التحالفات الدبلوماسية والاتفاقيات الدولية

حول مآلات المساعي البريطانية للاعتراف بصوماليلاند (إقليم أرض الصومال)

الباحثة: نِهاد محمود

مع قيام وزير الخارجية البريطاني “ديفيد كاميرون” بعقد لقاء مع أحد كِبار أعضاء البرلمان البريطاني من حزب المحافظين لمناقشة إمكانية الاعتراف البريطاني الرسمي بإقليم أرض الصومال، وذلك في فبراير 2024 الماضي -في ظل تصاعد الأزمة في البحر الأحمر والتهديد الحوثي هناك- عقب فترة قليلة من تكرار إثيوبيا لخطة مماثلة مطلع العام الجاري 2024، والتي أثارت إدانة السلطات الصومالية، تبرز تساؤلات حول مدى احتمالية تحقق هذا الاعتراف، وما قد يترتب عليه من تداعيات حال إنفاذه، سواء على المستوى الإقليمي المحتدم بالفعل منذ توقيع مذكرة التفاهم بين إثيوبيا وأرض الصومال -التي من شأنها منح إثيوبيا إمكانية الوصول إلى أحد موانئ أرض الصومال على البحر الأحمر وفي المقابل ستحصل أرض الصومال على الاعتراف بها كدولة مستقلة- أو على مستوى الفواعل الدولية التي يعنيها كثيرًا جُل التفاعلات بمنطقة ذات ثقل جيواستراتيجي كالقرن الأفريقي.

عطفًا على ما سبق، يسعى المقال إلى التعرف على دلالات التحرك البريطاني وجديّة هذه المساعي الرامية للاعتراف بأرض الصومال، مع الوضع في الاعتبار متغيرات البيئتين الإقليمية والدولية، وتداعيات القرار المُحتمل، حال تحققه سواء على المستوى الإقليمي (لاسيما إثيوبيا وجمهورية الصومال الفيدرالية وغيرهما) أو على المستوى الدولي.

هل تُمَهِّد مُذكرة التفاهم للمهمة البريطانية للاعتراف بصوماليلاند؟

يرجح في هذا الشأن أن خطوة آبي أحمد تجاه الاعتراف بصوماليلاند عبر الاتفاق التاريخي بين البلدين (إثيوبيا- أرض الصومال) تمثل تمهيدًا حقيقيًا لغيرها من الدول الساعية لتوطيد علاقتها بالإقليم الانفصالي والاعتراف به، وعلى رأسها المملكة المتحدة، التي أعلنت بشكل أو آخر، أنها لن تعترف بصوماليلاند إلا في حال كانت الخطوة الأولى للاعتراف “أفريقية”، بما يعنيه أن الاتفاق بين آبي أحمد وموسى بيهي عبدي يُسهِّل كثيرًا مهمة المملكة المتحدة. وقد أكد ذلك اللورد جولدسميث عندما غرد قائلًا: “باعتباري وزير خارجية سابق في المملكة المتحدة، كان من الواضح لي دائمًا أننا سنعترف بسيادة أرض الصومال بمجرد الاعتراف رسميًا بها من قبل دولة (دول) أفريقية، وهذا يحدث الآن وآمل أن تحذو المملكة المتحدة حذوه”.

من جهة أخرى وتأكيدًا لما سبق، طالب رئيس الوزراء البريطاني الحالي “ريشي سوناك” خلال جلسة لمجلسيّ البرلمان البريطاني في 16 يناير من العام 2024، عقب حوالي أسبوعين من مذكرة التفاهم سالفة البيان، بضرورة التحرك من الحكومة البريطانية لبدء الاعتراف الرسمي بأرض الصومال كدولة حُرة وذات سيادة، لاسيما بعد عقد الاتفاق بين إثيوبيا وأرض الصومال. كما أكد على أن حكومته ستواصل الحوار مع كافة الأطراف المعنية لضمان ازدهار وأمن المنطقة.

ترحيب بريطاني بالاعتراف:

في هذا الإطار يقول السير “غافين ويليامسون” (مسئول حكومي بارز، وزير دفاع سابق في الحكومة البريطانية استقال في العام 2022، عضو برلمان المملكة المتحدة منذ عام 2010): “أرض الصومال دولة تفعل كل ما يعتقد الناس أنه يتوقع من دولة ديمقراطية حرة أن تفعله، ولكنها تطلب شيئًا في المقابل، وهو الاعتراف بها. لقد كان شعب أرض الصومال، على مدى عقود عديدة، على استعداد للنظر إلى بريطانيا كصديق. وفي الواقع، عندما كنا في أشد الحاجة إليهم خلال الحرب العالمية الثانية، انضموا إلينا (شعب أرض الصومال) في معركتنا ضد الفاشية. لقد قاتلوا جنبًا إلى جنب مع الجنود البريطانيين.” ويضيف مستكملًا: “عندما كنت في هرجيسا، قمت بزيارة مقبرة مقابر حرب الكومنولث، وخلال هذه الزيارة شاهدت أسماء بريطانية وكذلك أسماء سكان أرض الصومال. لقد أراقت دماء بلدينا من أجل تلك القيم والمصالح المشتركة. نحن الآن بحاجة إلى تكثيف جهودنا كأمة والقيام بشيء أكثر من مجرد التواجد هناك. لقد حان الوقت للاعتراف بأرض الصومال، إذا لم نغتنم هذه الفرصة فسيفعل الآخرون ذلك، وسنخسر حليفًا في بقعة استراتيجية للغاية تحمل نوايا حسنة تجاه المملكة المتحدة”. كما أعرب ديفيد كاميرون (وزير الخارجية البريطاني الحالي ورئيس الوزراء السابق) عن تعاطفه الكبير مع الاعتراف بأرض الصومال، قائلًا: “يجب أن يترجم ذلك الآن إلى شيء إيجابي”.

يعزز من موقف المملكة المتحدة للاهتمام بأرض الصومال، الاستهداف الحوثي لسفن الشحن المارة عبر خليج عدن ومضيق باب المندب، ما يدفع إلى مزيد من الأنظار إلى هذه المنطقة. كما تؤكد فواعل دولية عدة كالمملكة المتحدة (والولايات المتحدة والصين) عن قلقهم إزاء تفاقم الوضع بخليج عدن، الممر الحيوي للتجارة والملاحة البحرية العالمية.

تحرك مباشر وزيارة رسمية:

في ظل مساعي المملكة المتحدة للاعتراف؛ قام وفد من البرلمانيين والدبلوماسيين والصحفيين من المملكة المتحدة في أبريل الحالي من العام 2024، الذين يدافعون عن استقلال أرض الصومال، بزيارة إلى هذه الدولة غير المعترف بها. وكان في استقبالهما نائب وزير الخارجية والتعاون الدولي في صوماليلاند، “رودا جاما علمي”. ترأس “الوفد ألكسندر ستافورد” و”تيم لوتون” من البرلمان البريطاني. ورافق النائبان صحفيون دوليون وأعضاء آخرون في الحركة البريطانية للاعتراف بجمهورية أرض الصومال. ظل الفريق هناك لأيام، وخلال الزيارة تم عقد اجتماعات مع كبار المسؤولين في مختلف المؤسسات في البلاد؛ المسؤولين الحكوميين والمنظمات العامة. من أجل أن يتمكن البريطانيون من تقدير مدى صلابة وأحقية شعب أرض الصومال في تحقيق الاستقلال والاعتراف الدولي بهم. كما أنه بالتوازي مع زيارة كبار البريطانيين للمنطقة الانفصالية، ألغت لندن ديون الصومال ووعدت بالاستثمار في هذه الدولة الواقعة في القرن الأفريقي وتطوير اقتصادها.

من الهام التأكيد على أن الرغبة المتبادلة بين لندن وهرجيسا للاعتراف بالأخيرة لم تبرز خلال هذه الفترة فقط، فقد دعا رئيس أرض الصومال “أحمد محمد سيلانيو” في وقت سابق خلال عام 2016 بريطانيا إلى الاعتراف بإدارته وبلاده، وأشار إلى أن ذلك يصب ضمن مصالح بريطانيا التجارية في منطقة القرن الإفريقي. في هذا الإطار وصف “سيلانيو” انضمام أرض الصومال بعد حصولها على الاستقلال من بريطانيا إلى المستعمرة الإيطالية السابقة (الصومال) بأنه كان خطأ كبير أدى إلى تدمير أرض الصومال وقتل 50 ألف من سكانها على أيدي قوات النظام العسكري بقيادة الرئيس الراحل محمد سياد بري. وأشار إلى أن حصول أرض الصومال على الاستقلال قد يساهم في جهود بريطانيا والمجتمع الدولي في محاربة الإرهابيين والقراصنة في القرن الإفريقي.

جدير بالإشارة أن هذه التصريحات جاءت عقب تأكيد السفيرة البريطانية لدى الصومال آنذاك “هارييت ماثويس” بأن بلادها لن تتخذ خطوة أحادية الجانب للاعتراف بأرض الصومال، مشيرة إلى أن كلمة الفصل في تلك القضية للاتحاد الأفريقي. وهو لا يختلف كثيرًا عن التصريحات الأحدث المذكورة أعلاه، من ضرورة الاعتراف الأفريقي أولًا، قبل اتخاذ الجانب البريطاني أية خطوات رسمية في هذا الشأن.

الموقف الراهن تجاه الاعتراف بصوماليلاند:

لا تعترف أي دولة عضو في الأمم المتحدة أو منظمة عالمية باستقلال أرض الصومال رسميًا حتى الآن.  في الوقت نفسه، لا تدعم الولايات المتحدة، على عكس المملكة المتحدة، رغبة أرض الصومال في الاستقلال، كما يفعل جيران الصومال، باستثناء إثيوبيا. ومع ذلك، لا يزال لدى الإقليم علاقات دبلوماسية غير رسمية مع مختلف الدول الأعضاء في الأمم المتحدة. كما أنه يحافظ على علاقات مع الدول والأقاليم المهمشة الأخرى، كما يعترف جزئيًا بتايوان. علاوة على ذلك يمتلك العديد من الدول الأجنبية مكاتب تمثيلية في عاصمة أرض الصومال “هرجيسا”. ولديهم مكاتب اتصال في حوالي 20 دولة تمتد عبر خمس قارات.

أما على مستوى تصنيفات المنظمات الدولية؛ ففي العام الماضي صنفت مؤسسة فريدوم هاوس، التي تصدر تقييمًا سنويًا للحريات السياسية والحريات المدنية، أرض الصومال على أنها “حُرة جزئيًا” بحصولها على 44 نقطة من أصل 100. على صعيد آخر أعلنت أن الصومال الفيدرالية “غير حُرة” بحصولها على 8 من أصل 100 نقطة فقط.

في الأخير نرى أنه في حال أقدمت المملكة المتحدة على هذه الخطوة التاريخية وقامت بالاعتراف بإقليم أرض الصومال، رغم أن القرار سيُحدِث الكثير من التوترات أبرزها زعزعة الاستقرار والتأثير على وحدة وسلام الدولة في جمهورية الصومال الفيدرالية وإثارة الاضطرابات في منطقة القرن الأفريقي برمتها، بل وخارجها (وهو ما دفع إثيوبيا إلى الإشارة أنها قد تتراجع عن الاعتراف حال تزايدت الضغوط تجاهها وفقًا لمقال نشرته بلومبيرغ مارس الماضي)، إلا أنه بالتوازي مع ذلك، قد يفتح الاعتراف البريطاني الباب أمام بعض الدول التي تحتفظ بعلاقات جيدة مع الإقليم الانفصالي للاعتراف بها، لكنها لا ترغب في أخذ زمام المبادرة في هذا الأمر، كالإمارات التي تمتلك استثمارات هناك (كتدشين شركة موانئ دبي بقيمة 101 مليون دولار في عام 2018)، وأيضًا إثيوبيا التي ترى في هذا الاعتراف البريطاني انفراجة لها، خاصة أنها لم تعلن عن اعترافها بصورة رسمية إلى الآن انتظارًا لتهيّئ الوضع إقليميًا ودوليًا، رغم نص مذكرة التفاهم المبرمة على الاعتراف الرسمي بهرجيسا مقابل الولوج للبحر الأحمر بمساحة تبلغ 20 كيلو مترًا تقريبًا من الأراضي الصومالية.

خريطة النفوذ الفرنسي المتغيرة في أفريقيا: ما بعد "الإمبراطورية"؟

د. محمد عبد الكريم احمد

منصة الدراسات الأمنية وأبحاث السلام

 

مقدمة:

 

تزامنت جولة وزير الخارجية الفرنسي الجديد جان- نويل بارو (تولى منصبه في سبتمبر الماضي) التي شملت كل من العاصمة الإثيوبية أديس أبابا والتشادية انجامينا مع تغيرات حادة في النفوذ الفرنسي التقليدي في القارة الأفريقية ككل حسبما اتضح من أجندة بارو (التي ركزت على الأزمة السودانية ومستقبل الوجود العسكري الفرنسي في أفريقيا)، وفي انتهاج باريس اقترابات جديدة نحو دول خارج ما كانت تعرف بغرب أفريقيا الفرنسية وأفريقيا الاستوائية الفرنسية (الإمبراطورية الفرنسية سابقًا) مثل نيجيريا؛ حيث استضافت باريس رئيس الأخيرة بولا تينوبو (28-29 نوفمبر 2024) خلال وجود بارو في القارة. كما كان ملفتًا إعلان رئيس السنغال باسيرو ديوماي فاي (28 نوفمبر) وجوب غلق فرنسا جميع قواعدها العسكرية في البلاد كونها “لا تتسق مع سيادة السنغال الوطنية”، وهي تصريحات تزامنت مع فوز حزب فاي في الانتخابات النيابية الأخيرة، ومرور نحو 80 عام على مذبحة فرنسية كبيرة للقوات السنغالية التي وصفت وقتها بالتمرد على الاستعمار الفرنسي (1944)، ثم إعلان تشاد في اليوم نفسه “إنهاء اتفاقية تعاونها العسكري مع فرنسا”. ومثلت هذه المتغيرات مؤشرًا قويًا على بدء فرنسا جهود جديدة للتقرب إلى دول أفريقية ناطقة بالإنجليزية، حسبما لاحظت جريدة اللوموند ([1])، وأنها أدارت ظهرها بالفعل لإقليم الساحل.  

أجندة بارو الأفريقية: السودان أولًا؟

برز اسم السودان في مقدمة بنود أجندة جولة جان-نويل بارو الأولى لأفريقيا جنوب الصحراء (27-20 نوفمبر) وكان ذلك منطقيًا إلى حد كبير كون الجولة تركزت في جارتي السودان الفاعلتين بأدوار مختلفة في أزمته: تشاد وإثيوبيا. كما أن بارو عمد خلال زيارته لتشاد إلى زيارة مدينة آدري Adre القريبة من حدود تشاد الشرقية مع السودان، وإعلانه خلال زيارته لها تأكيد التزام بلاده “بوعودها” بخصوص تقديم مساعدات إنسانية للسودان حسب مصادر مطلعة نقلت عنها وسائل إعلام فرنسية مهمة ([2]).  

وبغض النظر عن لغة “بارو” المؤكدة على التزامات فرنسا تجاه السودان فإنه لا يمكن فصل توجه باريس الأخير عن مساعيها لإعادة تموضع نفوذها على أطراف إقليم الساحل (السودان شرقًا ونيجيريا جنوبًا وربما الجزائر شمالًا إضافة إلى ليبيا التي تشهد حضورًا فرنسيًا متزايدًا منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011). فقد انتشرت تقارير منتصف نوفمبر عن وجود “نظام أسلحة فرنسية” في يد ميليشيات الدعم السريع في ولايات دارفور مما يمثل انتهاكًا لحظر صادرات السلاح للسودان الذي تفرضه الأمم المتحدة بالفعل. فقد كشفت منظمة العفو الدولية عن أدلة على استخدام ميليشيات الدعم (حصرًا) أسلحة مصنعة في دولة الإمارات العربية المتحدة “في أجزاء متفرقة من السودان” بما في ذلك إقليم دارفور مزودة “بنظم دفاعية فرنسية”([3])؛ مما يؤشر إلى وجود صلة إماراتية- فرنسية في الشأن السوداني، وأن تطورات هذه الصلة ستتضح بشكل أكبر عقب زيارة بارو التي أعلنت انجامينا خلالها عن قطع تعاونها العسكري مع باريس في تزامن دال للغاية. لكن مراقبين معنيين بالشأن السوداني يطرحون رؤية إمكانية التقارب بين الخرطوم وباريس على أساس “المصالح المتبادلة” ومقدرات فرنسا كحليف دولي مهم للسودان في مرحلة ما بعد التخلص من خطر ميليشيات الدعم السريع. ويبدو أنه سيكون لهذا السيناريو حظوظًا متزايدة حال تراجع الإمارات عن سياساتها الحالية في السودان، وبروز قدرة الخرطوم على تمتين علاقاتها مع فرنسا لتقديم بديل مقبول عن تقلص النفوذ الفرنسي في الساحل، ووفق شروط تحترم سيادة الدولة الوطنية السودانية (التي كانت كمبدأ من اهم عوائق تقدم مسار العلاقات الروسية- السودانية بعد مساعي روسيا فرض شروط تنتهك تلك السيادة مثل امتلاك قاعدة عسكرية روسية على ساحل البحر الأحمر)، واعتبارات حسن الجوار.

كما يلاحظ تأثير التقارب التشادي- الروسي الواضح في الشهور الأخيرة على وضع فرنسا في تشاد؛ حيث كانت موسكو وجهة الرئيس محمد إدريس ديبي والتقى خلال زيارته بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين (24 يناير)، وأكد بيان للكرملين حرص بوتين على انتهاز البلدان للفرص الكبيرة المتاحة لتطوير صلاتهما الثنائية”([4])، وهو ما يعني عمليًا اكتمال حزام النفوذ الروسي في الساحل دون انقطاع تقريبًا.

واكتملت مؤشرات الاهتمام الفرنسي بالسودان في زيارة بارو لأديس أبابا غذ حضر ملف السودان في مناقشات الأول مع رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد. وجاء ذلك في الوقت الذي تواصل فيه أديس أبابا -ظاهريًا على الأقل- سياسة التقرب مع المؤسسات السودانية الوطنية (مجلس السيادة الانتقالي والقوات المسلحة السودانية) كما اتضح في موافقة البلدين على انعقاد اللجنة السياسية العليا المشتركة لاستكشاف فرص تقوية التعاون الثنائي بين البلدين ([5])؛ وهي الخطوة التي جاءت خلال زيارة وزير الخارجية السوداني علي يوسف الشريف مع نظيره الإثيوبي جيديون تيموثيوس في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا (26 نوفمبر).    

فرنسا وإثيوبيا: الباب الملكي إلى أفريقيا!

جاءت زيارة بارو لأديس أبابا ذات أهمية مزدوجة؛ على مستوى العلاقات الثنائية بين فرنسا وإثيوبيا من جهة، وكون العاصمة الإثيوبية مقر الاتحاد الأفريقي ومن ثم الباب الملكي لاستشراف فرنسا آفاق وجودها مستقبلًا في القارة الأفريقية من جهة أخرى تمثلت في إعلان باريس دعم أفريقيا في محادثات إصلاح مجلس الأمن بالأمم المتحدة.

وعلى المستوى الثنائي تملك فرنسا وإثيوبيا علاقات وطيدة للغاية تضرب بجذورها (في العصر الحديث) إلى منتصف القرن التاسع عشر. وتأتي فرنسا رابع الدول الأوروبية في حجم الاستثمارات الخارجية في إثيوبيا بعد كل من المملكة المتحدة وإيطاليا وهولندا؛ وتعمل أكثر من 60 شركة فرنسية في إثيوبيا توظف أكثر من 5000 فرد. ووصل حجم التجارة الثنائية بين فرنسا وإثيوبيا في العام 2018 نحو 655 مليون يورو. وباتت إثيوبيا خامس أكبر سوق لفرنسا في أفريقيا جنوب الصحراء وثاني أكبر دولة للفائض التجاري الفرنسي (حوالي 580 مليون يورو في العام 2018).  وحضر ملف التعاون العسكري بين البلدين في قلب هذه العلاقات المتنامية منذ توقيع اتفاق للتعاون الدفاعي بين البلدين في مارس 2019 خلا لزيارة للرئيس الفرنسي لأديس أبابا وفرت بدورها إطارًا قانونيًا لإرسال قوات فرنسية إلى إثيوبيا أو استقبال قوات إثيوبية إلى فرنسا. مع ملاحظة تولي الأخيرة مهمة دعم عملية إعادة بناء بحرية إثيوبية حيث يقود ضابط فرنسي هذه المهمة متقلدًا ثاني مناصب البحرية الإثيوبية للعمل منسقًا مع رئيس أركان البحرية الإثيوبية ([6]). وتتوارد تقارير عن تدريبات عسكرية يقودها الفرنسيون لجنود البحرية الإثيوبية في بحر دار.     

وتعول إثيوبيا بقوة على فرنسا في مسألة وصولها إلى منفذ بحري على البحر الأحمر، وهي المسألة لاتي شهدت تطورات ملفتة منذ توقيع إثيوبيا مذكرة تفاهم مع إقليم أرض الصومال (المطالب بالانفصال عن جمهورية الصومال من جانب واحد) مطلع العام الجاري تمنح إثيوبيا بمقتضاها حق استئجار شريط ساحي بطول نحو 20 كم في الولاية واستخدامه لإقامة مرافق عسكرية ولوجيستية، وتكرار تصريحات آبي أحمد (كان آخرها في سبتمبر 2024) باتباعه كل الطرق الممكنة لتحقيق هذا الهدف بما فيها استخدام العمل العسكري، وتوجيهه تهديدات ضمنية لسياسات مصر في الإقليم([7]).  

ووقعت وزارة المالية الإثيوبية خلال زيارة بارو مع وكالة التنمية الفرنسية واكسبرتيس فرانس Expertise France اتفاقًا شاملًا للتعاون الاقتصادي بين البلدين (29 نوفمبر) بهدف توسيع الشراكة بينهما والتركيز بشكل أكبر على قطاعات مثل التنمية الاقتصادية، ومواجهة تداعيات التغير المناخي والصحة والتنمية البشرية، وأن تتولى اكسبرتيس فرانس دعم عمليات إصلاح الشركات المملوكة للدولة والشراكات العامة- الخاصة (PPP) ومجمل برنامج الحكومة الإثيوبية للإصلاح الاقتصادي([8])؛ فيما يؤشر إلى عمق الحضور الفرنسي في الفترة المقبلة في الشئون الإثيوبية. وفي المقابل يتوقع أن تستفيد باريس بقوة في الفترة المقبلة من تمتين علاقاتها مع إثيوبيا في ملفات حساسة مثل ترتيبات الأمن في البحر الأحمر؛ مما قد يمثل عودة قوية لفرنسا في هذه الترتيبات بعد تراجع واضح منذ خروج قواتها من قاعدة ليمونيه (التي احتلتها قوات أمريكية) وإعادة تموضعها في “فورس فرانسيس جيبوتي” بأعداد أقل ومهام محدودة مقارنة بما كان عليه الحال قبل العام 2001، وكذلك الاستفادة من رافعة الدور الإثيوبي في السودان، إضافة إلى تنسيق العلاقات بين فرنسا والاتحاد الأفريقي.  

الخروج من تشاد: نهاية رسمية لأفريقيا الفرانكفونية؟

جاء إعلان انجامينا قطع علاقاتها العسكرية مع فرنسا (28 نوفمبر) والتي تحكمها اتفاقية دفاعية مشتركة، بالتزامن مع زيارة بارو لها مفاجئًا ومهينًا حسب مصادر إعلامية فرنسية مطلعة (France 24)؛ بينما يدل إعلان تشاد، وثيقة الصلة بروسيا، على دخول فرنسا مرحلة جديدة من الخروج من “أفريقيا الفرانكفونية” وبطريقة دالة على نمو مشاعر العداء للوجود الفرنسي بشكل عام حيث صرح وزير الخارجية التشادي عبد الرحمن كلام الله أن الوقت قد حان لأن تعلن تشاد، بعد 66 عامًا من استقلالها، سيادتها الكاملة وأن تعيد تحديد الشراكات (مع فرنسا وغيرها من الدول) وفقًا لأولياتها الوطنية. مؤكدَا اتخاذ القرار بعد تحليل عميق، وأنه يمثل “نقطة تحول تاريخية”([9]). غير أن توقيت إعلان القرار يؤكد وجود خلافات عميقة بين باريس وانجامينا، وأن زيارة بارو لم تنجح في رأب الصدع، وربما أدت إلى مزيد من تعقيدات هذه العلاقات كما يتضح في خطوة انجامينا.  ويتوقع ان تقوم فرنسا على الفور بترحيل قوتها المتمركزة في تشاد وتبلغ نحو 1000 جندي فرنسي، وهي خطوة ستفتح الباب أمام دخول الجيش الروسي الحاضر بالفعل في عدد من دول جوار تشاد بصورة أو بأخرى، مع ملاحظة أن الحكومة الفرنسية لم تعلق بعد (مساء 29 نوفمبر) على خطوة انجامينا مما يؤكد أن الخطوة كانت مباغتة تمامًا ([10])؛ ومن ثم فإن باريس ستنشغل في الفترة المقبلة بإعادة تقييم الوضع كلية في إقليم الساحل، وتقديم نظرة جديدة لفرص تعاونها مع الخرطوم كخيار مثالي لتعويض خساراتها في إقليم الساحل، ومحاولة تثبت نفوذها في ليبيا وسط توقعات بتوتر فرنسي- تشادي “ناعم” في الفترة المقبلة.   

ومما ضاعف من احتمالات خروج فرنسا الكبير من غرب أفريقيا الفرانكفونية إضافة خطوة تشاد إلى ما أعلنه الرئيس السنغالي قبل هذه الخطوة بأقل من 24 ساعة فقط من وجوب خروج القوات الفرنسية من جميع قواعدها في السنغال بالتزامن مع ذكرى مذبحة فرنسية بحق جنود سنغاليين (1944)، كان ماكرون قد وصفها قبل ساعات من قرار داكار “بالمذبحة” للمرة الأولى كاعتراف فرنسي تأخر 80 عامًا كاملة. ورغم تأكيد تشاد والسنغال أن مواقفهما تختلف جذريًا عن خطوة النيجر من جهة أن وقف التعاون العسكري مع فرنسا بصيغته التقليدية لا يعني قطع العلاقات مع فرنسا، بل يعني إعادة النظر في طبيعة هذه العلاقات، وربما الضغط على فرنسا لتبني مقاربات تقوم على احترام سيادتهما وتلبية لمطالب شعبية متزايدة في تشاد والسنغال في هذا المسار. رغم إشارة مراقبون غربيون كثر إلى أن هذه الخطوة تأتي بشكل رئيس على خلفية نجاح روسيا في اختراق مناطق نفوذ فرنسا والغرب في أفريقيا، لاسيما في الحديقة الخلفية لفرنسا: إقليم الساحل وغرب أفريقيا الفرانكفونية بشكل عام.

وفي مقابل هذا التراجع الفرنسي الكبير، وصولًا ربما لوصفه بانهيار إمبراطورية فرنسا الأفريقية بشكل كامل بعد سقوط معقلها الأهم والأخير تقريبًا في تشاد، استضافت العاصمة الفرنسية باريس رئيس كبرى الدول الأفريقية: نيجيريا، وعقدت مشاورات رفيعة المستوى بين ماكرون وتينوبو تضمنت مساعٍ فرنسية جادة لإعادة ضبط علاقاتها مع القارة الأفريقية من بوابة نيجيريا (وإثيوبيا كما ذكرنا) التي تمثل شريكًا مثاليًا لباريس لاستعادة قدر لا يستهان به من حضورها المتآكل في غرب أفريقيا تحديدًا. وإلى جانب المكاسب الاقتصادية المرتقب تحققها بين باريس وأبوجا، لاسيما ان زيارة تينوبو تضمنت انعقاد مجلس الأعمال الفرنسي النيجيري France-Nigeria Business Council (FNBC)  (الذي تأسس بالفعل في العام 2018 برعاية ماكرون) في حضور الرئيسين الفرنسي والنيجيري وعدد كبير جدًا من أهم قادة الأعمال في فرنسا ونيجيريا([11]). كما شهد الزعيمان توقيع اتفاقيتين بالغتا الأهمية من أجل تعزيز تنمية البنية الأساسية والأمن الغذائي، واتفاقات تضمنت خطة استثمار فرنسية بقيمة 300 مليون يورو لدعم البنية الأساسية والرعاية الصحية والنقل والزراعة والطاقة المتجددة وتنمية رأس المال البشري في أرجاء نيجيريا. كما تعهد البلدان بتوطيد أواصر الشراكة الاستراتييجة بينهما في مجالات تطبيق المشروعات وتعزيز التجارة المتبادلة وإزالة العوائق النقدية مع حماية حقوق العمال([12]).   

بأي حال فإنه لا يمكن فصل قرارات تشاد (والسنغال) عن التطورات الأخيرة التي شهدتها مالي وبوركينا فاسو والنيجر ووصولها على مرحلة العداء المباشر مع فرنسا؛ ويتوقع تحصل انجامينا، الحليف العسكري الأوثق لفرنسا في الإقليم طوال عقود ما بعد الاستقلال، على إفادات استخباراتية عالية الموثوقية عن استغلال فرنسا لأزمات الإقليم وتفشي الإرهاب به لصالح أهدافها الاستغلالية، وربما تأكيد ما أثارته السلطات المالية قبل شهور من ضلوع فرنسا مباشرة في دعم جماعات إرهابية ومعارضة مسلحة في أرجاء الإقليم. كما يوضح توجه فرنسا نحو نيجيريا وإثيوبيا (في أفريقيا جنوب الصحراء) واهتمامها بالملف السوداني (والمتوقع أن يشهد تطورات ملفتة في الفترة المقبلة) مؤشرات انتقال بؤر تركيز سياسات فرنسا الأفريقية من مناطق نفوذها التاريخية (أفريقيا الفرانكفونية) إلى انتهاج مقاربة أمريكية معروفة بالتركيز على عدد من الدول الرئيسة والكبيرة كهدف أولي ثم الانتقال إلى مستويات أخرى انطلاقًا من المصالح الفرنسية المشتركة مع هذه الدول البارزة.

خلاصة:

واجهت باريس أكثر من ضربة موجعة خلال زيارة وزير خارجيتها جان- نويل بارو الأولى لأفريقيا جنوب الصحراء مثل إنهاء تشاد العمل باتفاقية الدفاع المشترك مع فرنسا، مطالب الرئيس السنغالي بخروج عاجل وكامل للفرنسيين من جميع قواعدهم العسكرية في السنغال؛ لكن اتضح من الزيارة -في المقابل- عزم فرنسا على تغيير سياساتها التقليدية والعودة إلى تبني مقاربات معقولة وذات نفع متبادل مع الدول الأفريقية الكبرى ربما ترتيبًا لعودة مباغتة (مثل التقارب الفرنسي- السوداني والذي قد يكون مدعوم إثيوبيًا).   

سادك" تمدّد مهمة "SAMIDRC":

ماذا يعنيه القرار في سياق أزمة شرق الكونغو الديمقراطية؟

حكيم ألادي نجم الدين

في نوفمبر الماضي قررت “مجموعة تنمية الجنوب الإفريقي” (سادك) خلال قمتها بالعاصمة, الزيمبابوية هراري, تمديدَ فترة انتشار “بعثة سادك في الكونغو الديمقراطية” (أو SAMIDRC باختصار) لمدة عام، حيث أعربت الكتلة الإقليمية في بيان صدر بعد اجتماع زعمائها عن القلق إزاء الوضع الأمني ​​والإنساني في الكونغو الديمقراطية نتيجة الصراع المستمر في شرق البلاد لعقود من الزمن والمواجهات الدامية بين حركات التمرد المسلحة والمتنافسة على الأرض والموارد([1]).

فما الذي يعنيه هذا القرار في سياق الأزمة الأمنية في الكونغو الديمقراطية وجهود “سادك” الأخرى في تهدئتها واحتوائها؟

ظاهرتا الإرهاب والتمرد المسلح في منطقة “سادك”

تشهد منطقة “مجموعة تنمية الجنوب الأفريقي” (سادك) عددًا من القضايا الأمنية التي تُعرِض الاستقرار والنمو الاقتصادي والتماسك الاجتماعي بين الدول الأعضاء للخطر. وهذه الأزمات تتمثل في الإرهاب والتمردات المسلحة وعدم الاستقرار السياسي والجرائم العابرة للحدود. وقد ارتبطت “سادك” بمعظم هذه التحديات نتيجة جهودها لمكافحتها, مثل مبادرتها في زيمبابوي في عام 2013 بتسهيل الحل السلمي للأزمة السياسية خلال انتخابات, حيث ضمنت الكتلة للبلاد انتقالًا سلسًا إلى حكومة جديدة([2])؛ وجهودها في إيسواتيني بين عامي 2021 و 2022 عندما أرسلت الكتلة بعثات لتقصّي الحقائق وسهّلت الحوار في أعقاب الاضطرابات المدنية والمطالبات بالإصلاحات السياسية؛ بالإضافة إلى ليسوتو (ما بعد عام 2018) حيث لعبت الكتلة دور الوساطة ودعم إصلاحات الحكم مما ضمن استمرار المشاركة في الإصلاحات الدستورية وقطاع الأمن([3]).

على أن ظاهرتي الإرهاب والتمردات لمسلحة في موزمبيق والكونغو الديمقراطية من أبرز أزمات الأمن المستمرة في دول “سادك” والتي تبذل الكتلة جهودا حثيثة في مكافحتها ووضع حد لها.

ويمكن إيجاز هاتين الظاهرتين في سياق مبادرات الكتلة في النقاط التالية:

أ- الإرهارب في شمال موزمبيق: تتركز أزمة الأمن في موزمبيق في مقاطعة “كابو ديلغادو” الواقعة شمال البلاد، حيث تسببت أنشطة تمرد عنيفة من قبل حركة متطرفة مسلحة في انتشار عدم الاستقرار والنزوح وخسائر في الأرواح. وقد بدأت الأزمة في عام 2017 عندما تم شنّ هجمات في “كابو ديلغادو” من قبل حركة عُرفت بُعَيد ظهورها باسم “أنصار السنة” (ويشار إليها محليًا باسم “الشباب” رغم عدم ارتباطها بالحركة الإرهابية الصومالية)، وأعلنت الحركة في عام 2019 ولاءها لتنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش), وتعرف اليوم باسم “تنظيم الدولة الإسلامية ولاية وسط إفريقيا”([4]). وتثير هجمات الحركة والتطورات الأمنية السريعة المرتبطة بها مخاوف الدول المجاورة لموزمبيق, وخاصة دولتي جنوب إفريقيا وتنزانيا اللتين تتخوفان من انتشار الإرهاب إلى أراضيهما، حيث تشترك موزمبيق مع جنوب إفريقيا بحدود يبلغ طولها 496 كيلومترًا, بينما تشترك تنزانيا في حدود مع “كابو ديلغادو” الموزمبيقية المتضررة.

وقد ساهمت “سادك” في جهود مكافحة الإرهاب والأمن في “كابو ديلغادو” الموزمبيقية منذ بدء الأزمة, حيث نشرت الكتلة الإقليمية “بعثة مجموعة تنمية الجنوب الإفريقي في موزمبيق” (أو SAMIM باختصار) في عام 2021, وتتشكل مهام البعثة عمليات عسكرية ومساعدات إنسانية وجهود تحقيق الاستقرار في المناطق المتضررة([5])، وهو ما عزز صورة الكتلة الإيجابية بأنها قادرة على تنظيم الاستجابة الجماعية للتهديدات الأمنية الإقليمية.

ب- التمردات المسلحة في الكونغو الديمقراطية: تعد الأزمة الأمنية في الكونغو الديمقراطية واحدة من أكثر الصراعات تعقيداً واستمراراً في أفريقيا, وتتركز في المناطق الشرقية من البلاد حيث تتشط أكثر من 120 حركة وميليشيا مسلحة، بما في ذلك ” القوات الديمقراطية المتحالفة” (Allied Democratic Forces) وحركة “إم 23” (أو March 23) و “القوات الديمقراطية لتحرير رواندا” (Democratic Forces for the Liberation of Rwanda). وفي حين تشارك هذه الحركات في اشتباكات عنيفة، وتستهدف المدنيين، وتتنافس على السيطرة على المناطق الغنية بالمعادن؛ فإن الميليشيات الأجنبية والنفوذ العابرة للحدود من الدول المجاورة تفاقمان الصراع، مما يكسبها سمة أزمة إقليمية, وخاصة بين الكونغو الديمقراطية وجارتيها رواندا وأوغندا([6]).

أصبحت الكونغو الديمقراطية عضوًا في “سادك” في عام 1998، ودعمت “سادك” قوات “لوران كابيلا” (زعيم التمرد الكونغولي) في هزيمة “موبوتو سيسي” (حاكم “زائير” المعروفة اليوم بالكونغو الديمقراطية من عام 1971 إلى عام 1997). واستمرت “سادك” في لعب دور رئيسي في الحفاظ على السلام والاستقرار في الكونغو الديمقراطية من خلال مزيج من التدخلات العسكرية المطولة وجهود الوساطة, إضافة إلى النهج الاستباقي الذي جعلت “سادك” آلية قيمة للكونغو الديمقراطية للتعامل مع الدول المجاورة المتهمة بالانخراط في أعمال عدوانية وغزو الأراضي الكونغولية والتحريض على الصراعات في المنطقة الشرقية لاستغلال الثروة المعدنية الوفيرة في الكونغو الديمقراطية([7]).

ومما يرمز إلى أهمية تدخلات “سادك” في الكونغو الديمقراطية توقيع اتفاقيات السلام في يوليو 2002 بين حكومات الكونغو الديمقراطية ورواندا وأوغندا. وأدت عمليات السلام هذه إلى انسحاب القوات الرواندية والأوغندية من شرق الكونغو الديمقراطية ومهدت الطريق لاعتماد التعددية السياسية وإجراء انتخابات ديمقراطية في عام 2006 في الكونغو الديمقراطية، وعززت لاحقاً شرعية مؤسسات الدولة والحكومة المركزية في البلاد. وكان تحرّك ملحوظ آخر في عام 2013 عندما كانت “سادك” إحدى المؤسسات التي دعت إلى نشر “لواء التدخل التابع لقوة الأمم المتحدة” في شرق الكونغو الديمقراطية. وكان أحد النجاحات التي سجلتها هذه التشكيلة العسكرية – أي “لواء التدخل التابع لقوة الأمم المتحدة” – استسلام حركة “إم 23” والدفع نحو حوار وإعلانات السلام.

ومع ذلك، اتُّهِمت حكومة الكونغو الديمقراطية بلعب دور في فشل الحفاظ على النجاحات المسجلة وتحركات السلام في البلاد، وخاصة فيما يتعلق باحترام الأجزاء المهمة من الاتفاقيات المختلفة الموقعة مع الحركات والمليشيات المسلحة، بينما الدول المجاورة لا تزال تطمع في موارد البلاد, الأمر الذي أدى إلى عودة ظهور الجماعات المسلحة مثل “إم 23” في عام 2022، وتفاقم الوضع الأمني في شرق البلاد. وفي ديسمبر 2023 أعلنت “سادك” عن مهمتها في الكونغو الديمقراطية بتفويض لمدة عام واحد، مع عملية تضم جنودًا من دول جنوب إفريقيا وتنزانيا وملاوي. وقد أفاد الإعلان أيضا بأن المهمة ستحل محل “لواء التدخل التابع لقوة الأمم المتحدة”. وأصبحت مهمة “سادك” بديلة عن عملية نشر لـ “جماعة شرق إفريقيا” في عام 2022 في الكونغو الديمقراطية والتي غادرت البلاد([8]) بعد طلب من الحكومة الكونغولية بدعوى فاعليتها في مكافحة الحركات المسلحة واحتواء الأزمة.

ماذا يعنيه تمديد مهمة “سادك” في شرق الكونغو الديمقراطية؟

جاء إعلان “سادك” بتمديد مهمة قواتها لعام إضافي بعد أن حكمت محكمة عسكرية كونغولية في أغسطس الماضي (2024) على 26 شخصًا بالإعدام لتورطهم في تمرد حركة “إم 23” ووجهت إليهم تهم ارتكاب جرائم حرب والمشاركة في حركة تمرد والخيانة. كما أدّى تجدّد القتال وإراقة الدماء المستمرة مع سوء الأزمات الاقتصادية والإنسانية والخسائر البشرية إلى الشعور بالقلق لدى بعض مؤيدي تدخل الحكومة الكونغولية ومبادرة “سادك” في شرق البلاد, وذلك بسبب ما اعتبروه افتقار هذه الجهود والمبادرات إلى الحماس مع تزايد ضبابية الخطوط بين المشكلة الفعلية وكيفية معالجتها.

ومما يُلاحَظ في مواقف مواطني الكونغو الديمقراطية أن رغبة العديد منهم هي أن تُفعِّل “سادك” – كشريك موثوق – جميعَ الآليات الممكنة لضمان أن يكون تدخلها الحالي ووجودها على الأراضي الكونغولية مثمرًا. وهذا يعكس أيضاً مخاوف بعض الكونغوليين الذين قالوا إن “سادك” موجودة في بلادهم منذ أكثر من عام ولكنها لم تشنّ أي هجمات قط على المتمردين المسلحين، كما أن “بعثة منظمة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية” (أو MONUSCO باختصار) لم تكن فعّالة رغم أن المفتَرض منها أن تُقَدّم الدعم اللوجستي لمهمة “سادك”.

ومع ذلك، قد يكون قرار “سادك” بتمديد انتشار قواتها في الكونغو الديمقراطية بمثابة التزام أعمق من الكتلة الإقليمية لمعالجة التحديات الأمنية المستمرة في المنطقة. ولهذه الخطوة أهميتها في سياق الاستقرار الإقليمي والتطورات المتوقعة للعام المقبل.

فمن جانب, يبرهن قرار تمديد المهمة على التزام “سادك” بالأمن الجماعي وتعزيز الثقة بين الدول الأعضاء في الكتلة. وهذا يعني ضمنيا أن الثرار يعترف بضرورة تعزيز جهود الاستقرار في شرق الكونغو الديمقراطية، حيث يهدد استمرار الصراع البلاد بشكل خاص والإقليم بشكل عام. ومن الجدير بالذكر أن التهديد المستمر الذي تشكّله الحركات المسلحة العابرة للحدود الوطنية يزيد من المخاوف بشأن انعدام الأمن الإقليمي. وبالتالي، فإن المشاركة المستدامة لـ “سادك” في الكونغو الديمقراطية تهدف إلى التخفيف من هذه المخاطر وتعزيز الاستقرار وتحمّل المسؤولية عن مسائل الأمن الإقليمي، وتدعيم مكانة “سادك” كلاعب رئيسي في المنطقة.

ومما يُلَاحظ في بيان “سادك” – الذي أعلنت فيه قرار تمديد المهمة – أنه يوحي بدعم أغلب القادة داخل الكتلة لمبادرتها في الكونغو الديمقراطية, حيث ينصب التركيز على تعزيز الأمن من خلال إصلاحات الحكم وتنشيط الاقتصاد وجهود التنمية. ونظراً للموقع الاستراتيجي للكونغو الديمقراطية، والموارد المتاحة والطموحات الإقليمية والدولية فيها؛ فإن تعزيز الأمن أمر بالغ الأهمية لحماية استقرار ومصالح دول “سادك” التي تعتبر الكونغو الديمقراطية عضوا فيها.

وهناك احتمال أن يكون تركيز بعثة “سادك” في العام الإضافي على القضاء على الحركات المسلحة عالية الخطورة عبر تنفيذ عمليات تستهدف معاقل تلك الحركات والحد من فعاليتها. ويتطلب تحقيق هذا تكثيف تبادل المعلومات الاستخباراتية وتنسيق الجهود بين قوات مجموعة دول جنوب أفريقيا للتنمية والقوات المسلحة الكونغولية لتعزيز الفعالية العملياتية.

ومن جانب آخر, قد تساعد بعثة “سادك” في عامها الإضافي في ضمان أمن المدنيين في المناطق المتضررة من الصراع مع تأمين العودة الآمنة للنازحين. وقد يعيد تحقيق هذا بناء بعض الثقة بين المجتمع الكونغولي وقوات الأمن – حيث أن ثقة العام وتعاون السكان مطلوبان في الحفاظ على الاستقرار السلمي الطويل الأمد والسلام الدائم.

وقد يوفر تمديد البعثة أيضاً منصة للتعاون مع الجهات الفاعلة الإقليمية الأخرى، بما في ذلك “جماعة شرق أفريقيا” و “بعثة منظمة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية”. وقد تعمل بعثة “سادك”، بالإضافة إلى وظائف أخرى، على تعزيز قدرات القوات المسلحة الحكومية الكونغولية من خلال التركيز على تدريبها وتجهيزها حتى تصبح أكثر استعداداً للتعامل بشكل مستقل مع المخاطر الأمنية بعد انتهاء مهمة “سادك” في الكونغو الديمقراطية.

جدير بالذكر أنه يُتَوقّع أن يؤدي التنفيذ الفاعل لعمليات مهمة “سادك” إلى تقليص النطاق العملياتي للحركات المتمردة والمسلحة الرئيسية في الكونغو الديمقراطية، مما يؤدي إلى تحسين الأمن في مناطق الصراع الرئيسية. وقد يؤدي هذا أيضاً إلى استقرار بعض المناطق، وبالتالي توفير وصول أفضل للمؤسسات الإنسانية، والسماح بجهود الإغاثة ومبادرات إعادة البناء. هذا, إضافة إلى أن تدخّل “سادك” قد يرّكز في مهمتها الممتدة على الاستقرار الطويل الأجل من خلال وضع الأساس للسلام المستدام، بما في ذلك تعزيز برامج نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج للمقاتلين السابقين، وكلها أمور يمكن لحكومة الكونغو الديمقراطية الاستفادة منها في حل الأزمة.

خاتمة:

من خلال ما سبق يمكن القول إن تمديد مهمة “سادك” في الكونغو الديمقراطية قد يفتح الباب أمام اتخاذ الخطوة الحاسمة نحو تحقيق السلام والاستقرار المستدامين. وهذه المهمة نفسها ليست خالية من التحديات والمخاطر، حيث أن استمرار المهمة لمدة عام آخر يتطلب موارد مالية ولوجستية كبيرة، وهو ما قد يفرض ضغوطاً على الدول الأعضاء في “سادك”. كما أن تعدّد الحركات المسلحة وارتباط الأزمة بالقضايا الاجتماعية والسياسية القديمة والمتجددة في الكونغو الديمقراطية يجعلان تحقيق السلام خلال عامٍ في غاية الصعوبة, وخاصة باعتبار اتهامات الدعم الأجنبي للحركات المتمردة المسلحة (مثل اتهام رواندا بدعم حركة “إم 24)، مما تعقّد العلاقات الدبلوماسية وتزيد من حدة التوترات الإقليمية.

وعلى الرغم من التحديات، فإن العام الإضافي لمهمة “سادك” يمثل فرصة لتحقيق تقدم ملموس في التخفيف من تأثير الصراع ومعالجة أسبابه الجذرية. وسيعتمد نجاح المهمة على التعاون الإقليمي القوي، وتخصيص الموارد الكافية، ودمج الجهود الأمنية مع الإصلاحات السياسية والاجتماعية والاقتصادية الموسعة.

تعزيز التعاون العسكري بين مالي والمغرب: تحالف استراتيجي ذو أبعاد إقليمية معقدة

عبد السلام ميغا

الجهة: منصة الدراسات الأمنية وأبحاث السلام 

الرقم: 25/27

 

مقدمة:

يشكل الاجتماع الأول للجنة العسكرية المشتركة بين مالي والمغرب، الذي عُقد في الفترة من 17 إلى 19 فبراير 2025 في باماكو، منعطفًا بارزًا في علاقات البلدين، لكنه لا يخلو من تعقيدات تُستمد من التاريخ الجيوسياسي للمنطقة. ففي الوقت الذي تسعى فيه باماكو لتعزيز أمنها بعد انسحاب فرنسا وتصاعد هجمات الجماعات المسلحة، تستغل الرباط الفرصة لاختراق عمق إفريقيا الغربية، مستفيدةً من الفراغ الناجم عن تدهور علاقات مالي مع الجزائر. هذا التعاون، رغم مبرراته الأمنية، يُقرأ في سياق تنافس مغاربي محتدم، حيث تُعيد مالي رسم تحالفاتها بعيدًا عن الجزائر، الحليف التقليدي الذي تتهمه بالتدخل في شؤونها الداخلية.

تعاون عسكري متعدد الأبعاد

ترأس الاجتماع كل من العميد محمدو ماساولي ساماكي، المستشار الاستراتيجي في هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة المالية، والعميد عبد الغني مهيب، رئيس الوفد المغربي من المفتشية العامة للقوات المسلحة الملكية المغربية. وناقش الطرفان عدة محاور للتعاون، بما في ذلك تدريب الكوادر العسكرية، وتطوير البنية اللوجستية، وتبادل الخبرات في مواجهة التهديدات الأمنية الإقليمية، لا سيما تلك المتعلقة بالجماعات المسلحة في منطقة الساحل.

وأشاد الفريق أول عمر ديارا، رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة المالية، بهذه المبادرة، واصفًا إياها بأنها تتماشى مع الرؤية السياسية لرئيس المرحلة الانتقالية، جنرال الجيش أسيمي غويتا. من جانبه، أكد العميد مهيب على الروابط التاريخية والأخوية التي تجمع البلدين، معيدًا تأكيد التزام المغرب بدعم مالي في مواجهة التحديات الأمنية التي تواجهها.(١)

بالنسبة لمالي، يلبي هذا الشراكة حاجة ملحة لتأمين البلاد في مواجهة تصاعد نشاط الجماعات المسلحة في منطقة الساحل. أما بالنسبة للمغرب، فإنها تمثل فرصة استراتيجية لتوسيع نفوذه في غرب إفريقيا، مع تقويض النفوذ الجزائري في المنطقة.

ومع ذلك، لا يجب أن يحجب هذا التعاون التحديات الكامنة. فمن ناحية، قد يدفع هذا التعاون مالي، التي أنهكتها سنوات من الصراعات الداخلية والانقلابات العسكرية، إلى فخ الاعتماد على المساعدات المغربية، مما يقيد سيادتها ويجعلها طرفًا في الصراع المغربي-الجزائري حول الصحراء الغربية. ومن ناحية أخرى، سيتعين على المغرب، رغم دوافعه الجيوسياسية، إثبات أن هذا التعاون لا يقتصر على مجرد مناورة لعزل الجزائر، بل يقدم قيمة مضافة حقيقية لاستقرار المنطقة.

سياق إقليمي يتسم بتنافسات مستمرة

يأتي هذا التعاون في ظل توترات دبلوماسية متصاعدة بين مالي والجزائر. فمنذ عام 2023، شهدت العلاقات بين البلدين تدهورًا، مع استدعاء السفير المالي في الجزائر وإعلان باماكو في يناير 2024 عن إلغاء اتفاقية السلام الموقعة في الجزائر. وتتهم الحكومة المالية الجزائر بالتدخل في شؤونها الداخلية ودعمها غير المباشر للجماعات المسلحة الإنفصالية في شمال مالي (٢) .

في الوقت نفسه، لا تزال العلاقات بين الجزائر والمغرب متوترة، خاصة بسبب النزاع حول الصحراء الغربية. وقد أدى قطع العلاقات الدبلوماسية بين الجزائر والرباط في عام 2021 إلى تصاعد عسكري وحوادث حدودية، مما زاد من حدة التنافس بين القوتين المغاربيتين.

في هذا السياق، يكتسب التعاون العسكري بين مالي والمغرب بعدًا استراتيجيًا. فبالنسبة لباماكو، يمثل هذا التحالف بديلًا عن الاعتماد على الجزائر، وورقة ضغط لتحسين موقفها التفاوضي مع جارتها الشمالية. أما بالنسبة للرباط، فإن هذه الخطوة تعزز نفوذه في غرب إفريقيا، وتحد من النفوذ الجزائري في المنطقة.

تصدير التنافس المغاربي

في الوقت الذي يعزز فيه المغرب علاقاته مع مالي، تكثف الجزائر جهودها لتعزيز التعاون مع دول أخرى في منطقة الساحل، خاصة النيجر وبوركينا فاسو، اللتين تشكلان مع مالي تحالف دول الساحل. وتقوم الجزائر بتمويل عدة مشاريع تنموية في هذه الدول، مع الحفاظ على يقظة أمنية متزايدة تجاه التهديدات الإقليمية. وتهدف هذه الاستراتيجية إلى تعزيز دور الجزائر كقوة إقليمية والحد من النفوذ المغربي في غرب إفريقيا.

ومع ذلك، قد يعيد التحالف بين مالي والمغرب تعريف التوازنات الجيوسياسية في المنطقة. فمن خلال اعتماد نهج هادئ لكن فعال، تمكن المغرب من تعزيز نفوذه مع الاستجابة للاحتياجات الأمنية لمالي. وقد تشجع هذه الشراكة دولًا أخرى في المنطقة على التقارب مع الرباط، خاصة في ظل التحديات الأمنية والاقتصادية التي تدفع الدول إلى تنويع تحالفاتها (٣).

آفاق وتحديات مستقبلية

تقدم هذه الشراكة بين مالي والمغرب فرصًا لتعزيز القدرات الأمنية، ولكنها تحمل معها تحديات معتبرة. إذا استمرت التوترات مع الجزائر، فإن مالي ستجد نفسها في موقف مُحاط بالتحديات، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالقدرة على اتخاذ مواقف مستقلة. وعليه، فإن التفاعل الدبلوماسي الإيجابي مع الجزائر يجب أن يُضلل جزءًا من الاستراتيجية المالية، لتجنب التأزم الدائم مع جيرانها.

التعاون العسكري مع الرباط يجب أن يكون مدروسًا، بحيث لا يتحول إلى أداة للاصطفاف ضد الجزائر، بل يُستغل لتحقيق مصالح مالية حقيقية دون تغذية الصراعات الإقليمية.

في المقابل، يمكن للمغرب أن يستفيد من هذه الشراكة لتعزيز نفوذه في غرب إفريقيا، لكنه يحتاج إلى إدارة هذه العلاقة بحذر للحيلولة دون تفاقم التوترات. فالاستقرار الإقليمي يتطلب من جميع الأطراف العمل معًا بموارد مشتركة لدعم الأمن والتنمية.

في الختام، يمثل الاجتماع الأول للجنة العسكرية المشتركة بين مالي والمغرب خطوة مهمة في تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، ولكن يجب النظر إليها في سياق إقليمي أوسع. بينما تستمر التنافسات السياسية والأمنية في تشكيل المشهد الجيوسياسي المغاربي، تظل الفرص الاقتصادية والتنموية بين مالي والمغرب والجزائر غير مستغلة إلى حد كبير. يمكن أن تفيد مقاربة أكثر شمولية وتعاونية ليس فقط الدول الثلاث، ولكن أيضًا استقرار وتنمية المنطقة بأكملها.

على مالي أن تدرك أن التدخل في التوترات التاريخية بين المغرب والجزائر قد يعرض مصالحها للخطر، وأن عليها استغلال مواقفها الاستراتيجية لتحقيق مصالحها الوطنية دون الانجرار إلى صراعات إقليمية. وفي المقابل، يتعين على المغرب والجزائر تجنب استغلال مالي كأداة في صراعهما الطويل.

التحركات السياسية المستقبلية لكل من مالي، المغرب، والجزائر ستكون محورية في تشكيل مشهد الأمن والاستقرار الإقليمي، ويجب على هذه الدول العمل على تحقيق مصلحة شعوبها، بدلًا من الانغماس في أتون النزاعات التي قد لا تنتهي.

____________

المصادر:

١- التهديدات في الساحل الإفريقي تقوي التعاون العسكري بين المغرب ومالي – هسبريس – الأربعاء 19 فبراير 2025 – متاح على : https://www.hespress.com/1516395-1516395.html

٢- مالي تتهم الجزائر بدعم “الجماعات الإرهابية”.. أي مستقبل للعلاقات بين البلدين؟ – الحرة –

03 يناير 2025 – متاح على: https://l24.im/oyMR1Y

٣- L’Algérie craint de perdre son influence au Sahel – Deutsche Welle (DW) – 29 AOUT  2024 – Disponible sur : https://amp.dw.com/fr/mali-algerie-sahel-russie/a-70084746

 


[1] – Reuters (2024). “Southern African bloc extends troop deployment in Congo by a year.” Retrieved from https://shorturl.at/b1EHb (آخر الاطلاع يناير 1, 2025)

[2] – Mashimbye, R. (2022). SADC and the Conflict Mediation Role in Zimbabwe: 2007-2013. Journal of African Union Studies, 11(3), 49.

[3] – Katharine Bebington (2022). “The role of SADC in Eswatini: Lessons from Lesotho”. ACCORD, retrieved from https://shorturl.at/jfNll (آخر الاطلاع يناير 1, 2025)

[4] – حكيم نجم الدين (2021). “محاولةٌ في فهم التمرّد المسلّح في موزمبيق.” الأفارقة للدراسات والاستشارات, عبر الرابط https://shorturl.at/XWGz6 (آخر الاطلاع يناير 1, 2025)

[5] – SACD (2021). “SADC Mission in Mozambique (SAMIM) in Brief.” Retrieved from https://shorturl.at/RKKvC (آخر الاطلاع يناير 1, 2025)

[6] – حكيم نجم الدين (2024). “الصراعات المسلحة في البحيرات العظمى الإفريقية: أسبابها وحركاتها وتداعياتها.” منصة الدراسات وأبحاث السلام, عبر الرابط https://shorturl.at/CY97T  (آخر الاطلاع يناير 1, 2025)

[7] – Mutisi, M. (2016). SADC Interventions in the Democratic Republic of the Congo. Conflict trends, 2016(3), 27-35.

[8] – Vincent Owino (2023). “It’s official: The EAC troops are leaving eastern DR Congo.” The East African, retrieved from https://shorturl.at/Knweu (آخر الاطلاع يناير 1, 2025)

 


[1]  Morgane Le Cam, France hosts the president of Nigeria, a pivotal country in Macron’s African policy, Le Monde, November 29, 2024 https://www.lemonde.fr/en/le-monde-africa/article/2024/11/28/france-hosts-the-president-of-nigeria-a-pivotal-country-in-macron-s-african-policy_6734456_124.html

[2] French foreign minister tackles Sudan crisis and UN reform on Africa trip, RFI, November 27, 2024 https://www.rfi.fr/en/international/20241127-french-foreign-minister-tackles-sudan-crisis-and-un-reform-on-africa-trip-barrot

[3] French weapons system found in Sudan is likely violation of U.N. arms embargo, says Amnesty, African News, November 15, 2024  https://www.africanews.com/2024/11/15/french-weapons-system-found-in-sudan-is-likely-violation-of-un-arms-embargo-says-amnesty/

[4] Putin meets Chad junta leader as Russia competes with France in Africa, Reuters, January 24, 2024 https://www.reuters.com/world/africa/putin-meets-chad-junta-leader-russia-competes-with-france-africa-2024-01-24/

[5]Sudan News Agency, Sudan, Ethiopia Agree to Hold Joint Higher Political Committee to Explore Further Avenues for Bolstering Cooperation, November 26, 2024  https://allafrica.com/stories/202411280073.html

[6] France and Ethiopia, Ministry for Europe and Foreign Affairs, https://www.diplomatie.gouv.fr/en/country-files/ethiopia/france-and-ethiopia-65128/

[7] Noé Hochet-Bodin, Ethiopia’s battle to regain access to the sea, Le Monde, September 19, 2024 https://www.lemonde.fr/en/international/article/2024/09/19/ethiopia-s-battle-to-regain-access-to-the-sea_6726567_4.html

[8] Ethiopia inks economic cooperation agreement with AFD and Expertise France, Fanabc, November 29, 2024 https://www.fanabc.com/english/ministry-of-finance-inks-partnership-agreement-with-afd-and-expertise-france/

[9] Chad breaks off military pact with France; Senegal wants French troops out, Politico, November 29, 2024 https://www.politico.eu/article/chad-military-pact-france-senegal-french-troops-departure-defense-cooperation-senegal/

[10] Adam Nossiter, France Loses its Longtime Military Partner in Africa, Chad, the New York Ti,es, November 29, 2024 https://www.nytimes.com/2024/11/29/world/europe/france-chad-military-ally.html

[11] Time for France to embrace Nigeria fully, The Cable Ng, November 29, 2024 https://www.thecable.ng/time-for-france-to-embrace-nigeria-fully/

[12]  Felix Onuah, Nigeria and France sign infrastructure and finance deals, Reuters, 29, 2024 https://www.reuters.com/business/nigeria-france-sign-infrastructure-finance-deals-2024-11-29/

 

 

قائمة المراجع:

المراجع باللُغة العربيّة:

كمال أتاتورك، “ما ورا الكواليس اتفاقية التعاون الدفاعي بين تركيا والصومال؟”، الجزيرة، 25 فبراير، 2024، متاح على: https://rb.gy/f0q5nt، تم الاطلاع في 15 مايو 2024. 

“الرئيس سيلانيو يدعو بريطانيا إلى الاعتراف بأرض الصومال”، موقع الصومال الجديد، 25 يونيو، 2016، متاح على: https://rb.gy/i8m48n  ، تم الاطلاع في 15 مايو، 2024.

“وصل الوفد البريطاني الرسمي إلى أرض الصومال غير المعترف بها”، وكالة المعلومات (المبادرة الأفريقية)، 11 أبريل، 2024، متاح على: https://rb.gy/zb2udw، تم الاطلاع في 15 مايو، 2024.

“موانئ دبي العالمية تطلق مشروعا لتوسعة ميناء في أرض الصومال”، رويترز، 12 أكتوبر، 2018، متاح على: https://rb.gy/ktkios ، تم الاطلاع في 16 مايو 2024.

المراجع باللُغة الأجنبيّة:

Eliot Wilson, “Recognize Somaliland as an independent nation”, THE HILL, Feb 12, 2024, On: https://rb.gy/kzo2wv , accessed in May 16, 2024.

Nimco Ali, “Somaliland is my home country — Britain has a moral duty to recognise it”, The Standard, Jan 9, 2024, On: https://rb.gy/83qpzq, accessed in May 15, 2024.

Simon Marks and David Herbling, “Ethiopia Mulls Dropping Somaliland Recognition After Uproar”, Bloomberg, Mar 8, 2024, On: https://rb.gy/7tfpfy, accessed in May 16, 2024.

“UK FM Cameron attends discussion on formal recognition of Somaliland”, Somali Guardian, Feb3, 2024, On https://rb.gy/1bbrpj, accessed in May 15, 2024.

 “UK to recognise Somaliland”, UK Somalian Alliance “official page”, X Platform, Jan 16, 2024, On: https://rb.gy/g1o5bb, accessed in May 16, 2024.

“UK Foreign Secretary Lord Cameron met with a senior Tory MP to discuss the formal recognition of a Somaliland as the Red Sea crisis escalates”, Horn Diplomat, Feb 4, 2024, On: https://rb.gy/asxqkd, accessed in May 16, 2024.

زر الذهاب إلى الأعلى