الأمنالإرهابالاستخباراتالحركات المسلحةتقدير المواقفصنع السلام

مالي نحو الانتخابات في 2025؟ التحديات والآفاق

مقدمة:

تستعد جمهورية مالي في خضم مفترق طرق حاسم لخوض عملية انتخابية مهمة بعد فترة انتقالية طويلة تميزت باضطرابات سياسية وأمنية كبيرة. ففي عام واحد، شهدت البلاد انقلابين عسكريين، الأول في 18 أغسطس 2020 الذي أطاح بالرئيس إبراهيم بوبكر كيتا، تلاه انقلاب آخر في 24 مايو 2021 ضد الحكومة الانتقالية المدنية التي كانت برئاسة باه اندو. وقد كان لهذه الأحداث تأثير مدمر على استقرار ومصداقية المؤسسات المالية.

رداً على تراجع السلطات العسكرية في مالي عن وعودها بتنظيم الانتخابات في فبراير 2022، فرضت منظمة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) عقوبات تضمنت إغلاق الحدود البرية والجوية مع البلاد وتعليق المعاملات التجارية، باستثناء المنتجات الطبية والضروريات الأساسية. وتمت فرض عقوبات مماثلة من قبل الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي، مما أسفر عن تفاقم عزلة مالي على الساحة الدولية. بالإضافة إلى ذلك، أوقف البنك الدولي دعمه المالي لفترة مطولة، مما عمق الأزمة الاقتصادية في البلاد. وقد ساهمت هذه الظروف القاسية في تفاقم الأزمات وأثرت سلباً على نوعية حياة الماليين، مما زاد من المخاوف بشأن قدرة النظام السياسي على ضمان إجراء انتخابات آمنة ونزيهة.  وبعد أشهر من التسويات والمفاوضات، تم رفع هذه العقوبات تدريجياً كجزء من جهود الضغط على قادة المرحلة الانتقالية.

ويواجه الماليون الآن نقطة تحول حاسمة قد تعيد تحديد مستقبلهم الديمقراطي. حيث أورد مشروع قانون المالية لعام 2025، الذي يدرسه البرلمان الانتقالي حالياً، تخصيصات مالية أساسية لتنظيم الانتخابات. ومع ذلك، تثير هذه الميزانية العديد من الأسئلة حول كيفية تعبئة الموارد واستخدامها بشكل فعال، فضلاً عن الآثار المحتملة للوضع الاقتصادي المتدهور الذي لا يزال يؤثر بشكل كبير على ظروف المعيشة للناخبين.

إلى جانب ذلك، يتسبب عدم الاستقرار السياسي، المتفاقم بسبب التوترات الاجتماعية والسياسية، في إضعاف الثقة في قدرة السلطات على ضمان انتخابات شفافة وشاملة. وفي الوقت نفسه، يساهم تدهور الوضع الأمني في العديد من مناطق البلاد، والذي يتسم بالهجمات المتكررة من الجماعات الجهادية، والعنف الطائفي، وزيادة حالات الإفلات من العقاب، في تعقيد المشهد الانتخابي. فالتحديات غير المسبوقة التي تطرحها هذه الجماعات المسلحة تشكل تهديداً دائماً لأمان المواطنين ونزاهة العملية الانتخابية.

في هذا السياق الهش، يصبح البحث عن إجماع وطني وحوار شامل والتزام حقيقي من جميع أصحاب المصلحة أمراً بالغ الأهمية لضمان إجراء انتخابات سلمية في عام 2025. وتمثل هذه الانتخابات اختباراً حقيقياً لقدرة البلاد على استعادة الثقة في مؤسساتها وإعادة ترسيخ سيادة القانون في بلد تعرض لأزمات متتالية.

ومع اقتراب عام 2025 الذي قد يشهد الانتخابات الرئاسية الأولى منذ أكثر من ست سنوات، يبقى السؤال: هل تسير مالي حقاً نحو الانتخابات، أم أن هناك عقبات غير قابلة للتجاوز تعيق هذه الخطوة الحيوية نحو تحقيق الخلاص الديمقراطي؟

1. هل تتجه مالي نحو الانتخابات في العام المقبل؟

تشكل مسألة تنظيم الانتخابات الرئاسية في مالي عام 2025 موضوعاً للعديد من التساؤلات، غير أن الدلائل تشير إلى وجود إرادة حقيقية للمضي قدماً في هذا الاتجاه. فقد تم استعادة الفصل الخاص “بالانتخابات” الذي تم حذفه من قانون المالية لعام 2024 في مشروع قانون المالية لعام 2025، حيث تم تخصيص ميزانية انتخابية قدرها 80.7 مليار فرنك أفريقي. بالإضافة إلى ذلك، ستزداد الميزانية المخصصة للسلطة المستقلة لإدارة الانتخابات من 4.9 إلى 6 مليارات فرنك أفريقي، مما يدل على التزام محتمل بضمان سير الانتخابات بشكل جيد.

منذ 7 أكتوبر 2024، يعقد المجلس الوطني الانتقالي، الهيئة التشريعية المؤقتة، جلسة مخصصة لدراسة واعتماد قانون المالية لعام 2025. يبلغ إجمالي الميزانية المقدرة 2,648.9 مليار فرنك أفريقي. وفي صميم هذا النقاش، تم تخصيص مبلغ 80 مليار فرنك أفريقي للعمليات الانتخابية، مما أثار تفاؤلاً حذراً بين المراقبين، على الرغم من وجود العديد من التحديات التي لا تزال قائمة لضمان نجاح هذه العملية.

تشير التخصيصات المالية الخاصة بالانتخابات إلى الإرادة الرسمية لإعداد الساحة لعملية انتخابية شاملة. ومع ذلك، من الضروري ضمان تعبئة الموارد اللوجستية والبشرية اللازمة، بما في ذلك الحملات التوعوية وتسجيل الناخبين، بهدف تشجيع مشاركة واسعة من المواطنين.

إن الأهمية الاستراتيجية لانتخابات 2025 لا يمكن إنكارها. ويمكن أن تحدد هذه المناقشات في المجلس الوطني الانتقالي ليس فقط معالم العملية الانتخابية، ولكن أيضاً تقدم فرص جديدة لشخصيات ناشئة وتعزز من المنافسة الانتخابية بشكل أكثر عدلاً.

يمثل مشروع قانون المالية لعام 2025، الذي أعدته وزارة الاقتصاد والمالية، عودة الاعتبارات الانتخابية إلى الميزانية الوطنية بعد استبعادها في العام السابق.  ميزانية الانتخابات، التي ترتفع من 70.75 مليار فرنك أفريقي في عام 2023 إلى 80.75 مليار في عام 2025، تعكس الالتزام بتعزيز العملية الديمقراطية.

ومع ذلك، على الرغم من هذه العناصر المشجعة، تبقى التواريخ الدقيقة لإجراء الانتخابات غير مؤكدة. فقد تم تأجيل الانتخابات الرئاسية، التي كانت مقررة في الأصل لشهر فبراير 2024، دون تحديد جدول زمني جديد.

لذا، بينما تشير العلامات الإيجابية إلى أن مالي قد تتجه نحو انتخابات في 2025، فإن تحقيق هذه النية يعتمد على مجموعة من العوامل، بما في ذلك التنفيذ الفعال للميزانية الانتخابية والالتزام الحقيقي من السلطات باحترام مبادئ الشفافية والنزاهة الانتخابية.

2. لماذا تأجلت انتخابات مالي لعام 2024؟

 في خطوة مفاجئة، قرر المجلس العسكري في مالي في سبتمبر 2023 عن تأجيل الانتخابات الرئاسية التي كانت من المقرر إجراؤها في 4 و18 فبراير 2024. على الرغم من التأكيدات المتكررة بأنه سيجريها. وقد برر الجنرال عبد الله ميغا، المتحدث باسم الحكومة، التأجيل بأنه مرتبط بـ “أسباب فنية”، تتمثل في ضرورة الامتثال للأحكام الواردة في الدستور الجديد، الذي يتطلب تعديلات على قانون الانتخابات بالإضافة إلى مراجعة القوائم الانتخابية.

وأضاف بأن هناك أيضًا عامل آخر وراء هذا التأجيل يتعلق بنزاع مع الشركة الفرنسية إيديميا، التي تثهمها السلطات بـ(احتجازها) لقاعدة بيانات التعداد الإداري للأحوال المدنية، ووفقاً للبيان الصحفي الصادر عن الحكومة المالية، تطالب الشركة التي كانت مسؤولة بإدارة قاعدة بيانات التعداد الإداري للأحوال المدنية، بمبلغ 5.2 مليار فرنك أفريقي (8.4 مليون دولار) لتزويد السلطات بإمكانية الوصول إلى قاعدة البيانات التي طورتها.  وفي رد فعلها، أعلنت حكومة باماكو رفضها دفع المبلغ المذكور بعد أن أظهر تدقيق العقد وجود 15 مخالفة.

علاوة على ذلك، تواجه السلطات الانتقالية برئاسة الجنرال أسيمي غويتا مجموعة من التحديات المتنوعة الأخرى التي ساهمت أيضًا في هذا التأجيل. أولاً، تعقد حالة عدم الاستقرار الأمني المستمرة في شمال ووسط البلاد، حيث تنشط الجماعات الجهادية وتشكل تهديدًا للأمن العام.

كما أن الأزمة السياسية الناجمة عن التوترات الداخلية خلال فترة الانتقال تتطلب إجراء تعديلات، إذ أكدت السلطات على ضرورة مراجعة الهياكل الانتخابية قبل الشروع في انتخابات نزيهة وشفافة، من أجل ضمان النزاهة والشفافية في الاقتراع.

وأخيرًا، يشكل نقص البنية التحتية والموارد اللازمة لتنظيم الانتخابات في جميع المناطق، خصوصًا تلك المتأثرة بالصراعات، عقبة رئيسية تؤثر على سير العملية الانتخابية. كل هذه التحديات مجتمعة تؤكد الحاجة إلى إعادة النظر في مواعيد الانتخابات، من أجل تهيئة إطار أكثر استقرارًا لإجراء الانتخابات.

3. الجنرال أسيمي غويتا: الترشيح المحتمل؟

تثير مسألة ما إذا كان الرئيس الانتقالي، جنرال الجيش أسيمي غويتا، سيترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة في عام 2025 نقاشات حادة في مالي. على الرغم من عدم صدور أي إعلان رسمي حتى الآن. يعتقد العديد من المراقبين والمحللين السياسيين أن تحركات غويتا الأخيرة عبر البلاد -والتي غالباً ما كانت مصحوبة بافتتاح مشاريع جديدة ومؤتمرات -توحي بأن ترشحه ممكن.

وحتى أن الحوار الداخلي المالي، الذي نظمته السلطات، أوصى بترشيح غويتا في توصياته. ومع ذلك، يثير الدستور الجديد، الذي تم اعتماده وإصداره قبل في عام 2023، تساؤلات حول شرعيته في الترشح، حيث أن الميثاق الوطني الانتقالي لم يسمح له بذلك بشكل واضح. تتنوع الآراء، لكن هناك أصوات تتعالى، بما في ذلك من جمعيات وبعض التشكيلات السياسية الصغيرة، تطالب بترشحه. وقد تشكلت مبادرات لجذب دعم المواطنين نحو هذه الفكرة، بينما يتشكل ائتلاف واسع، لدعم ترشح الرئيس غويتا.

لذا، يبدو أن ترشيح أسيمي غويتا يصبح أكثر احتمالاً، حيث يُنظر إلى خطابه وتنقلاته كعناصر من حملة انتخابية تمهيدية. في الواقع، سلطت عدة مقالات صحفية حديثة الضوء على هذه الطموحات، مشيرة إلى تأثير تدخلاته في مناطق مختلفة مثل كاي وسيكاسو وموبتي.

ومع ذلك، حتى لو اتضحت إمكانية ترشحه، فإن فوزه ليس مضمونًا. هناك أحزاب سياسية مؤثرة، يمكن أن تقدم مرشحين جديرين بالمنافسة مع غويتا. بالإضافة إلى ذلك، فإن القضايا القانونية المختلفة، مثل قضية “الأسمدة المزيفة” وقضية ” التيار الكهربائي”، التي تشمل مقربين من الرئيس الانتقالي، قد تؤثر سلبًا على سمعته.

علاوة على ذلك، أشار الخبير الدستوري الدكتور فوسيني دومبيا إلى أن الميثاق الانتقالي، الذي يُعتبر القانون الأسمى، يمنع أعضاء الحكومة الانتقالية، بما في ذلك الرئيس غويتا، من الترشح للانتخابات. يعتبر هذا النص “خطاً أحمر” لا يمكن تعديله، وهو يهدف إلى منع استيلاء العسكريين على السلطة. في سياق معقد مثل هذا، تظل مسألة ترشح أسيمي غويتا نقطة محورية للنقاشات، مع آثار مهمة على البيئة الاجتماعية والسياسية في مالي مع اقتراب انتخابات عام 2025.

