الأزمات الإقليميةالأمن القومي والدفاع العسكريالأمن والدفاعالاستخباراتالتحالفات الدبلوماسية والاتفاقيات الدوليةالتكامل الإقليميالتكامل السياسي والإقليميالجغرافية السياسيةالحركات المسلحةالنزاعات الداخلية والإقليمية

قرارات دول تحالف الساحل بعد إسقاط المسيرة المالية .. فكّ الشفرة!!

ملخص

قررت دول تحالف الساحل مالي ، النيجر ، بوركينافاسو البارحة  سحب سفراءها من الجزائر  بعد تأكد تعمّد إسقاط المسيرة من نوع اكنجي التركية داخل أراضي مالي من القيادة العسكرية الجزائرية والتي كانت تبعد ٩ كيلو مترات عن الجزائر كما جاء في بيان البارحة ،  ولم تكن مسافة بين موقع فقدان ذبذبات الطائرة وإشعاءاتها  ومكان وقوعها الا ٤٠٠ متر فقط كما ذكرت ذلك تفاصيل بيان الخارجية المالية .. 

وقد أعلن رئيس الأركان المالي قبل ذلك الجنرال عمر جارا بأيام من الاسقاط ؛ أن الأمر  يحتاج الى تحقيق دقيق مؤكدا أن الجيش المالي سيواصل تعقبه اةللارهابيين والقوى المتمردة حتى آخر جحر يختبئون فيه ..

أجواء مشهد إسقاط المسيرة .

وتزامن الحدث مع لقاء وزراء خارجية دول  التحالف الثلاثي : مالي ، النيجر ، بوركينافاسو في موسكو مما يرجح مشاركتها في عمليات التحقيق عبر دعم عناصرها على الأرض وباعتبار أن روسيا أصبحت الحليف الاستيراتيجي الأول  للتحالف.كما ترجح أيضا مشاركة تركيا في هذه التحقيقات باعتبارها مركز  القيادة المصنّعة والمتحكمة لهذه المسيرات ، إذ من المرجح أن تركيا تهمها أيضا معرفة أسباب السقوط هي الأخرى من أجل فهم حدث وهو ما يعضد دقة المعلومات التي قدّمت في البيان المالي بالأرقام والمساحات  .. 

مدى مصداقية الرواية الجزائرية!!

وأما الجانب الجزائري فقد رفض التعاون مع مالي برغم إرسالها رسالة للقيادة الجزائرية لفهم ما حصل  وخاصة أن السفير المالي عاد إلى  الجزائر منذ أسبوعين فقط … وبعد صدور البيان الرسمي الجزائري من أنها هي المسئولة عن إسقاط طائرة مسيرة دخلت أراضيها بكيلومترين كما قالت . بينما وجدنا البيان المالي يكذّب الرواية الرسمية للجزائر  حيث قال : إن حطام الطائرة إنما  سقطت في أراضي مالي ومكان سقوطها تبعد عن حدود  الجزائر ب ٩ كلم° وزيادة ..

ولم تتعاون الجزائر أو ترد حتى على طلب مالي مما يعني أنها تستهر بجارتها ظنا منها أنها يمكنها أن تفعل ما تشاء تجاه مالي دون نظر في عواقب ما ارتكبته من اعتداء واستهتار بسيادة دولة جارة ساهمت في تحرير الجزائر منذ ٦٠ عاما من فرنسا .

تداعيات الحدث .

طبعا لم تمر ٦ أيام على الحدث وكانت التحريات على قدم وساق حيث افاجأت مالي الجميع البارحة  باتهام الجزائر بانتهاك  سيادتها واسقاطها طائرتها .. وقررت في بيانها ملاحقتها دوليا بهذا الخصوص عبر المؤسسات الدولية وخاصة مجلس الأمن . ولم يتوقع الخبراء في أن الأمر سيتطور بشكل لافت لتشاطر مالي باقي دول التحالف وهي بوركينافاسو و النيجر واللتان تربطهما مع الجزائر علاقات دبلوماسية واستثمارية ضخمة وقد حاولت الجزائر اللعب على هذا الوتر منذ فترة من أجل تحييد الدولتين في خلافها مع الجارة مالي منذ سيطرتها على مدينة كيدال ثالث كبرى مدن الشمال  .

الجزائر تتفاجأ بلحاق بوركينا والنيجر بمالي .

وما لم تدركه الجزائر أن هذا التحالف الجديد يمكنه أن تتوحد مواقف دولها.. و برغم من حداثة سنه إلا أنه كان لا بد له من نجاحه في اختباره الأول منذ توقيع  اتقاقية الدفاع المشترك بين الدول الثلاث والذي حصل إبان الانقلاب في النيجر منذ سنة وحيث هددت منظمة الايكواس النيجر بالاعتداء عليها لإعادة  الشرعية الديمقراطية كما تزعم .

فأعلنت الدول الثلاث مجتمعة  سحب سفرائها من الجزائر للتشاور

هذا ، ومن المتوقع أن تسحب الجزائر سفراءها من هذه الدول تعاملا بالمثل .. علما بأنها تحتفي حاليا بإعادة علاقتها مع فرنسا بالأمس القريب ؛ وفي الوقت نفسه تعلن ٣ دول من جيرانها سحب سفرائها للتشاور وقد تتطور لقطع العلاقات الدبلوماسية حتى إشعار آخر .

التنسيق الإعلامي الناجح للتحالف الثلاثي .

والذي أدهش الجميع هو التنسيق في إخراج المشهد بنشر اابيان في نشرات الاخبار الرئيسية لتلفزيونات الدول الثلاثة الرسمية وبروز وزراء الأمن  والخارجية وغيرهم لتلاوة بيان الادانة ثم البيان المشترك مما أضفى للمشهد بعدا إعلاميا دسما وتناول الخبر كل وسائل الاعلام الدولية المعتبرة والمؤثرة في العالمية ابتداء برويترز الى سي ان ان وبي بي سي والجزيرة وغيرها مما  هزت  صورة الجزائر دوليا  وأصابت سمعتها بجلاجل ..

لكن ، لماذا إسقاط الطائرة أصلا من الجزائر ؟؟

ذكرت في مقالي السابق أن الجزائر  أرادت إرسال رسالة سياسية للمغرب عبر هذا الاسقاط لأنها هي الأخرى وصلتها رزمة  من هذه الطائرات ولكن عبر بوابة إسقاط الطائرة المالية  وهذا هو منتهى الاسفاف والاحتقار السياسي والدبلوماسي لجارتها مالي ونسيت الجزائر أن مالي تصدت لفرنسا والمجتمع الدولي في مالي فطردت قوات برخان وتاكوبا والمنيسما ولن تسمح للجزائر العبث بكرامتها .

وثانيا : ما ذكرته في سبب الإسقاط  من أن هناك رؤيتين مختلفتين  تقودان السياسة الخارجية الجزائرية وهما : رؤية: تبون التي تسعى لتصفير المشاكل وتقليل الخسائر واستدراك ما يمكن تداركه ،  والثانية : هي رؤية شنقريحة وزير الدفاع الجزائري والدي يتناغم تماما مع وزير الخارجية عطاف ..

والسبب في ذلك أن شنقريحة وفريقه  لم يتحملوا حتى الآن أن مالي إنما  هي دولة ذات سيادة ومن حقها أن تسيطر على كامل ترابها الوطني ولم يستوعبوا حتى الآن سيطرة مالي على مدينة كيدال الاستيراتيجية

وظنت أن مالي ستراوح مكانها بعد إسقاط الطائرة في التنديد فقط  وأن علاقتها الوطيدة  بالدول الأخرى من شأنها أن تجعلهما -ربما – لن تشاركا مالي في هذا الحدث  

ما هي الرؤية المستقبلية لتداعيات ما حصل ؟؟

هذه القرارات من التحالف الثلاثي  كانت بمثابة  مطارق سياسية على رأس القيادة الجزائرية  فعلا ، فإلى جانب كل ما ذكرنا إلا أن هذه الدول كلها حاليا قد صنفت الجزائر كدولة راعية للارهاب الدولي والتمرد الانفصالي و بشكل رسمي إلى  جانب سحب السفراء ثم مساءلة الجزائروملاحقتها  دوليا،  ففي ظني أن الامور لن تكون سهلة ، وخاصة أننا نتوقع إداناتأخرى  من دول قريبة من رؤية تحالف الساحل مثل توغو وتشاد وربما غينيا وربما حتى منظمة الايكواس والاتحاد الافريقي فكل هذه الأوراق مطروحة لدى مالي على الأقل من باب التضامن الاقليمي والقاري حيث إن معظم هذه الدول تعاني من مشكلة الارهاب ومهددة من الداخل  .

فإذا وجدت دولة ما  تسقط طائرة في وضح النهار تعمّدا وبدون مقدّمات . بحيث  لا عمل لها  إلا  رصد الارهابيين فهذا يعني أن هذه الدولة التي فعلت ذلك هي  وليس غيرها من ترعى الارهاب فعليا في المنطقة ..

الحدث والرأي العام

وفي انتظار ذلك سيتم توسيع رقعة الخلاف بين شعوب الساحل كلها أقصد الشعب المالي والبوركينابي والنيجري  وكل شعوب القارة نظرا لشعبية التحالف الطاغية وستدخل في مشاحنات وتجاذبات  سياسية لم نكن في حاجة لها الآن و عبر المنصات المختلفة وخاصة أن الإعلام  الجزائري معروف بعنجهيته وعجرفته ومعروف بالتحليل الأحادي الجانب

 والذي نخشاه ألا تتطور هذه المطارحات الى الجاليات في دول المهجر الغربي خاصة ..

وأخيرالقد أخطأت القيادة الجزائرية حقا في هذه التجربة وإذا أرادت فعلا تطويف الموقف فينبغي لها أن تسرع الخطى من أجل لملمة الخوة وخفض التوتر ولو عبر وسطاء محايدون في المنطقة .و أعتقد أن رمضان لعمامرة لو كان موجودا ربما لم نكن لنر كل هذا الانحدار المتسلسل في الرؤية الدبلوماسية للجزائر التي كادت أن تفقد بوصلتها إن لم تكن قد فقدتها نتيجة التهور والتسرع والرغبة في الانتقام وطغيان نزعة التوحش لا لشيء سوى أن بلدان الساحل 

*جميع ما ورد في هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب، ولا يعبر بالضرورة عن رأي المركز.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى