الأزمة الرواندية الكونغولية: تزايد مشاعر الكراهية ضد رواندا فيما بين دول المنطقة

مقدمة:
من الواضح بشكل متزايد تنامي المشاعر المعادية لرواندا في منطقة البحيرات الكبرى بسبب الأزمة المتفاقمة مع الكونغو الديمقراطية، وخاصة في بلدان مثل بوروندي وجنوب أفريقيا وبشكل أقل تنزانيا وأوغندا. وتتغذى هذه المشاعر على مزيج من الديناميكيات السياسية الحالية والصراعات الإقليمية وبالتحديد في دعمها لمجموعة M23 المتمردة والتي توغلت حاليا داخل الأراضية الكونغولية وتهدد بغزو العاصمة كيتشاسا والاطاحة بالرئيس الكونغولي فيليكس تشيكيسيدي.
وقد صرح العديد من كبار قادة حركات التمرد، بمن فيهم رئيس قوات تحرير الكونغو كورنيل نانجا، لوسائل الإعلام الدولية بأن “عام 2025 ليس عام 2012” وأن المجموعة تخطط لمواصلة القتال حتى كينشاسا.([1]) ونشرت الأمم المتحدة نصًا لقائد حركة إم23 يحث القوات على الزحف إلى كينشاسا خلال تجمع حاشد في مايو 2024 كما أقامت حركة إم23 تحالفات مع بعض الجماعات المسلحة في مقاطعة إيتوري في شمال شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية وتحاول تجنيد وبناء تحالف أوسع يخلق جبهة موحدة مع الجماعات المسلحة الرئيسية التي تعمل في المنطقة. ولم تكن حركة 23 مارس قادرة على تحقيق هذه الأهداف أو بناء مثل هذه التحالفات عندما استولت على منطقة غوما آخر مرة في عام 2012، وقد أثبتت القوات المسلحة لجمهورية الكونغو الديمقراطية عدم فعاليتها في مواجهة حركة 23 مارس والقوات الرواندية ذات الامكانيات الأفضل والأرقى تجهيزًا. ومع ذلك فإن حركة 23 مارس تحتاج إلى دعم رواندا لتحقيق هذا الهدف، ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت رواندا تسعى إلى تغيير النظام الكونغو الديمقراطية. وأفادت الأمم المتحدة أن الدعم الرواندي أعطى حركة 23 مارس ميزة كبيرة من حيث الأفراد والمعدات، مما ساهم في التقدم السريع للمجموعة.
التوترات بين رواندا جنوب أفريقيا واحتمالات المواجهة العسكرية بين البلدين
تصاعدت التوترات بين رواندا وجنوب إفريقيا بشكل كبير بسبب الصراع الدائر في جمهورية الكونغو الديمقراطية، وخاصة فيما يتعلق بجماعة إم 23 المتمردة المدعومة من رواندا. وتدهور الوضع في أعقاب اتهامات من الرئيس الجنوب أفريقي سيريل رامافوزا، الذي ألقى باللوم على إم 23 في مقتل قوات حفظ السلام الجنوب أفريقية في جمهورية الكونغو الديمقراطية. وقد أدى ذلك إلى مواجهة دبلوماسية، حيث رد الرئيس الرواندي بول كاغامي بالتأكيد على أن جنوب إفريقيا ليست جديرة بالعمل كوسيط أو صانع سلام في المنطقة.([2])
كما اتهم الرئيس رامافوزا حركة إم23 بالمسؤولية عن مقتل جنود من جنوب إفريقيا. وردًا على ذلك، زعم كاغامي أن الوجود العسكري لجنوب إفريقيا يؤدي إلى تفاقم التوترات ووصف قواتها بأنها “عدوانية” وليست قوات حفظ سلام.