 4. الإصلاحات السياسية والقانون الانتخابي الجديد في مالي:

قدم الحوار الوطني الشامل ومؤتمر إعادة تأسيس الدولة توصيات تهدف إلى معالجة القصور في القوانين الانتخابية السابقة. وفي ضوء ذلك، أصدر رئيس المرحلة الانتقالية، الجنرال أسيمي غويتا، قانونًا انتخابيًا جديدًا في 24 يونيو 2022. وقد أُعتمد هذا النص من قبل المجلس الوطني الانتقالي في 17 يونيو 2022، حيث حصل على موافقة كبيرة بلغت 115 صوتًا مؤيدًا و3 أصوات ضد، دون أي امتناع. يُعتبر هذا القانون خطوة حاسمة نحو تنظيم الانتخابات واستعادة الحكم المدني.

يكرس القانون الجديد ابتكارات رئيسية في المشهد الانتخابي المالي. وأكدت الحكومة أن هذه الإصلاحات سوف تسهم في تبسيط الهياكل المعنية بتنظيم الانتخابات، مما يعزز الكفاءة والأداء والمصداقية للعملية الانتخابية. ومع ذلك، تتعرض الحكومة لانتقادات من بعض قوى المعارضة بسبب نقص التشاور خلال إعداد هذا القانون.

ويأخذ القانون الجديد، الذي يتكون من 225 مادة، بعين الاعتبار الابتكارات المستمدة من الدستور الجديد، الذي يُحَدِّث بشكل جذري نظام الحوكمة الانتخابية في مالي. كما كان من المتوقع تعديل القانون الانتخابي منذ إصدار الدستور الجديد، إذ لم يكن هناك شك في أن أي اقتراع لن يكون صالحًا دون إعادة التكييف التشريعي. تشير هذه المبادرة الحكومية إلى وجود رغبة حقيقية في تنظيم الانتخابات بشكل فعال.

كلف القانون الانتخابي الجديد السلطة المستقلة لإدارة الانتخابات بمهمة تنظيم وإدارة جميع العمليات الانتخابية، وتحديث وحفظ السجل الانتخابي، بالإضافة إلى مسؤوليتها عن استلام ونقل ملفات المرشحين. كما تشرف على فرز بطاقات الاقتراع، وحصر الأصوات، وتوحيد النتائج، وكذلك إعلان ونشر النتائج الأولية للاقتراعات.

تلعب السلطة المستقلة لإدارة الانتخابات أيضًا دورًا مهمًا في إدارة المراقبين الوطنيين والدوليين، وتدريب الفرق الانتخابية، وتنسيق الأنشطة ذات الصلة. كما يتعين عليها نشر وتسليم تقريرها السنوي الرسمي. وتتولى الهيئة مسؤولية إرسال محاضر الاستفتاءات والانتخابات إلى المحكمة الدستورية، بينما تحتفظ بالوثائق وتقوم بالإشراف على مراجعة القوائم الانتخابية.

علاوة على ذلك، تتحمل السلطة المستقلة لإدارة الانتخابات مسؤولية تصميم وطباعة وتسليم بطاقات الاقتراع البيومترية. وتشرف أيضًا على الحملة الانتخابية، وكذلك عمليات تسليم التفويضات، وإعداد ميزانيتها السنوية. ويجب عليها إنشاء آليات تشاورية دائمة بين السلطة المستقلة لإدارة الانتخابات والحكومة والأحزاب السياسية والمجتمع المدني لتعزيز التنسيق.

فيما يتعلق بإعلان الترشيحات، يُسمح لكل حزب معترف به قانونيًا بتقديم مرشحين، وكذلك المرشحين المستقلين. ومع ذلك، يُشترط تقديم كفالة قدرها 25 مليون فرنك أفريقي (حوالي 38 ألف يورو) لضمان قبول الترشيحات في الانتخابات الرئاسية، وتُسترد هذه الكفالة فقط إذا حصل المرشح على 5% على الأقل من الأصوات.

تبدأ الحملة الانتخابية 21 يومًا قبل الاقتراع بالنسبة للانتخابات الرئاسية والتشريعية، بينما سيتم تقليص هذا الموعد إلى 16 يومًا في حالة الاستفتاء. ومع ذلك، يثير القانون الانتخابي الجديد بعض القضايا المثيرة للقلق، خاصة فيما يتعلق بمساعي العسكريين في السلطة. وفقًا لتقرير بعثة مراقبة الانتخابات في مالي، قد يسمح القانون الجديد للعسكريين في المرحلة الانتقالية بالتقدم للانتخابات الرئاسية، بشرط أن يستقيلوا قبل أربعة أشهر من الاقتراع. وقد تؤدي هذه الترتيبات إلى إبقاء العسكريين في السلطة تحت ستار العملية الانتخابية.

تنص المادة 155 من القانون الانتخابي على أنه يجب على أي عضو في القوات المسلحة يرغب في الترشح للمنصب الرئاسي الاستقالة أو طلب التقاعد قبل ستة أشهر على الأقل من انتهاء ولاية الرئيس. ومع ذلك، يتم تقصير هذه الفترة إلى أربعة أشهر في أوقات الانتقال، مما يجعل ترشح الجنرال أسيمي غويتا في الانتخابات الرئاسية المقبلة أمرًا ممكنًا.

بالمجمل، قد يمثل هذا القانون الانتخابي الجديد نقطة تحول حاسمة في المستقبل السياسي لمالي، حيث يضع أسسًا واضحة لضمان انتخابات شفافة وديمقراطية، بينما يبدو أيضًا أنه يتيح استمرار السلطة العسكرية. ومع ذلك، تبقى هناك تحديات كبرى بحاجة إلى تجاوزها لضمان أن تُترجم العودة إلى النظام الدستوري إلى ديمقراطية حقيقية في البلاد.

الخاتمة:

يمثل إدراج بند ميزانية للانتخابات في مشروع قانون المالية للسنة المالية 2025 خطوة مشجعة نحو استعادة الديمقراطية في مالي. ومع ذلك، لا تزال هناك عدة تحديات قائمة، مما يبقي مسألة تنظيم الانتخابات في عام 2025 مفتوحة وغير مؤكدة. إن الطريق نحو المصالحة الوطنية والعودة إلى الديمقراطية مليء بالعقبات. ستؤثر الخيارات السياسية المقبلة، بما في ذلك ترشيح العقيد أسيمي غويتا وغيره من الشخصيات الرئيسية في الحكومة الانتقالية، بشكل كبير على المستقبل السياسي للبلاد.

لتيسير عملية انتقال ناجحة، يكون التعاون الوثيق بين الحكومة الانتقالية والأحزاب السياسية والجهات الدولية أمرًا حيويًا. ستكون هذه الشراكة ضرورية لتوفير بيئة ملائمة لإجراء انتخابات شفافة وشاملة. وفي الوقت نفسه، سيظل الالتزام والعزيمة من الشعب المالي المحركين الرئيسيين لهذه النهضة السياسية المرتقبة.

تمتد دورة الميزانية للمجلس الوطني للانتقال حتى 31 ديسمبر المقبل، وستكون قرارات اعتماد أو رفض الميزانية المخصصة للانتخابات موضوع ترقب كبير من قبل الناخبين الماليين. في هذا السياق، ستلعب مشاركة النشطاء والجهات المدنية دورًا رئيسيًا في ضمان التعبير عن الإرادة الشعبية.

تمثل تنظيم الانتخابات في عام 2025 بصيص أمل للشعب المالي، الذي يتطلع إلى العودة إلى الوضع الديمقراطي الطبيعي بعد سنوات من عدم اليقين والاضطرابات. يتوقع الناس من هذه العملية أن تساهم ليس فقط في إعادة تعيين الاقتصاد واستعادة العلاقات الدبلوماسية السليمة، ولكن أيضًا في إعادة الوحدة إلى أمة منقسمة بشدة.

فقط الانتخابات الشفافة والشاملة يمكن أن تضع حدًا لسنوات من عدم الاستقرار وتفتح الطريق نحو مستقبل أفضل لمالي. من هذا المنطلق، قد تمثل انتخابات عام 2025 نقطة تحول حاسمة للبلاد. إن دمج جميع التوجهات السياسية سيعزز من شرعية الرئيس المقبل، مما يسهم في الانتقال الناجح نحو ديمقراطية مستدامة. في النهاية، يعتمد المستقبل السياسي لمالي على قرارات السلطات ورغبات شعبها العازم.

الهوامش:

  1. هل قرر المجلس العسكري في مالي البقاء في السلطة؟، “الحزيرة”، https://l24.im/ou1zqlB  تاريخ الوصول (21/نوفمبر/2024)
  2. “مالي.. أكثر من 80 جهة سياسية ومدنية تطالب بتنظيم انتخابات رئاسية” الشرق، https://l24.im/oUVXSzW، تاريخ الوصول (20/نوفمبر/2024)
  3. By Damien Glez, “Opinion: Elections in Mali and Burkina Faso postponed for forever (and a day)”, https://www.theafricareport.com/346803/elections-in-mali-and-burkina-faso-postponed-for-forever-and-a-day/

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى