السيادة والنزاعات الحدودية

الدور الإقليمي الإثيوبي “الجديد” في القرن الأفريقي:

شبح منليك الثاني؟

رغم جهود إثيوبيا، دولة مقر الاتحاد الأفريقي، بقيادة رئيس وزرائها آبي أحمد الحثيثة للظهور في صورة القائد الإقليمي في نطاق القرن الأفريقي فإن مجمل ديبلوماسيتها تجاه حزمة من قضاياه بات عبئًا على مسار السلام والاستقرار في هذا الإقليم؛ وربما دل على ذلك بيان قمة السبعة الكبار في مدينة كابري الإيطالية 17-19 أبريل الفائت (بمشاركة الاتحاد الأفريقي نفسه) الذي عبر عن مخاوف عميقة إزاء “مذكرة التفاهم بين إثيوبيا و”جمهورية أرض الصومال” المعلن عنها في يناير 2024، وحث البيان إثيوبيا والصومال “على إبقاء جميع قنوات الحوار مفتوحة من اجل منع مزيد من التصعيد والعمل مع الشركاء الإقليميين في إطار الاتحاد الأفريقي (الذي لم يدن بدوره بشكل مباشر انتهاك أديس أبابا لمبادئ عمله الجوهرية مكتفيًا بالدعوة للحوار) وعبر الاتصالات الثنائية وفق القانون الدولي ومبادئ السيادة وسلامة الأراضي المتضمنة في ميثاق الأمم المتحدة”؛ ما مثل إدانة مباشرة للأولى ومجمل سياساتها الإقليمية([i])؛ لكن استجابة إثيوبيا تجاه البيان وما جسده من رفض دولي -شكلي على الأقل- لمجمل مقاربات إثيوبيا الإقليمية القائمة على انتهاك سيادة دول الجوار والخوف من تداعياتها لم ترق إلى مستوى الاستجابة المتوقعة بالعودة إلى قواعد العمل الجماعي الأفريقي وأبرزها “احترام سيادة الدول الأعضاء على أراضيها”، بل شهدت الأيام الأولى من مايو الجاري مرحلة جديدة من اقتفاء آبي أحمد وحكومته نهجها التقليدي بالهروب من مشكلات البلاد الداخلية عبر تصدير أزمات لا يستهان بها لدول الجوار مثلما اتضح من اتهام أديس أبابا جبهة تحرير التيجراي بالانخراط في دعم مباشر لعمليات الجيش السوداني رغم الصعوبات العملياتية المفهومة، وتناقضًا مع التقارير المؤكدة بضلوع حكومة آبي أحمد في دعم قوات الدعم السريع إما على نحو مباشر أو عبر تنسيق أدوار قوى إقليمية أخرى مثل الإمارات وجنوب السودان تصب في النهاية في صالح تحركات الدعم السريع التي صنفتها السلطات في الخرطوم حركة إرهابية خارجة على الدولة ومؤسساتها. ويثير هذان المثالان تساؤلًا جادًا حول مدى جدية أديس أبابا في تبني سياسات إقليمية جديدة، عوضًا عن دلالات تصميم نظام آبي أحمد على ديبلوماسية المبادرة باختلاق الأزمات وتصعيدها واستهلاك الوقت في تسويتها وصولًا لتحقيق مكاسب توسعية إثيوبية على حساب دول الجوار.

أهم ملامح الدور الإقليمي الإثيوبي الجديد

استهل آبي أحمد في أبريل الفائت عامًا سادسًا في قيادته لبلاده محققًا علامة شبه كاملة في عدد من الإنجازات الداخلية، لاسيما في دفع النمو الاقتصادي عبر شراكات هامة مع قوى دولية وإقليمية معنية باستدامة قوة الاقتصاد الإثيوبي ودوره في تعزيز مصالحها في القرن الأفريقي على الأقل؛  والتغلب على أزمة إقليم التيجراي وترسيخ حكم حزب الازدهار، والخارجية متمثلة في مصالحة تاريخية مع إريتريا وتمتين العلاقات مع جيبوتي ومد نفوذ أديس أبابا وتدخلاتها السياسية  إلى عدد من دول الجوار أبرزهم السودان والصومال وجنوب السودان إما على نحو منفرد أو عبر توظيف أدوار تخادم متبادل مع عدد من القوى الدولية والإقليمية، وتفوق تام في مواجهة الديبلوماسية المصرية في ملف سد النهضة الأمر الذي تعده أديس ابابا باستمرار انتصار تاريخي تعول عليه في مواجهات ديبلوماسية مقبلة سواء مع الصومال في ملف استئجار شريط ساحلي “بأرض الصومال” أو التدخل في الأزمة الجارية في السودان ومساعي إعادة ضبط العلاقات مع إريتريا.  وفيما يخص أهم ملامح دور إثيوبيا الإقليمي فإن آبي أحمد عمد مطلع العام الجاري إلى إحداث تغييرات بنيوية “صامتة” في مؤسسة الخارجية الإثيوبية عقب استقالة المخضرم ديميكي مكونن نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية “دون تقديم أسباب” لقراره ([ii])، واستبداله بتاي أتسكي سيلاسي (سفير إثيوبيا السابق في الأمم المتحدة) في تغيير وزاري مصغر شمل منصبي نائب رئيس الوزراء ووزير المالية.