شهد الصراع خسائر بشرية كبيرة، بما في ذلك مقتل 13 جنديًا جنوب أفريقيًا وجنديين من تنزانيا مؤخرًا. وقد دفع ذلك جنوب أفريقيا إلى إصدار تحذيرات صارمة بشأن أي هجمات أخرى على قواتها، وتفسير مثل هذه الإجراءات على أنها إعلان محتمل للحرب. وفي أعقاب هذه التصعيدات، انخرط وزيرا خارجية البلدين في محادثات تهدف إلى تهدئة التوترات. وقد تعهدا بتعزيز الحوار بشأن الأزمة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، على الرغم من أن الشكوك لا تزال قائمة بشأن فعالية هذه المناقشات بالنظر إلى السياق التاريخي لعلاقاتهما .
تصريحات شديدة اللهجة لرئيس بوروندي ضد رواندا
وجه الرئيس البوروندي إيفاريست ندايشيميي انتقادا حادا لرواندا، متهما حكومتها بالتسبب بعدم الاستقرار في جميع أنحاء شرق أفريقيا، ودعا المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات حاسمة لمنع المنطقة من الانزلاق إلى صراع أوسع نطاقا. وفي حديثه خلال تجمع دبلوماسي بمناسبة العام الجديد 2025 في القصر الرئاسي في بوجومبورا يوم الجمعة 31 يناير 2025، وأمام السلك الدبلوماسي والقنصلي المعتمد، وممثلي المنظمات الدولية المتمركزة في بوروندي، اتهم الزعيم البوروندي رواندا صراحة بدعم الجماعات المسلحة العاملة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، وحذر من عواقب وخيمة إذا استمر الوضع دون رادع.([3])
وأضاف ندايشيميي أنه “يجب وقف تدخل رواندا وزعزعة استقرار المنطقة”. وقال إذا استمرت رواندا في تحقيق انتصارات في أراضيها وفي محيطها، فسوف تصل إلى بوروندي أيضًا. لكن بوروندي لن تقف مكتوفة الأيدي. “سندافع عن سيادتنا وشعبنا”.
في يناير 2024، أغلقت بوجومبورا حدودها البرية مع رواندا، مستشهدة بدعم رواندا المزعوم لجماعات مسلحة تعمل للاطاحة بحكومة بوروندي. وهي التهمة التي نفتها رواندا باستمرار. ورغم الجهود الدبلوماسية المتقطعة لإصلاح العلاقات، فإن العلاقات بين الجارتين لا تزال متوترة. وتمثل اتهامات ندايشيميي الأخيرة تدهورا جديدا في العلاقات الثنائية، مما يثير المخاوف بشأن احتمال نشوب مواجهة مسلحة بين البلدين خاصة في ظل غياب الجهود الإقليمية والدولية المنسقة، فإن الوضع قد يتدهور بسرعة، مما قد يجر الدول المجاورة إلى صراع أوسع.
وأكد الرئيس ندايشيميي أن الأزمة تمتد إلى ما هو أبعد من بوروندي وجمهورية الكونغو الديمقراطية، مما يشكل تهديدًا لمنطقة شرق إفريقيا بأكملها. وحذر من أن “المنطقة تواجه تهديدا، وليس بوروندي فحسب، بل تنزانيا وأوغندا وكينيا، والمنطقة بأكملها معرضة للخطر”. وأشار الزعيم البوروندي أيضا إلى نشر قوات جنوب أفريقية تابعة لمجموعة تنمية الجنوب الأفريقي (سادك) في شرق الكونغو كدليل على تداعيات الأزمة الأوسع نطاقا.
وأضاف أن “مواطني جنوب أفريقيا يعانون في شرق الكونغو. ولكن انظروا إلى أين وصلت جنوب أفريقيا! وهذا يوضح مدى تفاقم الأزمة”. وحذر ندايشيميي من أنه إذا لم يتم التعامل مع الوضع في شرق الكونغو الديمقراطية بشكل عاجل، فقد يتصاعد الأمر إلى حرب إقليمية واسعة النطاق. وقال “أنت ترى ما يحدث بجوارنا مباشرة، فلماذا هذا الصمت من جانب المجتمع الدولي؟ إذا استمر هذا، فإن الحرب قد تنتشر في جميع أنحاء المنطقة لأن الناس لا يستطيعون أن يقفوا مكتوفين الأيدي ولا يفعلون شيئًا. لذا، يجب الاستعداد للعواقب”، حذر.
وفي كلمته، انتقد ندايشيميي ما وصفه بـ “الصمت المطبق” من جانب المجتمع الدولي بشأن العنف المستمر في جمهورية الكونغو الديمقراطية والدور الذي يزعم أن رواندا تلعبه في زعزعة استقرار المنطقة.
وأردف “إذا لم يتحرك أحد، فإن كل دولة ستجد نفسها في نهاية المطاف وحيدة في مواجهة عواقب هذه الأزمة”، وحث زعماء العالم والكتل الإقليمية والمنظمات الدولية على دعم المبادرات الرامية إلى تحقيق وقف فوري للأعمال العدائية في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية. وتأتي تصريحات الزعيم البوروندي في الوقت الذي تستمر فيه التوترات في الارتفاع في منطقة البحيرات العظمى، حيث تتنافس مجموعات مسلحة متعددة على السيطرة وسط مظالم عرقية وسياسية واقتصادية طويلة الأمد.
وتظل بوروندي منخرطة بشكل نشط إلى جانب جمهورية الكونغو الديمقراطية في العمليات العسكرية ضد الجماعات المسلحة في شرق الكونغو.
ردة الفعل الرواندية
وفي رد حاد على الاتهامات الأخيرة التي وجهها الرئيس البوروندي إيفاريست ندايشيميي، رفض وزير خارجية رواندا أوليفييه ندوهونجيري الادعاءات بأن بوروندي تقاتل من أجل استقرار شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، واتهم بدلاً من ذلك قوات الدفاع الوطني البوروندية بالتعاون مع الميليشيات الإبادة الجماعية والتواطؤ في العنف العرقي.
تحدى وزير خارجية رواندا أوليفييه ندوهونجيريه تأكيد ندايشيميي بأن قوات الدفاع الوطني الكونغولية منتشرة في جمهورية الكونغو الديمقراطية لمحاربة الجماعات المسلحة الأجنبية.
وتساءل قائلا “إذا كانت قوات الدفاع الوطني البوروندية قد تم نشرها في جمهورية الكونغو الديمقراطية لمحاربة الجماعات المسلحة الأجنبية، فلماذا لم تهاجم أبدا القوات الديمقراطية لتحرير رواندا، وهي جماعة إبادة جماعية أجنبية؟”، متهما القوات البوروندية بالتعاون مع القوات الديمقراطية لتحرير رواندا، وهي جماعة مسلحة مرتبطة بمرتكبي الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994.
وفي معرض تسليطه الضوء على الأحداث التي وقعت في أكتوبر 2023، زعم ندوهونجيريه أن القوات البوروندية المتمركزة في إقليم ماسيسي كانت تراقب بشكل سلبي الهجمات التي شنتها الميليشيات المتطرفة، بما في ذلك نياتورا، ووازاليندو، والقوات الديمقراطية لتحرير رواندا، على قرية “نتورو” ذات الأغلبية التوتسية. ولم يقدم ندوهونجيريه أدلة تدعم مزاعمه.
آخر المستجدات
جماعة إم23 المتمردة المدعومة من رواندا تعلن وقف إطلاق النار
أعلن متمردو حركة إم23 المدعومة من رواندا والذين استولوا على مدينة غوما في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية الأسبوع الماضي وقف إطلاق النار من جانب واحد اعتبارا من الثلاثاء 4 فبراير 2025.وقال تحالف نهر الكونغو، وهو تحالف من الميليشيات بما في ذلك حركة إم 23، إنه يعلن وقف إطلاق النار “لأسباب إنسانية”. وقد انقطعت تدفقات المساعدات والأغذية وغيرها من السلع الأساسية إلى المدينة بسبب تقدم حركة إم 23، وفي الأيام الأخيرة كثفت المنظمات الإنسانية والمجتمع الدولي دعواتها لإنشاء ممرات آمنة لإيصال المواد الحيوية.([4](
ومن جانبها قالت الأمم المتحدة يوم الاثنين إن 900 شخص على الأقل لقوا حتفهم في القتال الذي اندلع الأسبوع الماضي بين المتمردين والقوات الكونغولية. وأضافت أن المستودعات والمكاتب التابعة لمنظمات الإغاثة تعرضت للنهب، وحذرت من انتشار الملاريا والكوليرا والحصبة وأمراض أخرى بسبب نقص القدرة على الحصول على الرعاية الطبية. وحث وزراء خارجية دول مجموعة السبع، أطراف الصراع على العودة إلى المفاوضات ودعوا إلى “مرور سريع وآمن ودون عوائق للإغاثة الإنسانية للمدنيين”.
وبالنظر إلى أن اعلان وقف اطلاق النار جاء من جانب واحد فان احتمالية الالتزام به يظل ضعيفا جدا. خاصة وأن الاعلان أتى عقب تنديد دولي شديد اللهجة، وهناك من يتوقع أن الاعلان مجرد مراوغة لكسب المزيد من الوقت.
تنزانيا تستضيف قمة استثنائية طارئة لمحاولة اخماد الأزمة
أعلن الرئيس الكيني وليام روتو يوم الاثنين 3 فبراير 2025 أن الرئيسين الكونغولي فيليكس تشيسكيدي والرواندي بول كاغامي، الزعيمين الرئيسيين في الصراع المتصاعد في شرق الكونغو، سيحضران قمة استثنائية في مدينة دار السلام التنزانية لمعالجة الصراع المسلح.([5])
وستجمع القمة الاستثنائية المقرر عقدها يومي الجمعة والسبت، رؤساء دول من مجموعة شرق أفريقيا (EAC) المكونة من 6 أعضاء ومجموعة تنمية جنوب أفريقيا (SADC) المكونة من 16 عضوا لمناقشة الأمن الإقليمي والتدخلات الدبلوماسية. ويأتي الاجتماع في أعقاب اتفاق تم التوصل إليه بين رئيس مجموعة تنمية جنوب أفريقيا ورئيس زيمبابوي إيمرسون منانجاجوا، وكذلك رئيس مجموعة شرق أفريقيا ورئيس كينيا ويليام روتو. ومن المتوقع أن يحضر القمة أيضًا رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، بالإضافة إلى الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني، والرئيس الصومالي حسن شيخ محمود.
وبالرغم من الاعلان عن حضور رئيس الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيكيسيدي إلا أن توقعات حضوره تظل ضعيفة خاصة وأنه امتنع عن حضور اي مناسبة يشارك فيه عدوه اللدود كاغامي وآخرها خلال قمة مجموعة شرق أفريقيا، متذرعا باتهام رواندا دعمها لمتمردي حركة 23 مارس.
ومن الجدير بالذكر أن تنزانيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية هما الدولتان الوحيدتان اللتان تتمتعان بعضوية كل من مجموعة تنمية دول الجنوب الأفريقي وجماعة شرق أفريقيا. وتتمتع تنزانيا، وهي عضو مؤثر في كلتا الكتلتين، بمصالح أمنية واقتصادية كبيرة في جمهورية الكونغو الديمقراطية. ويضع هذا الموقع الاستراتيجي تنزانيا في دور صعب ولكنه حاسم محتمل كوسيط. وتعتبر تنزانيا ذات دور مهم في هذه الأزمة، وخاصة فيما يتصل بالوساطة خارج الإطار القائم وداخله ومن خلال المشاركة الثنائية. كما يمكنها أن تعمل على خلق منصة محايدة للمجتمع الدولي للتفاعل وبالتحديد فيما يتصل بمصالحها الجيوسياسية. ومع ذلك، ينبغي لتنزانيا أيضا أن تستعد بحزم لأسوأ السيناريوهات.
