رؤساء جنوب إفريقيا وزيمبابوي وتنزانيا وفنزويلا، بالإضافة إلى الحكومة الصينية.
إجمالاً، يعكس هذا التفاعل الدولي والإقليمي قلقاً كبيراً من تأثير الأزمة على استقرار موزمبيق وحقوق الإنسان فيها، وقد يشكل ضغطاً إضافياً على الحكومة الموزمبيقية لاتخاذ خطوات نحو حل الأزمة بطرق سلمية وإجراء إصلاحات ديمقراطية لضمان استقرار البلاد وتحقيق التنمية المستدامة.
السيناريوهات المتوقعة لمسار الأزمة
ان أزمة الانتخابات الرئاسية في موزمبيق تضع البلاد أمام عدة سيناريوهات محتملة تتراوح بين التصعيد والتهدئة، وذلك بناءً على استجابة الحكومة والمعارضة لللضغوط الدولية. فيما يلي بعض السيناريوهات المتوقعة لمستقبل الأزمة:
الحوار الوطني والإصلاحات الديمقراطية:
قد تضطر الحكومة، تحت الضغط الدولي ونتيجة تصاعد الاحتجاجات، إلى الدخول في حوار وطني مع المعارضة وتقديم تنازلات مثل إعادة فرز الأصوات أو إجراء مراجعة للنتائج بشكل شفاف. هذا السيناريو يتطلب تعاونًا من جميع الأطراف، بما فيها الحكومة وحزب “فريليمو” الحاكم، والمجتمع الدولي. إذا تم تنفيذ إصلاحات ديمقراطية حقيقية، فإن ذلك قد يساهم في استعادة الثقة في النظام السياسي وتحقيق الاستقرار على المدى الطويل. وهذا السيناريو يبدو ضعيف ولكنه غير مستبعد
المزيد من القمع والتشدد:
في حال استمرار الحكومة في استخدام العنف ضد المتظاهرين وتجاهل الدعوات الدولية والمحلية للحوار، قد يؤدي ذلك إلى تزايد الاحتجاجات والتوترات الاجتماعية. هذا السيناريو قد يؤدي إلى انهيار الثقة بالكامل بين المواطنين والنظام، مما يزيد من احتمالات حدوث اضطرابات داخلية واسعة، ويؤثر سلبًا على الاقتصاد والاستثمار في البلاد. قد تواجه موزمبيق في هذه الحالة عزلة دولية وعقوبات اقتصادية محتملة. وهذا السيناريو يعتبر مرجح نوعا ما
سيناريو الوساطة الدولية:
قد يتدخل المجتمع الدولي، مثل الأمم المتحدة أو الاتحاد الأفريقي، للقيام بدور الوسيط بين الحكومة والمعارضة بهدف الوصول إلى حل سلمي. هذا السيناريو يمكن أن يشمل إرسال بعثة تحقيق دولية أو مبعوث خاص لمساعدة الأطراف على التوصل إلى اتفاق حول إعادة النظر في العملية الانتخابية وإطلاق حوار شامل يشمل مختلف الأطياف السياسية. وهذا السيناريو مرجح جدا حيث تطمع القوى الغربية للتدخل من أجل منافع اقتصادية أهمها احتياطات الغاز الوفيرة في موزمبيق.
سيناريو الانقسام السياسي والاجتماعي المطوّل:
إذا استمرت الأزمة دون حل ورفضت الحكومة أو المعارضة التنازل، فقد يؤدي ذلك إلى استمرار حالة الانقسام والاستقطاب السياسي والاجتماعي. في هذا السيناريو، يمكن أن تؤدي الأزمة إلى تأجيج الصراعات بين مختلف مكونات المجتمع، مما يؤثر على الاستقرار المجتمعي ويعزز من قوة المعارضة غير النظامية وربما يؤدي إلى تصعيد العنف داخل البلاد.
سيناريو انتخابات مبكرة أو إعادة انتخابات جزئية:
في ظل تصاعد الضغوط، قد تقرر الحكومة، بتوصية من المجتمع الدولي أو الاتحاد الأفريقي، إجراء انتخابات جديدة أو جزئية في بعض المناطق. هذا الخيار قد يكون جزءًا من تسوية سياسية تتضمن مشاركة دولية في مراقبة الانتخابات وضمان نزاهتها. قد يساعد هذا السيناريو على تهدئة الأوضاع ولو بشكل مؤقت، ولكنه يتطلب تعاونًا قويًا من كافة الأطراف المعنية.
وتعتمد مآلات الأزمة على مدى استعداد الحكومة والمعارضة لتقديم تنازلات والعمل على إصلاح النظام الانتخابي والديمقراطي. الضغوط الدولية يمكن أن تلعب دورًا هامًا في دفع الأطراف نحو حل سلمي، إلا أن استمرار النظام بمحاولة التشبث بالحكم في ظل رغبة شعبية جامحة للتغيير ستؤدي بالتأكيد الى وضع موزمبيق على صفيح ساخن حيث أن الوضع لا يزال متوترا حتى الآن، مع تزايد المخاوف بشأن احتمال تصعيد العنف والمزيد من عدم الاستقرار السياسي في البلاد.
الهوامش
[1] Mozambique’s ruling party wins landslide in disputed poll, 24 October 2024, access 5th Nov. 2024. https://www.bbc.com/news/articles/c14lzy75355o
[2] EU observers say ‘unjustified alteration’ of Mozambique election results, 22 Oct 2024, access 5th Nov. 2024. https://www.aljazeera.com/news/2024/10/22/eu-observers-say-unjustified-alteration-of-mozambique-election-results
[3] Gunmen kill two Mozambique opposition figures ahead of election protests, October 19, 2024, access 6th 2024. https://www.reuters.com/world/africa/gunmen-kill-two-mozambique-opposition-figures-ahead-election-protests-2024-10-19/
[4] Mozambique: Post-Election Internet Restrictions Hinder Rights, November 6, 2024, access 6th Nov. 2024. https://www.hrw.org/news/2024/11/06/mozambique-post-election-internet-restrictions-hinder-rights
[5] African Union chief condemns post-election violence in Mozambique, 21.10.2024, access 6th Nov. 2024. https://www.aa.com.tr/en/africa/african-union-chief-condemns-post-election-violence-in-mozambique/3369016