إعادة المملكة المتحدة سيادة جزر تشاغوس إلى موريشيوس: السياقات والدوافع
في بداية شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2024 أعلنت المملكة المتحدة أنها ستتخلى عن سيادتها على جزر تشاغوس بعد أكثر من نصف قرن, وذلك وفق اتفاق بينها وموريشيوس. وفي حين أن هذا الإعلان الذي صدر في بيان مشترك لرئيسي وزراء المملكة المتحدة وموريشيوس يُنهي عقودًا من المقاضات الدولية المتعددة ضد الممكلة المتحدة والمفاوضات المتوترة التي بدأت في ظل الحكومة البريطانية السابقة؛ فقد أدان هذا الاتفاق جميع المرشحين الأربعة لزعامة حزب المحافظين البريطاني – بمن فيهم جيمس كليفرلي (الذي أعلن عن المفاوضات إبان شغله منصب وزير الخارجية البريطانية) –, وذلك لما اعتبروه “ضارًا” بمصالح المملكة المتحدة([1]).
على أن تفاصيل الاتفاق المعلن عنه غير متوفرة للعامة, كما أن الإعلان نفسه يحوي على نقاط غامضة حول إعادة التوطين في جزر تشاغوس وحالة دييغو غارسيا. إضافة إلى أن المملكة المتحدة وموريشيوس لا تزال بحاجة لإبرام معاهدة ووضع لمسة رسمية على الاتفاق في ظل تساؤلات حول سياقات قضية الجزر ودوافع قرار المملكة المتحدة في هذا التوقيت.
أولا: السياقات
ترتبط سياقات قرار المملكة المتحدة بالتخلي عن سيادتها على جزر تشاغوس وتسليمها إلى موريشيوس بأربع نقاط رئيسية يمكن إيجازها في الفقرات التالية:
أ- أهمية جزر تشاغوس الاستراتيجية: يتكون أرخبيل تشاغوس من مجموعة من سبع جزر مرجانية, وهذه المجموعة تضم أكثر من 60 جزيرة في المحيط الهندي. وتقع جزر تشاغوس على بعد 1250 ميلاً شمال شرق موريشيوس، باتجاه الهند. وتعد هذه المجموعة من الجزرٍ أرخبيلَ الجنوب لسلسلة جبال تشاغوس-لاكاديف الطويلة تحت الماء في المحيط الهندي. وتُعَدّ أرخبيل تشاجوس موطنًا للتشاغوسيين منذ القرن الثامن عشر، وهم الذين جلبهم الفرنسيون كأرقّاء من إفريقيا والهند.
وقد استعمر الفرنسيون كل من موريشيوس وجزر تشاغوس في عام 1715. وكانت جزر تشاغوس تابعة للإدارة الفرنسية في موريشيوس قبل أن تنتقل تبعية الجزر إلى المملكة المتحدة بموجب معاهدة باريس لعام 1814 عندما تنازلت فرنسا عن موريشيوس وتوابعها للمملكة المتحدة([2]).
وبسبب المكانة الاستراتيجية التي تحتلها جزر تشاغوس في المحيط الهندي، طردت المملكة المتحدة التشاغوسيين من أراضيهم بين عامي 1967 و1973 (في حادثة وُصِفتْ بجريمة ضد الإنسانية وواحدة من أكثر حلقات الاستعمار بعد الحرب العالمية الثانية خزياً), وذلك بناءً على طلب الولايات المتحدة التي تنوي استئجار أرض من الجزر لبناء قاعدتها العسكرية (في جزيرة دييغو غارسيا – أكبر جزيرة في أرخبيل تشاغوس). وكان الطلب الأمريكي أيضا وراء قرار المملكة المتحدة بفصل جزر تشاغوس عن موريشيوس عندما منحت الأخيرة استقلالها في عام 1968([3]).
وكانت النتيجة أنه لم يسكن جزر تشاغوس منذ عام 1971 سوى موظفي الجيش الأمريكي, حيث يُمنَع التشاغوسيون من دخول أراضيهم, ليصبح أغلبهم اليوم – الذين يُقدر عددهم بأكثر من 10 آلاف شخص – يعيشون في موريشيوس وسيشل والمملكة المتحدة.
وقد أشار الاتفاق المعلن عنه في أكتوبر 2024 بين المملكة المتحدة وموريشيوس إلى أنه سيضمن حق العودة للتشاغوسيين الذين طردتهم المملكة المتحدة من ديارهم, ولكن الجزيرة الاستوائية دييغو غارسيا – التي تضم القاعدة العسكرية المشتركة بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة لسفنها البحرية وطائراتها القاذفة بعيدة المدى – ستظل تحت سيطرة المملكة المتحدة([4]).
ب- جهود استعادة جزر تشاغوس من المملكة المتحدة: لقد مارس بعض التشاغوسيين، الذين طُرِدُوا من أراضيهم، مختلف الضغوطات على حكومة المملكة المتحدة قبل عام 2021, كما رفعوا دعاوى قضائية ضدها بهدف العودة إلى بلادهم وإجبار المملكة المتحدة على التخلي عن سيادتها على الجزر. وكانت من أبرز هذه الجهود مساعي عامي 2008 و2016([5]) وغيرهما من المحاولات داخل بريطانيا والتي فشلت في استقطاب الأصوات الإفريقية والرأي الدولي.
وقد أعطت الإجراءات التي اتخذتها موريشيوس قضية دزر تشاغوس حياة جديدة, وحظيت باهتمام كبير داخل أفريقيا وخارجها، حيث أكّدت موريشيوس أن الأرخبيل جزء من أراضيها وأن سيطرة المملكة المتحدة عليه تنتهك قرارات الأمم المتحدة التي تحظر تقسيم الأراضي الاستعمارية قبل الاستقلال. وفي 22 مايو من عام 2019 صوتت 116 دولة لصالح قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة غير الملزم([6])، والذي اقترح تحديد مهلة ستة أشهر للمملكة المتحدة للانسحاب من الجزر وإعادة توحيدها مع موريشيوس المجاورة. وأيّد القرار الأممي أيضا الرأي الاستشاري الذي أصدرته محكمة العدل الدولية في فبراير 2019([7])، والذي دعا المملكة المتحدة إلى التخلي عن سيطرتها على الجزر من أجل استكمال عملية إنهاء الاستعمار.
وفي فبراير من عام 2022 أدت مجموعة من الناشطين والدبلوماسيين الموريشيسيين والتشاغوسيين رحلة تاريخية إلى جزر تشاغوس, بمن فيهم سفير موريشيوس لدى الأمم المتحدة، جاغديش كونجول، الذي رفع علم بلاده فوق جزيرة بيروس بانهوس المرجانية بدون تصريح بريطاني, إلى جانب الطعن الرسمي في المحكمة الدولية على موقف المملكة المتحدة من ملكية أرخبيل تشاغوس([8]). وفي 3 نوفمبر 2022 صدر إعلان استعداد المملكة المتحدة وموريشيوس بدء المفاوضات بشأن السيادة على الجزر اعتمادا على الإجراءات القانونية الدولية.
ج- بين أحقية موريشيوس ووكالة التشاغوسيين: لقد أثار إعلان أكتوبر 2024 عن الاتفاق على تسليم جزر تشاغوس لموريشيوس استياء بعض التشاغوسيين الذين تساءلوا عن أحقية موريشيوس لخوض المفاوضات حول جزرهم نيابة عنهم, بينما المملكة المتحدة لم تشركهم في المناقشات قبل اتخاذ القرار أو الإعلان عن الاتفاق, الأمر يجعلهم يشككون فيما إذا كان الجانبان البريطاني والموريشيوسي يهتمان بآراء أصحاب تلك الأراضي ومصالحهم.
ويمكن ملاحظة ما سبق أيضا في حقيقة أن قضية السيادة على أرخبيل تشاغوس تعقدت بسبب موقفي المملكة المتحدة وموريشيوس وتفسيراتهما القانونية والساسية؛ إذ هناك من يرى أن ليس لموريشيوس تاريخ ما قبل الاستعمار في السيطرة أو التحكّم على جزر تتشاغوس، بالرغم من أن موريشيوس تقول إنها أُجبِرت في عام 1965 من قبل المملكة المتحدة على التخلي عن مجموعة الجزر مقابل استقلالها في عام 1968.
وهناك تصريحات وتصرفات متناقضة من قبل الحكومة البريطانية قبل عام 2021؛ إذ أنها قالت إنها “لا تشك” في سيادتها على جزر تشاغوس، ولكنها ستعيد الجزر إلى موريشيوس بعدما تنتهي الحاجة إليها لأغراض عسكرية. وبعد انتظار غير مثمر من موريشيوس لتلك اللحظة التي تعاد إليها الجزر، كثفت حكومة البلاد إجراءاتها القانونية والسياسية ضد المملكة المتحدة في الأمم المتحدة والمحاكم ووسائل الإعلام. وعدّلت موريشيوس قانونها الجنائي في عام 2021 لمنع “تشويه سيادة موريشيوس على أي جزء من أراضيها”، حيث يُعاقب عليه بالسجن لمدة عشر سنوات أو بغرامة([9]). واعتمادا على هذا القانون أصبحت حرية التشاغوسيين في التعبير عن آرائهم ومواقفهم بشأن الوضع القانوني لأراضيهم داخل موريشيوس وخارجها مقيدة.
ويضاف إلى ما سبق أن مواقف التشاغوسيين أنفسهم – بمن فيهم الذين المقيمون في موريشيوس وسيشل وإنجلترا – غير موحّدة عن مصير وطنهم أو تجاه الاتفاق المعلن تسليم المملكة المتحدة سيادة الجزر لموريشيوس؛ إذ في حين أن منهم من أبدى الاستعداد للعودة إلى الجزر المعزولة والعيش فيها, ورحب البعض بتحركات موريشيوس وتحكّمها عليها وخطط حكومتها لترتيب إعادة توطين التشاغوسيين والسكان فيها, فقد رفض آخرون هذا الاتفاق, ميعتبرين قرار المملكة المتحدة “خيانة” لهم.
ويؤكد على هذا الموقف الرافض بين التشاغوسيين أنه فشلت محاولات سابقة (قبل عام 2024) هدفت إلى وقف المفاوضات بين المملكة المتحدة وموريشيوس بدعوى عدم التشاور مع شعب تشاغوس أو إشراكه في العملية, بما في ذلك ما ورد في ديسمبر 2023 بأن الحكومة البريطانية كانت تخطط وقف المحادثات. بل في يوم 3 أكتوبر 2024 (أي بعد صدور بيان الاتفاق حول تسليم الأرخبيل لموريشيوس), انتقدت منظمة “أصوات تشاغوسية” (Chagossian Voices)، ومقرها في المملكة المتحدة ودول أخرى، تجاهل آراء التشاغوسيين من قبل الجانبين البريطاني والموريشيوسي. وأدانت المنظمة أيضا “استبعاد مجتمع تشاغوس من المفاوضات التي أنتجت بيان النوايا هذا بشأن سيادة وطننا. لقد علم شعب تشاغوس عن هذه النتيجة فقط عبر وسائل الإعلام ويظلون عاجزين ولا صوت لهم في تحديد مستقبلهم ومستقبل وطنهم.”([10])
ويضاف إلى ما سبق أن هناك آخرين من التشاغوسيين المقيمين في المملكة المتحدة من يناولون القضية في سياق على حقوقهم ومكانتهم داخل المملكة المتحدة, ويتخوفون من أن تتلاشى امتيازاتهم في ظل تولّي موريشيوس سيادة الجزر.
ثانيا: دوافع قرار المملكة المتحدة
يمكن حصر الدوافع وراء قرار المملكة المتحدة بإعادة جزز تشاغوس إلى موريشيوس في أربعة نقاط رئيسية, هي:
أ- إعادة ضبط العلاقات مع دول الجنوب العالمي: ترغب المملكة المتحدة في إعادة ضبط علاقاتها المتوترة مع دول الجنوب العالمي؛ إذ بالرغم من أن بريطانيا قبل إعلان أكتوبر 2024 اعتذرت عن طرد سكان جزر تشاغوس من أراضيهم؛ إلا أنها لم تُبْدِ استعدادا حقيقيا تجاه التنازل عن الأرخبيل. واكتسبت القضية دعم الدول الإفريقية والدولية التي أيّدت حملات موريشيوس ضد المملكة المتحدة ووصفت جهودها بمساعي إنهاء الاستعمار, الأمر الذي دفعت المملكة المتحدة إلى إعادة النظر في موقفها.
وساهم تأييد 116 دولة في الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2019 لموريشيوس في عزل لندن دبلوماسياً, حيث كشفت نتيجة التصويت تراجع نفوذ الولايات المتحدة في الجنوب العالمي, وفشلت الحملة الأمريكية القوية في الأمم المتحدة ومحادثات مباشرة مع الحكومات العالمية المختلفة للدفاع عن استمرار سيطرة المملكة المتحدة على الأرخبيل, حيث لم تدعم المملكة المتحدة سوى 6 دول فقط (هي الولايات المتحدة والمجر وإسرائيل وأستراليا وجزر المالديف المملكة المتحدة).
ويضاف إلى ما سبق أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في عام 2020 أثّر سلبا في مواقف العديد من الدول الأوروبية تجاه القضية, مما فاقم من العزلة الدبلوماسية في ظل انحياز هيئات مختلفة تابعة للأمم المتحدة، بما في ذلك محكمتها العليا وجمعيتها العامة، لصالح موريشيوس. إضافة إلى التطورات العالمية الأخرى التي جعلت الدول الإفريقية تميل إلى مجموعة “بريكس”, وهو ما أجبرت المملكة المتحدة على اتخاذ القرار بشأن الأرخبيل كجزء من استراتيجيات جديدة لتقوية علاقاتها مع الدول الإفريقية وغيرها من الجنوب العالمي.
ب- محاولة إزالة القضية الاستعمارية العالقة من أجندات بريطانيا الدولية: يعكس قرار المملكة المتحدة شعورا متزايدا في الغرب حول تراجع الولاءات لها بين حلفائها التقليديين في الجنوب العالمي نتيجة تركيز الغرب على أوكرانيا وإهماله لقضايا ووجهات نظر هؤلاء الحلفاء. وقد أدركت لندن من خلال إجراءات موريشيوس والدعم الإفريقي والعالمي الذي حظيت به أن قضية جزر تشاغوس ستكون عقبة أمام كسب الودّ العالمي الذي تحتاجه بقوة، وخاصة من الدول الأفريقية، وأن إزالة هذه العقبة ضرورية في ظل احتمال فوز دونالد ترامب بالرئاسة الأمريكية للمرة الثانية مما قد يؤثر في علاقات دول الجنوب العالمي مع واشنطن ولندن وغيرها.
ومن خلال التخلي عن السيادة على جزر تشاغوس ستشعر المملكة المتحدة أنها أزالت قضية استعمارية عالقة من أجنداتها الدولية، وأنها انعتقتْ من التهمة الموجهة إليها بمواصلتها للممارسة الاستعمارية في أفريقيا. وقد رحب الرئيس الأمريكي جو بايدن بـ “الاتفاق التاريخي” (الذي أعلن عنه في أكتوبر 2024)، قائلاً إنه “دليل واضح على أنه من خلال الدبلوماسية والشراكة، يمكن للدول التغلب على التحديات التاريخية الطويلة الأمد للوصول إلى سلام وأمن دائمين ونتائج مفيدة للطرفين”([11]).
ومع ذلك, يثير قرار تسليم الأرخبيل لموريشيوس مخاوف من أن المملكة المتحدة تحاول الهروب من معالجة الظلم التاريخي الذي هو المسؤول عنه مع تأمين مصلحتها العسكرية؛ إذ بالرغم من أن الاتفاق المعلن عنه في أكتوبر 2024 أفاد بأن الحكومة البريطانية ستقدم حزمة من الدعم المالي لموريشيوس، بما في ذلك المدفوعات السنوية والاستثمار في البنية الأساسية, إلا أن عدم إجراء مشاورات ذات مغزى مع التتشاغوسيين, وعدم إمكانية تحكّم موريشيوس في جزيرة “دييغو غارسيا” أو حتى بدء برنامج إعادة التوطين فيها بسبب استمرار سيطرة المملكة المتحدة عليها – وفق الاتفاق – لضمان تشغيل القاعدة العسكرية الموجودة فيها “لفترة أولية” مدتها 99 عامًا؛ كلها تعني احتمال استمرار تقييد دخول سكان تشاغوس جزيرة “دييغو غارسيا” لمدة قرن آخر, كما تُوحِي بمواصلة ارتكاب الجرائم لفترة طويلة بهدف استمرار الوجود الاستراتيجي الغربي في المنطقة.
ج- تقوية الوجود الأمريكي والبريطاني في المحيط الهندي: يأتي هذا الاتفاق بين المملكة المتحدة وموريشيوس في الوقت الذي تتزايد فيه التنافسات الجيوسياسية بين الدول الغربية والهند والصين وروسيا في إفريقيا ومنطقة الهندي-الهادئ. وهذه النقطة واضحة في حقية أن جزيرة دييغو غارسيا مستثناة من تحكّم موريشيوس – وفق الاتفاق المعلن في أكتوبر-, وذلك لضمان بقاء القاعدة العسكرية ذات الأهمية الاستراتيجية لواشنطن ولندن في المنطقة, مما يسمح لهما بالاستمرار في أداء دور حيوي في الأمن الإقليمي والعالمي والتأثير في الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب آسيا.
وقد توفر عودة التشاغوسيين إلى الأراضي الباقية من جزر تشاغوس كنوزا وظيفية ولوجيستية فريدة للبريطانيين والأمريكيين, وذلك باعتبار معرفة هؤلاء السكان بأراضيهم وخبراتهم البيئية وارتباط مصلحتهم بالرفاهية البحرية وأمان الجزر وسلامتها, الأمر الذي قد يخفف الضغط عن الأمريكيين والبريطانيين وغيرهم من موظفي القاعدة العسكرية بجزيرة دييغو غارسيا.
وقد يفتح قرار المملكة المتحدة بالتخلي عن السيادة على جزر تشاغوس الباب أمام لندن لتقوية علاقاتها الثنائية مع الهند, وبخاصة أن الهند والصين متنافستان, وأن جزر تشاغوس أقرب إلى الهند من أي قوة اقتصادية كبرى أخرى. ويرجح هذه النقطة حقيقة أن العلاقات بين موريشيوس والهند عميقة وتاريخية وذوات روابط ديموغرافية وثقافية مشتركة. إضافة إلى أن الهند من الداعمين لموقف موريشيوس, حيث أشادت الحكومة الهندية في بيان لها بقرار المملكة المتحدة بالتخلّي عن سيادتها على الجزر([12]).
د- إغلاق ممر محتمل للهجرة غير النظامية: يمكن لتسلّم موريشيوس تحكّم جزر تشاغوس وإعادة التوطين فيها أن يساعدان المملكة المتحدة والولايات المتحدة في تفادي ملفات الهجرة غير النظامية أو سد الثغرات التي قد يستغلها المهاجرون غير النظاميين, وخاصة في ظل ما تواجهه الأرخبيلات والجزر المختلفة من تدفقات المهاجرين غير النظاميين, مثل حالات المهاجرين إلى جزيرة كيب فردي (الرأس الأخضر) وجزر الكناري الإسبانية وجزيرة قُوص اليونانية وغيرها.
وقد برزت هذه النقطة في حادثة عام 2021 التي شملت أكثر من 60 لاجئًا من التاميل السريلانكيين الذين كانوا يسافرون إلى كندا على متن قارب من جنوب الهند, حيث أصبحوا أول من تقدّم بطلب اللجوء في جزيرة دييغو غارسيا (في جزر تشاغوس) عندما واجه قاربهم صعوبات فيها، مما أدى إلى تعقيد أمن القاعدة العسكرية فيها وأدخلت الجزيرة في نزاع قانوني حول مصير اللاجئين الذين احتُجزوا في معسكر مسيج منذ ثلاث سنوات. ومن المتوقع صدور قرار بشأن قانونية احتجازهم في دييغو غارسيا قريبًا.
خاتمة
إن الاتفاق بين المملكة المتحدة وموريشيوس حول جزر تشاغوس قد يؤشر على الاعتراف البريطاني والأمريكي بظلمهم لسكان جزر تشاغوس الذين طُرِدوا من أراضيهم. ولكن الطريق نحو تحقيق العدالة الكاملة لا يزال طويلاً، وخاصة أنه بسبب وضعها غير الصالح للسكن لم يتضح بعدُ عددُ الذين يرغبون في العودة إلى الجزر من التشاغوسين الذين ولدوا عليها. كما يعني الاتفاق أن موريشيوس لن تصبح فقط مسؤولة عن تحديات الجزر في السنوات القادمة، بل ستصبح أيضا محور انتقادات ومقاومات التشاغوسيين في المستقبل.
ويضاف إلى ما سبق أن استثناء جزيرة دييغو غارسيا من جزر تشاغوس الأخرى التي ستتحكّم فيها موريشيوس بسبب القاعدة العسكرية الأمريكية والبريطانية المشتركة؛ لا يعني فقط أن التشاغوسيين لن يتمكنوا من العودة إلى أكبر جزرهم، بل يوحي بأن المملكة المتحدة وضع الاتفاق مع موريشيوس موضع اعتبار فقط بسبب أهمية الاتفاق في تحسين صورة لندن, ولأهدافه الاستراتيجية في علاقات المملكة المتحدة الدولية ومنافساتها الجيوسياسية ومصالحها الأمنية والاقتصادية.
[1] – Haroon Siddique, Diane Taylor, & Patrick Wintour (2024). “Britain to return Chagos Islands to Mauritius ending years of dispute”. The Guardian UK, retrieved from https://t.ly/2E-W0 (visited on 17 October, 2024)
[2] – Shola Lawal (2024). “Why is the UK handing the Chagos Islands back to Mauritius?”. Al Jazeera, retrieved from https://t.ly/rMk7x (visited on 17 October, 2024)
[3] – المصدر سابق:
Haroon Siddique, Diane Taylor, & Patrick Wintour (2024). “Britain to return Chagos Islands to Mauritius ending years of dispute”. The Guardian UK.
[4] – Peter Weber (2024). “UK cedes Chagos Islands to Mauritius, minus US base”. The Week, retrieved from https://t.ly/3aOTG (visited on 17 October, 2024)
[5] – BBC (2016). “Chagos islanders cannot return home, says Supreme Court.” Retrieved from https://t.ly/RNiVb (visited on 17 October, 2024)
[6] – “UK suffers huge defeat in UN vote on Chagos Islands.” The Irish Times, retrieved from https://t.ly/CEFB6 (visited on 17 October, 2024)
[7] – “Legal Consequences of the Separation of the Chagos Archipelago from Mauritius in 1965.” International Court of Justice (ICJ), Retrieved from https://rb.gy/aw390y (visited on 17 October, 2024)
[8] – Owen Bowcott, & Bruno Rinvolucri (2022). “Mauritius formally challenges Britain’s ownership of Chagos Islands.” The Guardian UK, retrieved from https://rb.gy/tw5ycz (visited on 18 October, 2024)
[9] – e Government Gazette of Mauritius (19 November 2021). “The Criminal Code (Amendment) Act 2021 (PDF). File downloaded from https://rb.gy/iv5al6 .
[10] – Chagossian Voices (3 October 2024). “Facebook posts by Chagossian Voices.” Retrieved from https://rb.gy/hkcsnj (visited on 18 October 2024)
[11] – Statements and Releases (2024). “Statement from President Joe Biden on the Occasion of an Agreement between the Republic of Mauritius and the United Kingdom on the Status of the Chagos Archipelago”. The White House, retrieved from https://n9.cl/o0unio (visited on 18 October 2024)
[12] – India’s Ministry of External Affairs (3 October 2023). “Statement on Agreement between the United Kingdom and Mauritius regarding return of Mauritian sovereignty over Chagos Archipelago.” Retrieved from https://n9.cl/6q353 (visited on 18 October 2023)