هل هناك احتمال لتدخل دولي لردع رواندا؟ هذا الاحتمال مستبعد لعدد من العوامل أبرزها:-
- وضع رواندا كمتهم وحيد لسرقة موارد الكونغو الديمقراطية غير صحيح، فالسارق الأكبر هي الدول الغربية وأبرزها أوروبا والولايات المتحدة، ولا نستثني رواندا من هذه السرقات لكونها الممر الذي يعبر فيه تلك الموارد المسروقة، فمن الطبيعي أن يكون لها نصيب من تلك المسروقات وهذا ما يفسر احتلال رواندا المراتب الأولى في العالم كدولة مصدرة للمعادن بالرغم من انها لا تمتلك مناجم وفيرة ([6]). وبالتالي أمريكا لن تسمح بتدخل دولي لردع رواندا بسبب المصالح المشتركة من نهب الكونغو.
- كما أن رواندا تمتلك علاقات وطيدة مع الكيان الصهيوني الذي يعتبر رواندا بوابة لتغلغلها في شرق أفريقيا([7])، وبالتأكيد ستضغط من خلال وكلائها بعدم المساس بحكومة الرئيس كاغامي
- ومن المهم أيضا أن نأخذ في الاعتبار المشهد الجيوسياسي. فهناك صراع مستمر بين الصين والغرب من أجل الوصول إلى المعادن الأساسية. وأكثر من 50% من احتياطيات الكوبالت في العالم توجد في جمهورية الكونغو الديمقراطية، وهي مادة بالغة الأهمية لصناعة السيارات الكهربائية والطيران وصناعة الدفاع. والجدير بالذكر أن أكثر من 70% من إنتاج الكوبالت العالمي يأتي من جمهورية الكونغو الديمقراطية. بالإضافة إلى ذلك، فإن 70% من احتياطيات الكولتان في العالم توجد ايضا في جمهورية الكونغو الديمقراطية، وهي مادة ضرورية لصناعة الإلكترونيات.
- وفقًا لتقرير البنك الدولي ، تسيطر الصين على 85% من إمدادات الكوبالت العالمية([8])، ويرجع هذا إلى حد كبير إلى وجودها في جمهورية الكونغو الديمقراطية من خلال شركتها، China Molybdenum. يثير هذا الصراع الجيوسياسي في حد ذاته يشكل مخاوف بشأن استجابة المجتمع الدولي ونواياه الحقيقية فيما يتعلق بالصراع.
السيناريوهات المتوقعة لمآلات الأزمة
اذا ما نظرنا بعمق الى السياق التاريخي للصراع فالمجتمع الدولي يبدو أنه يميل الى زعزعة الاستقرار في المناطق الغنية بالمعادن في جمهورية الكونغو الديمقراطية وخاصة الجزء الشرقي منها بدلا من ايجاد حل للأزمة، باعتبارها السبيل الوحيد لتأمين الوصول إلى المعادن الحيوية! وفي حال تأكد هذا السيناريو الأسوأ، فمن المرجح أن تتخذ الصين خطوات لحماية مصالحها، باستخدام الإغراءات المالية والدبلوماسية لضمان دعم الدول الإقليمية لمصالحها في جمهورية الكونغو الديمقراطية. ومن المرجح أن يفعل الغرب الشيء نفسه، مما يفاقم من أزمة جمهورية الكونغو الديمقراطية، ولذلك نرى فشل جميع الوساطات المتسلسلة لحل الأزمة. ويزيد وجود المرتزقة الأجانب من تعقيد الموقف، مما يشير إلى أنه إذا تصاعدت الأمور، فقد تخرج عن نطاق السيطرة بسرعة كبيرة.
إن هذا التعقيد الجيوسياسي يتطلب حلاً أفريقياً صادقاً. ولابد أن يتوقف الازدواج في التعامل والطعن في الظهر. فهل ترى بلدان المنطقة أن الحرب المفتوحة وسيلة أكثر فعالية لتحقيق أهدافها؟ بالنسبة لرواندا، يبدو أن هناك مؤشرات بأنها تعمل على ارضاخ جمهورية الكونغو الديمقراطية بقبول الأمر الواقع، وتشير خطاباتها إلى الاعتقاد بأنها تستطيع أن تحول جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى دولة تابعة بكل الوسائل الممكنة. وهذا النهج يعكس شكلاً من أشكال الاستعمار الجديد وهو أمر غير مقبول.
