أثر الابداع والابتكار على الشراكات بين المواطن وأجهزة الامن العمانية

ﺎء ﻋﻨﻬﺎ ﻟﺘﻄﻮﻳﺮ أﺟﻬﺰة أي دوﻟﺔ في العالم عموما ومنطقة الخليج خصوصا ومنها سلطنة عمان وﻣﺆﺳﺴﺎﺗﻬﺎ وﻓﻖ ﺧﻄﻄﻬﺎ اﻻﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ واﻟﺘﻄﻠﻌﺎت اﻟﻤﺄﻣﻮﻟﺔ ﻣﻨﻬ لاسيما أن سلطنة عُمان تتقدَّم عشرة مراكز في مؤشر الابتكار العالمي 2023 معتمدة في ذلك على الدعم الكبير الذي يحظى به الابتكار من قبل الحكومة والقطاعات الخاصة والمدنية، وبالتالي فإن هذه القفزة المهمة في المؤشِّر تعكس الاهتمام المتزايد من ناحية، والإيمان بأهمية الابتكار في ظل التطورات والتنمية التي تشهدها الدولة، ودعم التطور التقني من ناحية أخرى، لذا فقد جاءت سلطنة عمان في المرتبة 69 من بين 132 دولة حول العالم2023، أن رؤية “عُمان 2040” ركزت على أهمية جاهزية سلطنة عُمان للتحول لمرحلة توظيف المعرفة والابتكار وتأصيل المنهج العلمي وتشجيع ورعاية البحث والتطوير ودعم المبدعين والمبتكرين من خلال التركيز على تأسيس “منظومة وطنية فاعلة للبحث العلمي والإبداع والابتكار تسهم في بناء اقتصاد المعرفة ومجتمعها.وﻳﺄﺗﻲ اﻟﻘﻄﺎع اﻷﻣﻨﻲ ﻓﻲ السلطنة في ﻣﻘﺪﻣﺔ اﻟﻘﻄﺎﻋﺎت اﻟﻤﻌﻨﻴﺔ ﺑﺎﻟﺘﻄﻮﻳﺮﻻرﺗﺒﺎﻃﻪ اﻟﻮﺛﻴﻖ بأمن وسلامة البلاد وحاجته الى الافكار الخلاقة والابتكارية لتطوير أسايب عمله.والابتكارهو الاخر يمثل عملية إنشاء وتطوير وتنفيذ أفكار أو أساليب أو منتجات جديدة تعمل على تحسين أو تغيير الطرق الحالية في السلطنة للقيام بالأشياء. إنه ينطوي على الإبداع والمجازفة والقدرة على التكيف مع المواقف أو التحديات الجديدة التي تتعرض لها السلطنة. ويمكن أن يحدث الابتكار في العديد من المجالات، بما في ذلك التكنولوجيا والطب والتعليم والأعمال عموما وفي المجال الامني خصوصا، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تقدم وتحسينات كبيرة.
أهمية الدراسة:-
تنبع أهمية هذه الدراسة من عدة أتجاهات الاتجاه الاول محاولات دول العالم الوصول الى تعزيز الامن الداخلي والخارجي لها عبر توظيف الابداع ، والابتكار في تطوير أجهزتها الامنية لزيادة كفاءتها وضمان جودة المهام المكلفة بها لهذا يشكل الابداع والابتكار عنوان رئيسي في السلطنة تسعى الى التمسك به ، الاتجاه الثاني مبعثه أن العمل الامني لايمكن أن يحقق نتائج مرضية في ضوء التحديات الداخلية والاقليمية والدولية التي تتعرض لها السلطنة ألا من خلال أستكشاف والبحث عن أفكار ومبتكرات وحالات الابداع في المجتمع العماني وتوظيفها في تطوير أداء الاجهزة الامنية في ظل التطورات في تكنولوجيا المعلومات والثورة الرقمية وهذا لايتم ألا من خلال توظيف الابداع والابتكار للمواطن العماني لانها في النهاية حماية للسلطنة والمجتمع وصولا الى الاسرة من التحديات المتغيرة والضغوط التي تفرضها الاجندات الخارجية عليها.