ويمكن رصد أهم ملامح توجهات الدور الإقليمي الإثيوبي الجديد على النحو التالي:

  • التحرك بقوة نحو قضايا الشرق الأوسط والبحر الأحمر كوسيلة لحماية مصالح أديس أبابا وضمان دورها كلاعب إقليمي هام. وبرز هذا الملمح في حديث مطول لوزير الدولة للشئون الخارجية ميسجانو أرجا ([iii]) أكد فيه سعي بلاده، في ظل الديناميات المتغيرة في الإقليم وما ورائه، للتعامل مع التطورات الجيوسياسية التي تؤثر على البحر الأحمر والشرق الأوسط “والعالم” ضمن رؤية إثيوبية لحيوية تأمين القرن الأفريقي والبحر الأحمر بالنسبة لمصالحها القومية، عبر المساهمة في الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب ومواجهة القرصنة.
  • تبرز سياسة احتواء التطلعات الإريترية الإقليمية كملمح هام لدور إثيوبيا الإقليمي الجديد، لاسيما أن أسمرا بادرت منتصف أبريل الفائت بالإعلان “منفردة” عن انتهاء ترسيم حدودها مع إثيوبيا “للمرة الأخيرة على نحو لن يتم تغييره مطلقًا”، فيما لم تعلق الخارجية الإثيوبية على ذلك([iv])؛ ويبلور هذا الموقف، وتحركات أسمرا الخارجية النشطة في التقارب مع مصر وروسيا تحديدًا، مخاوف إثيوبية مفهومة لاسيما أنها تأتي فيما تقترب أزمة إقليم أوروميا (أكبر أقاليم البلاد) داخل البلاد من عامها الثاني دون وجود شركاء محتملون لمعاونة أديس أبابا وتكرار سيناريو الدعم الإريتري الحاسم لها في أزمة إقليم التيجراي، إلى جانب تمديد إعلان حالة الطواري في إقليم الأمهرة المعروف بصلاته المتميزة مع النظام في إريتريا([v])، ومخاوف راهنة من حشد جبهة تحرير التيجراي الشعبية قواتها لمواجهة نظام آبي أحمد مجددًا([vi])
  • تصعيد التدخل في شئون دول الجوار الهشة، لاسيما السودان وجنوب السودان والصومال. بالتعاون مع قوى إقليمية فاعلة وذات مصالح ربما في استدامة أزمات تلك الدول، كما كشفت العديد من التقارير الدولية المنتظمة في الآونة الأخيرة ([vii]). وكانت أديس أبابا، وثيقة الصلة بأبو ظبي في كافة قضايا القرن الأفريقي وذات الدور القابل للتصعيد على نحو غير مسبوق في الشأن الجنوب سوداني، المحطة الخارجية الأولى المعلنة لقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو نهاية العام 2023([viii]) بعد شهور من اندلاع الحرب الدائرة في السودان (أبريل 2023) فيما بدت إشارة لإعادة تسويق دوره في الشأن السوداني إقليميًا على الأقل. كما تبرز إثيوبيا حاليًا في دعم “المكون المدني” السوداني وخياراته بغض النظر عن مقبوليتها شعبيًا، إلى جانب دعم قوات الدعم السريع (عشية انطلاق منبر جدة مجددًا مطلع مايو 2024) أملًا في الضغط على مواقف الخرطوم في منطقة الفشقة الحدودية التي تمكنت من فرض سيطرتها عليها قبل نحو ثلاثة أعوام ([ix]). وتعول أديس أبابا في هذا الملف على حيوية دورها الإقليمي (بغض النظر عن تحيزاتها وطبيعتها) الأمر الذي اتضح مع نهاية أبريل في توجه الأنظار الدولية نحو أديس أبابا للعب دور في الضغط من أجل تسوية سياسية للأزمة في السودان لاسيما مع زيارة رمطان لعمامرة، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى السودان، للعاصمة الإثيوبية (24 أبريل) واطلاعها على تطورات السودان الأخيرة قبيل إطلاق “محادثات جدة” المتوقعة مطلع مايو المقبل.     
  • دعم التعاون الاقتصادي الإقليمي مع شركاء استراتيجيين مثل كينيا. وتدفع أديس أبابا بقوة راهنًا باتجاه قبول عضويتها في الجماعة الاقتصادية بشرق أفريقيا ([x]) الأمر الذي سيفتح سوقًا بسعة 450 مليون نسمة أمام الخدمات والصادرات الإثيوبية، ويعزز سياسات نظام آبي أحمد بتحقيق تكامل إقليمي يسهم في ترسيخ مكانة إثيوبيا في المقام الأول.
  • المبادرة بديبلوماسية أكثر جرأة بالتفاعل مع أطراف وقوى إقليمية واقعة على خطوط المواجهة؛ وتمثل ذلك في استقبال إثيوبيا -على سبيل المثال- لرئيس الوزراء الليبي عبد الحميد الدبيبة (25 أبريل) لمناقشة العديد من الملفات الاقتصادية والسياسية المشتركة ومن بينها عودة خطوط الطيران الإثيوبية للعمل في ليبيا وتقديم الأخيرة حزمة قروض لأديس أبابا وفرص الاستثمار في مجال الإنتاج الزراعي والحيواني. فيما عبر الدبيبة عن سعي بلاده لاستعادة التعاون مع إثيوبيا في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والتنسيق في العديد من المسائل الإقليمية ([xi]). ولا يخفى هنا دخول إثيوبيا على خط الاستقطاب السياسي في ليبيا مع مصر التي تدعم بشكل مباشر وعبر ارتباطات عضوية قائد الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر (المنافس الرئيس لسلطات الدبيبة ورفاقه) وتتفادى في الآونة الأخيرة انتهاج سياسة متوازنة.    

إثيوبيا والسودان: حرب بالوكالة

رغم ادعاءات أديس أبابا المتكررة، والتي لم تثبت في مواجهة المواقف على الأرض، بانتهاجها ديبلوماسية متوازنة تجاه السودان و”طرفي النزاع به” فإن اصطفافات إثيوبيا مع الإمارات (التي تهمش دورها نسبيًا فيما عرف بمنبر جدة قبل عام تقريبًا) في مقاربة الأزمة السودانية من باب دعم قوات الدعم السريع وما تعرف بالقوى المدنية الداعمة لها (والتي لا تمثل في مجملها الطيف الواسع للقوى السياسية المدنية في السودان)، وتمثل ذلك في استضافة العاصمة الإثيوبية نهاية العام 2023 اجتماعًا موسعًا لقائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو مع قادة “القوى المدنية” فيما وصفته القيادة السودانية بالعمل العدائي ضد سيادة البلاد واستقرارها، كما كان توقيت الزيارة دالًا كونه جاء في مجمله محاولة مكشوفة لتقوية موقف “الدعم السريع” سياسيًا بعد تمكنه من تعزيز وجوده في وسط السودان وغربه وما كان مقررًا وقتها من عقد محادثات معنية بالأزمة (بين البرهان وحميدتي) برعاية الهيئة الحكومية للتنمية “إيجاد”.

وجدد نظام آبي أحمد مساعيه التدخل السلبي في الأزمة السودانية مطلع مايو 2024 بإعلان تورط قوات من جبهة تحرير التيجراي في دعم القوات المسلحة السودانية وعملياتها الهادفة لاستعادة زمام المبادرة ودفع قوات الدعم السريع خارج نقاط تمركزها، وجاءت تصريحات النظام لتبرهن على عدم جديته في الإسهام الإيجابي في الشأن السوداني والتوجه المفترض بدعم مؤسسات الدولة السودانية في مواجهة أزمة داخلية، لاسيما أن أديس أبابا تورطت في حرب أهلية قام النظام خلالها بقتل ما يقرب من مليون إثيوبي رافضًا طوال هذه الحرب (أزمة التيجراي) أية مساع إقليمية ودولية للتدخل في الصراع بحجة “أنه شان داخلي”. ولا يمكن فصل إعلان أديس أبابا اتهاماتها لجبهة تحرير التيجراي عن التقارير الدولية المكثفة منذ مطلع مايو بفرار عشرات الآلاف من اللاجئين السودانيين في المعسكرات الإثيوبية من تلك المعسكرات بسبب تردي الأوضاع المعيشية في الأخيرة  وتكرار الهجمات المنتظمة على المعسكرات التي تديرها الأمم المتحدة من قبل “ميليشيات محلية” ([xii])؛ إذ يكشف هذا التزامن عن انتهاكات إثيوبيا لحقوق اللاجئين السودانيين بشكل جماعي، او على الأقل عدم قدرة  ربما سعيًا للضغط على تحركات القوات المسلحة السودانية ومنجزاتها في الأسابيع الأخيرة ضد قوات الدعم السريع.    

وبشكل محدد، وموجز هنا، يبدو أن اتهامات نظام آبي أحمد تستهدف تحقيق عدة أهداف، فإلي جانب إضعاف موقف الجيش السوداني والتغطية على نزوح اللاجئين السودانيين من الأراضي الإثيوبية (الذين يتجاوز عددهم حسب تقديرات أممية 122 ألف سوداني) لتراجع قدرة الدولة هناك على ضبط الأمور وتقديم لارعاية المتعارف عليها دوليًا لهؤلاء اللاجئين فإن الاتهامات نفسها تمثل أداة استباقية لنظام آبي أحمد في مواجهة جبهة تحرير التيجراي وهيمنتها المتجددة على منطقة ويلكيت ورايا Welkait and Raya (التي ضمتها الجبهة لإقليم التيجراي عقب سقوط نظام “الدرج” في العام 1991) إذ تمثل تلك الهيمنة تعزيزًا لقدرة الجبهة على إقامة ممر يربط الإقليم مباشرة بالسودان ومن ثم تحسين قدرات الجبهة العسكرية واللوجيستية وتحالفها مع عبد الفتاح البرهان مما يثير مخاوف مراقبون إثيوبيون من إحداث ذلك تغييرًا كبيرًا في التوازن الجيوسياسي في القرن الأفريقي” ويهدد بزعزعة قبضة آبي أحمد على السلطة([xiii]) وسط تجدد شبح الحرب الأهلية الشاملة في إثيوبيا مرة أخرى.  

إثيوبيا وإعادة إنتاج الهيمنة الإقليمية من بوابة “أرض الصومال”

كشف توقيع إثيوبيا مذكرة تفاهم مع أرض الصومال (المعلنة مطلع العام الجاري) لاستئجار شريط ساحلي به عن عمق تناقضات سياسات أديس أبابا (مقر الاتحاد الأفريقي) مع أبرز مبادئ العمل الجماعي الأفريقي القائمة على احترام سيادة الدول الأعضاء ووحدة أراضيها وحدودها الموروثة. ومن جهة أخرى فإن الخطوة نفسها جاءت متسقة تمامًا مع فلسفة نظام آبي أحمد المعروفة بالإثيوبيانية التوسعية، والتي راجت بقوة بعد هزيمة منليك الثاني للقوات الإيطالية في معركة عدوة في العام 1896 وما تلاها من توسع غير مسبوق لحدود “الدولة الإثيوبية” حتى شكلها الراهن بعد ضم إقليم أوجادين الصومالي.

ورغم تدرج مواقف مقديشو في رفض المذكرة بداية من وصفها بالعدوان (1 يناير 2024)، ثم إعلان الجاهزية للحرب دفاعًا عن سلامة أراضيها، والتلويح بإعادة الاصطفاف في تحالفات إقليمية تشمل تركيا وإريتريا ومصر، وصولًا إلى طرد السفير الإثيوبي في البلاد مطلع أبريل الفائت (مع غلق قنصليتا إثيوبيا في “جمهورية أرض الصومال” وبونتلاند) ([xiv])  فإن إثيوبيا اكتفت بالقيام بمزيد من الخطوات المراوغة (على نفس خطى المفاوضات الماراثونية المفرغة مع مصر والسودان في ملف سد النهضة لمدة تجاوزت عقد كامل).

في المقابل ترى “جمهورية أرض الصومال” أن مذكرة التفاهم ستسهم في كسر عزلتها الديبلوماسية الدولية إلى جانب تحقيقها مكاسب اقتصادية هامة، لكن بيان “كابري” مثل ضربة قوية لهذه المساعي ليس لتأثيره في تراجع إثيوبيا فحسب عن اتخاذ خطوات ملموسة في مسار الاعتراف باستقلال الأولى، ولكن تراجعًا غربيًا كبيرًا (ربما بضغوط مباشرة من إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن) عن تلميح مسئولون بريطانيون (أبرزهم لورد كاميرون وزير الخارجية وجرانت شابس وزير الدفاع) في الشهور الأخيرة بان بلادهم يمكن أن تعترف “بجمهورية أرض الصومال” مع تعاظم أهميتها في الحرب الجارية في جنوبي البحر الأحمر([xv]). ويبدو أن قيادة “جمهورية أرض الصومال” ستواصل المضي قدمًا في ملف تطوير مرافقها البحرية إذ أعلنت بالتزامن مع هذه التطورات طرح مشروع تشييد ميناء جديد في Lughaya وخصصت لذلك (مبدئيًا بطبيعة الحال) مبلغ مليون دولار مع فتح اعتمادات لقبول مخصصات إضافية متوقع من رجال أعمال وزعماء قبليون معنيون([xvi](. وهكذا يمثل مسار المضي قدمًا في تنفيذ مذكرة التفاهم خيارًا هامًا لهرجيسا لتفادي مزيدًا من الضغوط الدولية وأملًا في لعب أدوار أكثر أهمية في ترتيبات الأمن الدولية في البحر الأحمر بالتنسيق مع إثيوبيا، التي تمثل حليفًا استراتيجيًا للولايات المتحدة ودول غرب أوروبا بغض النظر عن التحولات السياسية الداخلية بها.    

غير أن أديس أبابا، التي أكدت في مناسبات عدة مراجعتها (من جانب واحد) لبنود المذكرة/ الاتفاق، اضطرت إلى التراجع -مرحليًا بطبيعة الحال وبمقتضى تحليل طبيعة السياسات الإثيوبية الخارجية- عن موقفها الذي عُد انتهاكًا لسيادة الصومال وقواعد العلاقات الدولية (وفق بيانات الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي التي أدانت بشكل غير مباشر سلوك أديس أبابا). واتضح هذا التراجع مؤخرًا في فعاليةNavigating the Complexities: Fostering Regional Security in the Horn of Africa (التي استضافتها أديس أبابا 19 أبريل الفائت كنسخة ثانية في سلسلة حوار القرن الأفريقي الثانية Horn Dialogue Series)، ولاحظ مراقبون أنه فيما واصلت أديس أبابا -خلال فعاليات المنتدى الذي تم برعاية سويدية مشتركة وبحضور ميسجانو أرجا وزير الدولة للشئون الخارجية – التأكيد على الدور المرتقب “للمذكرة” في تحقيق النمو الاقتصادي في القرن الأفريقي، وأن استئجار الأولى لميناء في أرض الصومال سيفيد “إثيوبيا والصومال”، فإن هذه الملاحظات (المفهوم منها ضمنًا تفريغ المذكرة من شقها السياسي الذي يتضمن اعترافًا إثيوبيًا “بجمهورية أرض الصومال” دولة مستقلة كشرط لتطبيقه) أرسلت رسائل مضطربة لقيادة أرض الصومال بشان خطوة أديس أبابا المقبلة([xvii]).

خلاصة

يتوق رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد إلى تحقيق مكانة فائقة لبلاده في القرن الأفريقي الكبير والمناطق المجاورة له ليس عبر وضع سياسات واضحة بقدر مواصلة التدخل في أزمات تلك الدول والتخادم المستدام لصالح قوى دولية وإقليمية لاسيما في ملفات المصالحة السياسية ومواجهة الإرهاب ومكافحة القرصنة (مع ملاحظة عجز مقدرات إثيوبيا عن الدعم الفعال في هذين الملفين الأخيرين بالأساس وما تبديه من وقت لآخر بعدم رغبتها في التدخل المناسب في الملف الأول). بأي حال فإن نهج إثيوبيا تجاه السودان و”أرض الصومال” يكشف عن نوايا توسعية تقليدية للأولى منذ تكونها في القرن التاسع عشر عبر سلسلة من الحروب بقيادة منليك الثاني، ثم مزيد من التوسع على حساب الشعوب المجاورة بعد مواءمات سياسية مع القوى الدولية بعد الحرب العالمية الثانية (خاصة بعد مشاركة إثيوبيا في الحرب الكورية في صف الولايات المتحدة في خمسينيات القرن الماضي)، كما يتوقع مراقبون من القرن الأفريقي لجوء إثيوبيا مجددًا لمستويات جديدة من الدعم الإقليمي والغربي لتحقيق توسعاتها التقليدية (المستندة بالأساس للتدخل في شئون دول الجوار واستدامة أزماتها) عبر واجهة دعم النمو الإقليمي والتكامل الاقتصادي وتسوية الصراعات السياسية. 


روسيا والسيناريو السوري في أفريقيا: ليبيا والساحل أولًا؟

فريق العمل

منصة الدراسات الأمنية وابحاث السلام

مقدمة

مع تسارع الأحداث في سوريا ظهرت تقارير روسية عن محادثات أولية تجريها موسكو مع “هيئة تحرير الشام”، التي استولت على العاصمة دمشق (8 ديسمبر الجاري)، بشأن مصير قواعدها البحرية والجوية في الأراضي السورية؛ مع صعود اتهامات إعلامية روسية لإيران بعدم التنسيق الضروري معها بخصوص التطورات الأخيرة وعدم إسنادها لضربات موسكو الجوية منذ نهاية نوفمبر الماضي، ولم يفت وسائل الإعلام الروسية اتهام أبو محمد الجولاني بأنه “عميل للمخابرات المركزية الأمريكية”([1]). وتعتمد روسيا اعتمادًا كبيرًا على قاعدتي حميميم وطرطوس في سوريا لتقديم الوقود لمعداتها أسلحتها المتمركزة فيهما، ومن ثم القيام بعمليات في أفريقيا دون تكلفة كبيرة، وتوفر توسعًا كبيرًا لأنشطتها العسكرية والسياسية والاقتصادية في أفريقيا؛ وهو ما يؤشر إلى خسارات روسية مرتقبة، وتوقعات مهمة بسعي روسيا -حال جدية اقترابها من الدول الأفريقية باستراتيجية دعم وتعاون على المدى البعيد- لتعميق نفوذها وتنويع جوانبه في الدول الأفريقية خارج المظلة العسكرية والأمنية وحدها.  

أفريقيا ومعضلة روسيا في سوريا: ما الصلة؟

لعبت كل من قاعدة طرطوس الروسية البحرية في المدينة السورية الساحلية، وقاعدة حميميم الجوية، التي حصلت عليها موسكو في العام 2015 كمكافأة لدورها في ضرب قواعد المعارضة لنظام بشار الأسد عقب أحداث الربيع العربي، دورًا مهمًا في إسناد عمليات روسيا في أفريقيا، لاسيما مع افتقار الأولى لقواعد دائمة في البحر المتوسط والبحر الأحمر، واستضافت القاعدتان عددًا من أكثر الطائرات الروسية المقاتلة تقدمًا، كما عملت كنقاط توقف لإعادة تزويد الطائرات العسكرية وغيرها المتجهة إلى أفريقيا بالوقود. مع ملاحظة أن قاعدة طرطوس، التي بناها السوفييت في الأصل في العام 1971، قد حُدثت على يد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الفترة 2012-2015 على نحو يتفق مع توجهاته في أفريقيا حسب وسائل إعلام غربية. كما يسرت قاعدة طرطوس البحرية قدرة روسيا على إعادة نشر نحو 20 ألف جندي روسي (أو من جنسيات أخرى تحت قيادة روسية) في مواقع مختلفة في أفريقيا مثل ليبيا ومالي والنيجر وبوركينا فاسو ([2]). وتوضح هذه المعطيات حجم الخسارة المتوقعة لروسيا في أفريقيا، حال تغيير الوضع القائم لقواتها في هاتين القاعدتين بعد رحيل نظام بشار الأسد.

ورأى مراقبون ليبيون مطلعون أنه في حال حرمان روسيا من جسر جوي يعتمد عليه (بين قواعدها في سوريا ونقاط ارتكازها في ليبيا) فإن قدرة روسيا على الحفاظ على زخم قوتها في أفريقيا (ككل) ستنهار، كما أن “استراتيجية عمل روسيا بأكملها في البحر المتوسط وأفريقيا” نتيجة صعوبات لوجيستية لا يمكن التغلب عليها حال اضطرار موسكو العمل من قواعدها مباشرة نحو القواعد الجوية الليبية (الخديم، والجفرة، وغردابية وبراك الشاطئ). كما أكد خبراء روس أن جميع إمدادات روسيا على أفريقيا تمر من قاعدة حميميم السورية، لاسيما تلك الموجهة إلى جمهورية أفريقيا الوسطى ([3]).  

الوجود الروسي في ليبيا على المحك

إضافة إلى الضربة المعنوية الكبيرة التي لحقت بروسيا ودورها في مناطق وجودها في أفريقيا فإن مجمل هذا الوجود بات على المحك تمامًا في الحالة الليبية. فليبيا هي أقرب نقاط وصول القوات الروسية من قواعدها في سوريا إلى القارة الأفريقية، ولاسيما ميناء طبرق الواقع شمالي ليبيا (لا تتجاوز المسافة بين طرطوس وطبرق 700 ميل) والذي شهد في السنوات الأخيرة وصولًا منتظمًا لسفن الشحن الروسية العسكرية التي نقلت كميات هائلة من المعدات العسكرية لليبيا (قدرتها مصادر غربية في ربيع العام الجاري بعشرات الأطنان شهريًا)، وزادت وتيرتها بعد زيارة يونس- بيك يفكوروف (نائب وزير الدفاع الروسي) لطبرق ولقائه بها بالمشير خليفة حفتر. واحتوت الشحنات المنقولة (حسب مواقع ليبية معنية) من ميناء طرطوس إلى طبرق ناقلات جنود مسلحة، ومنصات إطلاق صواريخ ([4])

وسيؤثر التغيير المرتقب في وضع القوات الروسية في سوريا بشكل مباشر على وضعها في شرقي ليبيا، الذي بات بالفعل منصة الانطلاق الرئيسة لروسيا في أفريقيا، ولاسيما إلى دول الساحل المجاورة لليبيا أو القريبة منها. ويتوقع أن يؤدي أي اضطراب في سلاسل الإمداد الروسية (العسكرية والأمنية) من ميناء طرطوس السوري إلى ميناء طبرق إلى آثار سلبية على دعم روسيا للجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر. كما يتوقع أن تتوقف قدرة موسكو على تجنيد عناصر سورية (أو أجنبية انطلاقًا من سوريا) في صفوف مجموعة فاغنر العاملة في ليبيا أو غيرها من الدول الأفريقية.

ويتضح هذا التأثير المرتقب في صلة موسكو بحفتر، الذي تعززت الشكوك في ولائه التام لواشنطن وصلاته الاستخباراتية القديمة مع جهاز المخابرات المركزية حسبما رشح من حرص واشنطن على عدم إضعافه أو خروجه من معادلة السياسة الليبية رغم تجاوزاته المعروفة. فقد عمد حفتر بشكل كبير إلى توطيد صلته بروسيا (التي زارها بشكل مستمر في السنوات الأخيرة، وأبرزها توجهه في اليوم التالي من زيارة قائد الأفريكوم ومبعوث الولايات المتحدة الخاص لليبيا ريتشارد نورولاند لمدينة درنة (عقب الكارثة التي ألمت بها في سبتمبر 2023) إلى مدينة موسكو في زيارة مهمة؛ الأمر الذي اعتبره مراقبون أمريكيون تلاعبًا من قبل حفتر بسياسات الإدارة الأمريكية.

ومع ترقب العالم إطلاق سياسات الرئيس المنتخب دونالد ترامب رسميًا في يناير المقبل كان الوجود الروسي في ليبيا محل انتقادات صريحة في اجتماع وزراء خارجية مجموعة السبعة الكبار “لدور روسيا الخبيث في ليبيا، الذي يحجم السيادة الليبية والأمن الإقليمي” ودعا بيان الاجتماع نهاية نوفمبر الماضي إلى “سحب جميع المقاتلين والمرتزقة الأجانب”([5])؛ كما يلاحظ تزامن التطورات في سوريا مع أخرى في ليبيا، فيما يتعلق بالصلة الروسية، إذ تزايدت مطلع ديسمبر الجاري -حسب تقارير إعلامية مطلعة- حجم تدفقات الأسلحة الروسية إلى “ثلاثة قواعد جوية تابعة لموسكو في ليبيا” في نهاية العام 2024 كما أظهرت تحليلات لصور فضائية لقواعد براق الشاطئ والجفرة والقادرية مع بدء العناصر الروسية عمليات تجديد واضحة في مرافق هذه القواعد بما فيها ممرات الطائرات([6]).     

بأي حال فإن توقعات تضرر التأثير الروسي في ليبيا في الفترة المقبلة، ومن ثم في إقليم الساحل على امتداده من السودان شرقًا إلى السنغال غربًا، تملك أسسًا قوية. وعلى سبيل المثال أكدت دراسات لمعهد دراسة الحرب Institute for the Study of War (ديسمبر 2024) حتمية هذا التأثير بحال فقدان روسيا سيطرتها على قاعدة طرطوس لاسيما في جهود إعادة الإمداد وتدوير “الفيالق الأفريقية”، ولاسيما إضعاف عمليات روسيا في ليبيا ومجمل “أفريقيا جنوب الصحراء”. لكن استجابة روسيا لهذه التطورات تظل محل اهتمام غربي وأفريقي ملفت مع توقع تكثيف روسيا حضورها في ليبيا والسودان كبديلين عن وجودها في سوريا حتى في ظل غياب اتفاقات رسمية (حتى الان) مع طرابلس والخرطوم وعدم كفاية البنية الأساسية الضرورية لإقامة قواعد روسية بهما “فوريًا”([7]). ويعزز توقع هذه الاستجابة الروسية تضرر صورة موسكو البالغة كحليف يعول عليه (في الحالة السورية)، ومن ثم سعيها لتحرك سريع في ليبيا رغم صعوبة توقع جنوح حفتر الكامل لتحالف مع روسيا لاعتبارات مختلفة أهمها صلاته الوثيقة (وغير المعروف عمقها في واقع الأمر) مع واشنطن، وحسابات وصول دونالد ترامب للبيت البيضاوي وتفادي الصدام معه في هذا التوقيت، ومخاوف حقيقية من عجز روسيا عن إسناد حلفائها في ليبيا بشكل مؤثر.  

روسيا وتحالف دول الساحل: ترهل النفوذ والتأثير؟

بادرت موسكو خلال قمة وزراء خارجية روسيا- أفريقيا في سوشي (نوفمبر 2024) إلى طمأنة دول تحالف الساحل باستمرار التعاون معها، لاسيما مع إقدام دول التحالف (مالي والنيجر وبوركينا فاسو) على المضي قدمًا في خطوة الانسحاب من الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا “إيكواس” دون أي تراجع، وبالتوازي مع توتر متزايد مع فرنسا والولايات المتحدة (وحليفتها أوكرانيا) ضاعف من تداعياته إعلان كل من السنغال وتشد (بصيغ مختلفة) قطع صلات الدفاع المشترك الثنائية مع فرنسا على خلفية عدم احترام الأخيرة للسيادة الوطنية للبلدين، وهي نفس الشكوى التي أعلنتها دول تحالف الساحل الثلاثة قبل أعوام قليلة وقادات إلى الوضع الراهن. وبادرت موسكو بتوجيه رسالة طمأنة لدول التحالف ترقبًا لنتائج سياسية واقتصادية خطيرة تواجه تلك الدول ([8]). كما كررت موسكو الرسالة بعد سقوط نظام بشار الأسد في دمشق، والذي مثل بدوره ضربة موجعة لصورة روسيا في إقليم الساحل وبقية أرجاء القارة الأفريقية.

وكرر بوتين الرسالة الهادفة إلى طمأنة “أفريقيا” في الأسبوع الأول من ديسمبر الجاري خلال حضوره منتدى الاستثمار الروسي VTB Investment Forum ‘Russia is Calling!’ لكن من زاوية التقارب الروحي والاجتماعي بين روسيا وأفريقيا واحترام دول الأخيرة لمبدأ السيادة الوطنية، وملمحًا إلى وجود رغبة من دول أوروبية مثل ألمانيا (التي حدثه أصدقاء بها حسب تعبيره) في تعميق نفوذها في أفريقيا أسوة بالدور الروسي ([9])، وجاء هذا التلميح ليثير تساؤلات عن إمكانية إقدام روسيا على تنسيق أدوار مع قوى أوروبية في أفريقيا لاسيما بعد احتمالات خروجها من سوريا، وهو سيناريو غير مستبعد عند مقارنته بالتنسيق الروسي- التركي العميق في الحالة الليبية بغض النظر عن المواقف الرسمية المعلنة للجانبين أو عملاءهما في ليبيا.

ومع ملاحظة تأثير سقوط نظام بشار الأسد وما سيؤدي له من ترهل واضح في شبكة نفوذ روسيا في أفريقيا، والتي قامت بالأساس على دعم نظم الحكم “الاستبدادية” أو العسكرية (كما يتضح من خريطة هذا النفوذ في أفريقيا وربما في خارجها). كما أن تداعي نظام الدعم الروسي لسوريا، والذي كان يقوم على استراتيجية تقديم دعم عسكري مصحوب بتدخل مزمن، ومساعدات اقتصادية، ودعم دبلوماسي كحزمة واحدة، يؤشر على سيناريو قابل للتكرار في تحالف دول الساحل أخذًا في الاعتبار ضخامة الدعم الروسي لسوريا (وفق هذه الحزمة) مقارنة بما تقدمه موسكو لدول التحالف الثلاثة ([10]).

خلاصة

يتوقع أن تكون عواقب سقوط نظام بشار الأسد في سوريا وانكشاف الوضع الروسي كقوة دولية غير قادرة على “حماية” حلفائها” (بغض النظر عن إمكان تفسير هذا التخاذل في سياق ترتيبات دولية جديدة جاء عدد منها على حساب الأوضاع القائمة في الشرق الأوسط وربما تطال مناطق مثل إقليم الساحل الأفريقي) بالغة التأثير في أوضاع الدول الحليفة لروسيا في أفريقيا. وحسب مراقبين فإن دول تحالف الساحل سوف تسعي للبحث عن “مصادر دعم جديدة” سواء في الغرب أم الصين أم قوى صاعدة أخرى (أو قوى متوسطة مثل تركيا والإمارات والسعودية). لكن مثل هذا التغيير ربما سيقود إلى إعادة تشكيل البيئة الجيوسياسية الأفريقية بشكل عام وخلق توازنات جديدة ستكون تداعياتها أشد وطأة على المجتمعات الأفريقية.  

وتظل هذه التغيرات مرتقبة بقوة رغم إعلان مسئولون في الكرملين (رفضوا الإفصاح عن أسماءهم) في تصريحات لوكالة تاس الروسية (9 ديسمبر الجاري) توصل روسيا “لاتفاق لضمان أصولها العسكرية في سوريا” مع السلطات الجديدة في دمشق ([11])، وعدم وجود دلائل مبكرة (ومعلنة بطبيعة الحال) على خطوات محددة من قبل هذه السلطات لمطالبة روسيا بالرحيل من “قواعدها”. لكن لا يتوقع أن تستمر الأنشطة العسكرية الروسية بين قواعدها في سوريا ونظيرتها في شرقي ليبيا في مستوياتها الحالية، ما يعني توقع شبه حتمي بتراجع روسي ملموس في مناطق التنافس على النفوذ في ليبيا وإقليم الساحل.

الهوامش


[1]  James Kilner, Russia scrambling to keep hold of key Syria bases as Putin faces loss of gateway to Africa, The Telegraph, December 9, 2024 https://www.msn.com/en-gb/politics/international-relations/russia-scrambling-to-keep-hold-of-key-syria-bases-as-putin-faces-loss-of-gateway-to-africa/ar-AA1vxRqD?ocid=BingNewsSerp

[2] Ibid.

[3] Russia’s Africa Strategy at Risk After Syria Regime Collapse, Polity, December 11, 2024 https://www.polity.org.za/article/russias-africa-strategy-at-risk-after-syria-regime-collapse-2024-12-11

[4] Tom Kington, Russia funneling weapons through Libyan port, eying gateway to Africa, Defense News, April 19, 2024 https://www.defensenews.com/global/europe/2024/04/19/russia-funneling-weapons-through-libyan-port-eying-gateway-to-africa/

[5] Foreign Ministers of G7 deplore Russia’s “malign activities” in Libya, Libya Observer, November 27, 2024 https://libyaobserver.ly/news/foreign-ministers-g7-deplore-russias-malign-activities-libya

[6] Report says Haftar’s forces need permission from Russia to enter some military bases in Libya, Libya Observer, December 4, 2024 https://libyaobserver.ly/news/report-says-haftars-forces-need-permission-russia-enter-some-military-bases-libya

[7] Loss of military bases in Syria to have serious implications for Russia’s influence in Africa – ISW, Ukrinform, December 9, 2024 https://www.ukrinform.net/rubric-ato/3935826-loss-of-military-bases-in-syria-to-have-serious-implications-for-russias-influence-in-africa-isw.html

[8] Russia guarantees Africa’s security and economic stability, The B & FT Online, December 9, 2024 https://thebftonline.com/2024/12/09/russia-guarantees-africas-security-and-economic-stability/

[9] Africa and Russia close in spirit – Putin, RT, December 5, 2024 https://www.bignewsnetwork.com/news/274821991/africa-and-russia-close-in-spirit—putin

[10]Simantik Dowerah, Why fall of Bashar-al Assad in Syria threatens Russia across the Mediterranean, Africa and beyond, First Post, December 9, 2024 https://www.firstpost.com/world/why-fall-of-bashar-al-assad-in-syria-threatens-russia-across-the-mediterranean-africa-and-beyond-13842833.html

[11] Mike Eckel, How Assad’s Fall Threatens Russia’s Military Influence In Syria — And Across The Region, Radio Free Europe, December 9, 2024 https://www.rferl.org/a/syria-russia-tartus-hmeimim-base-military-withdrawal/33232501.html


[i] G7 countries concerned over Ethiopia, Somaliland MoU, ‘persistent and violent tensions in many areas’ in Ethiopia, The Reporter, April 20, 2024 https://www.thereporterethiopia.com/39690/

[ii] Ethiopia’s Deputy Prime Minister and Foreign Minister resigns amid civil war, Sonna, January 26, 2024 https://sonna.so/en/ethiopias-deputy-prime-minister-and-foreign-minister-resigns-amid-civil-war/

[iii] Ethiopia Reiterates Commitment to regional Peace, Development, Ethiopian News Agency, April 19, 2024 https://www.msn.com/en-xl/africa/top-stories/ethiopia-reiterates-commitment-to-regional-peace-development/ar-AA1nkJS5

[iv] Eritrea Announces Border Demarcation with Ethiopia,  Wardhee News, April 14, 2024 https://wardheernews.com/eritrea-announces-border-demarcation-with-ethiopia/

[v] Alliance, alliances, and more alliances: what for, with whom, and when? Borkena, April 13, 2024 https://borkena.com/2024/04/13/ethiopia-alliance-alliances-and-more-alliances-what-for-with-whom-and-when/#google_vignette

[vi] Ethiopia at cross-roads yet again, Borkena, March 31, 2024 https://borkena.com/2024/03/31/ethiopia-at-cross-roads-yet-again-by-dan-a/

[vii] Alex de Waal and Mulugeta Gebrehiwot Berhe, Ethiopia Back on the Brink: How Abiy’s Reckless Ambition—and Emirati Meddling—Are Fueling Chaos in the Horn, Foreign Affairs, April 8, 2024 https://www.foreignaffairs.com/ethiopia/ethiopia-back-brink

[viii] Sudan RSF leader visits Ethiopia in first public wartime tour, Reuters, December 28, 2023 https://www.reuters.com/world/africa/sudan-rsf-leader-visits-ethiopia-first-public-wartime-tour-2023-12-28/

[ix] Ahmed Soliman and Elise Lannaud, Securitizing the Ethiopia–Sudan border: How cross-border conflict is shaping trade and the control of land, Chatham House, April 4, 2024 https://www.chathamhouse.org/2024/04/securitizing-ethiopia-sudan-border-how-cross-border-conflict-shaping-trade-and-control-land

[x] Ethiopia Set to Join EAC, Pushing Bloc Population to 420 Million, Business Day Africa, April 13, 2024 https://businessdayafrica.org/ethiopia-to-join-eac-increasing-bloc-population-to-420-million/#:~:text=Ethiopia%20is%20on%20the%20brink,number%20of%20countries%20to%20nine.

[xi] Libyan Prime Minister Dbeibah visits Ethiopia, The Libya Observer, April 25, 2024 https://libyaobserver.ly/news/libyan-prime-minister-dbeibah-visits-ethiopia

[xii] Sudanese refugees in Ethiopia flee camps citing dire conditions, Sudan Tribune, May 4, 2024 https://sudantribune.com/article285212/

[xiii]  Sisay Mulu (Amoraw), Abiy Ahmed at the Center: Power, Conflict and Identity in Welkait and Raya, Borkena, April 28, 2024 https://borkena.com/2024/04/28/abiy-ahmed-at-the-center-power-conflict-and-identity-in-welkait-and-raya/

[xiv] Somalia expels Ethiopia ambassador for ‘bluntly interfering’ in internal affairs, France 24, April 4, 2024 https://www.france24.com/en/africa/20240404-somalia-expels-ethiopia-ambassador-for-bluntly-interfering-in-internal-affairs

[xv] Joe Biden blamed for ‘catastrophic’ G7 decision to abandon potential ally in Red Sea war, Express, April 20, 2024 https://www.express.co.uk/news/politics/1890504/joe-biden-red-sea-war-somaliland-g7

[xvi] Somaliland Advances New Port Construction In Lughaya Amid Ethiopia Agreement Talks, The Nigerian Voice, April 19, 2024 https://www.thenigerianvoice.com/news/333864/somaliland-advances-new-port-construction-in-lughaya-amid-et.html

[xvii] Ethiopia Sees Outlet in Somalia As a Path to “Economic Growth”, Puntland Post, April 21, 2024 https://puntlandpost.net/2024/04/21/ethiopia-sees-sea-outlet-in-somalia-as-a-path-to-economic-growth/

زر الذهاب إلى الأعلى