فضلاً عن ذلك فإن القضية الأكبر المطروحة الآن هي ضعف جمهورية الكونغو الديمقراطية كدولة. فالبلاد تعاني من ضعف الجيش والقيادة، كما تعاني من جماعات أنانية مثل حركة 23 مارس، والقوات الديمقراطية لتحرير رواندا، وأكثر من مائة فصيل مسلح آخر. وهذا يجعل آفاق جمهورية الكونغو الديمقراطية أكثر قتامة. فضلاً عن ذلك فإن الصراع الإقليمي الدولي على موارد الكونغو، شجع العديد من الشباب على الاعتقاد بأن الصراع هو الوسيلة الوحيدة للبقاء على قيد الحياة، وهو ما يؤدي إلى تفاقم الوضع. كما أن الفراغ القيادي والافتقار إلى الحلول القابلة للتطبيق، إلى جانب الميل إلى تجاهل المشكلة، لن يؤدي إلا إلى تحويل المنطقة إلى أرض تجارب لأسلحة مختلفة وربما الخطوة التالية للمواجهات العسكرية. ولابد أن تقدم القمة المقترحة في تنزانيا بين مجموعة تنمية دول جنوب أفريقيا وجماعة شرق أفريقيا حلولاً حقيقية.
المراجع
[1] M23 rebels announce they want to ‘take’ DRC capital Kinshasa 1st Feb. 2025. Access 3rd feb. 2025. https://www.vaticannews.va/en/world/news/2025-01/dr-congo-rwanda-rebels-m23-war-regional-bloc.html.
[2]Kagame threatens South Africa’s Ramaphosa over DRC intervention, January 30, 2025. Access 3rd feb. 2025. https://www.theafricareport.com/375348/kagame-threatens-south-africas-ramaphosa-over-drc-intervention/
[3] Burundi leader accuses Rwanda of ‘expansionist’ agenda, February 02, 2025. Access 4th feb. 2025. https://www.theeastafrican.co.ke/tea/news/east-africa/burundi-leader-accuses-rwanda-of-expansionist-agenda–4910376#google_vignette
[4] Rwandan-backed M23 rebels declare ceasefire in DRC, 4 Feb 2025. Access 4th feb. 2025. https://www.aljazeera.com/news/2025/2/4/rwandan-backed-m23-rebels-declare-ceasefire-in-drc
[5] Tanzania to host joint EAC-SADC summit on eastern DR Congo crisis, February 04, 2025. Access 5th feb. 2025. https://www.thecitizen.co.tz/tanzania/news/national/tanzania-to-host-joint-eac-sadc-summit-on-eastern-dr-congo-crisis-4912096
[6]، https://www.swissinfo.ch/ara/%D8%AF%D9%88%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%A7%D8%AF%D9%86-%D9%88%D8%B4%D8%B1%D9%83%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%83%D9%86%D9%88%D9%84%D9%88%D8%AC%D9%8A%D8%A7-%D9%81%D9%8A-%D9%86%D8%B2%D8%A7%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%88%D9%86%D8%BA%D9%88-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%85%D9%88%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B7%D9%8A%D8%A9/88820082 ، الدخول: 5 فبراير 2025. 03 فبراير 2025 دور المعادن وشركات التكنولوجيا في نزاع الكونغو الديموقراطية
[7] رواندا بوابة “إسرائيل” إلى إفريقي، الدخول 5 فبراير 2025 https://www.noonpost.com/18829/ 12 يوليو ,2017ا،
[8] COBALT IN THE DEMOCRATIC REPUBLIC OF CONGO, access 5th feb. 2025. https://documents1.worldbank.org/curated/en/099500001312236438/pdf/P1723770a0f570093092050c1bddd6a29df.pdf