أشكاليات الدراسة:-
تحفل هذه الدراسة بالعديد من الاشكاليات لعل من أبرزها أستمرار التطورات العلمية في تطوير عمل الاجهزة الامنية في العالم وبقاء السلطنة تعتمد على الخبرات الاجنبية في ذلك وتباطؤ ظهور حالات الابداع والابتكار في المجتمع العماني لغرض أستثمارها في تعزيز الامن العماني.الاشكالية الثانية عدم وجود مؤسسة تختص بتنمية الابداع والابتكار في العمل الامني كأن تسمى ((أكاديمية الابتكار في مجال الامن العماني))على غرار ((مركز الابتكار ونقل التكنولوجيا))بجامعة السلطان قابوس،و((مجمع الابتكار-مسقط))التابع الى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار سواء في تطوير الاسلحة(الطائرات المسيرة، مكافحة الهكرز(السايبر)،صواريخ التقاطع، أجهزة التنصت شبيه ببرنامج بيغاسوس (للتجسس الاسرائيلي)،ومكافحة الاشاعات والتخريب الفكري التي تمارسه الاجهزة المعادية للسلطنة.الاشكالية الثالثة خلاصتها أفتقار السلطنة ومن خلال أجهزتها الامنية لخطة ستراتيجية لخلق الشراكات بينها وبين شرائح المجتمع العماني المختلفة كاأساتذة الجامعات،والطلبة الموهوبين وأستقطابهم ودعم أفكارهم الابتكارية الهادفة الى تطوير العمل الامني في السلطنة.
فرضية الدراسة:-
بنيت هذه الدراسة على فرضية مؤادها((ضرورة تنمية الشراكات بين المواطن العماني وأجهزته الامنية لاستثمار طاقاته الفكرية والاكاديمية في مجال تطوير أجهزة الامن العمانية وخاصة الذين لديهم أفكار متميزة بالابداع والابتكار في مشاريعهم البحثية)).
منهجية الدراسة:-
تعتمد هذه الدراسة على منهج ((التحليل النظمي)) لتحليل وتوصيف الشراكات التي يمكن أن تبنى بين المواطن العماني والاجهزة الامنية في البلاد للبحث عن الموهوبين الذين لديهم مشاريع تتميز بالابداع والابتكار تسهم في تطوير عمل الاجهزة الامنية العمانية.
هيكلية الدراسة:-
تنقسم هذه الدراسة الى أربعة أقسام الاول يستعرض التحديات التي تواجه الامن العماني وهي التحديات الداخلية والتحديات الخارجية ، والثاني يؤشرطبيعة الشراكات بين المواطن العماني والاجهزة الامنية التي تنقسم الى الشراكات في المجال الاكاديمي،والشراكات في المجال المجتمعي،والثالث يعرج على أنعكاسات مشاركة المواطن العماني في تعزيز الامن،والقسم الرابع والاخير يطرح الحلول والمعالجات لاستثمار الابداع والابتكار للمواطن العماني في تعزيز الامن.
- 1 –
التحديات التي تواجه الامن العماني
تواجه سلطنة عمان العديد من التحديات الداخلية والخارجية في عهد السلطان هيثم بن طارق بن تيمور آل سعيد وكما يأتي:-
1.التحديات الداخلية:-
إن استقرار السلطنة السياسي ووحدتها الترابية أمران لا مساومة عليهما عند الشعب العماني؛ فالعمانيون–رغم التنوع العرقي والثقافي–يدركون بجلاء أهمية الوحدة السياسية للبلاد والمحافظة على مكتسباتها التنموية،فمستقبل السلطنة على المستوى الإستراتيجي لاخشية عليه، غير أن حزمة من التحديات الحرجة ستواجه العهد الجديد،خاصة في الفضاءات الخدمية والاقتصادية.بالرغم من أقامة السلطان قابوس طيب الله ثراه دولة السلام والتنمية والاستقرار والمؤسسات، وجاء بعده السلطان هيثم بن طارق بن تيمور آل سعيد ، الذي يحظى بخبرة سياسية وإدارية تتيح له قدرا من المؤهلات الإستراتيجية لإدارة الدولة في مرحلتها الراهنة؛ فمرحلة السلطان هيثم هي مرحلة “التأسيس الثاني” للدولة العُمانية الحديثة، التي لا تقطع مع مرحلة التأسيس الأول التي قادها السلطان قابوس، ولكنها تختلف عنها من حيث التحديات والاستحقاقات والأولويات، إلا أن
حزمة التحديات الحرجة التي ستواجه العهد الجديد تتمثل في خمسة ميادين:-
(1) يعتبر ملف التوظيف من الملفات الذي يستدعي معالجات عاجلة ومقاربات غير تقليدية لما له من تداعيات اقتصادية وسياسية بالغة التأثير على تماسك الحالة الاجتماعية.
(2) تمثل إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة للتخلص من أمراضه المزمنة وعلله المتراكمة، ويغدو أكثر شفافية وديناميكية.
(3) أن إخراج الاقتصاد من حالته الريعية المتكلسة ليغدو اقتصادا إنتاجيا قادرا على الاستجابة لاحتياجات التنمية.
(4) يمكن للإصلاحات الدستورية التي تيسر قدرا من المشاركة السياسية، وتخضع الجهاز التنفيذي للمساءلة وتضعه أمام رقابة برلمانية حقيقية.
(5) تنخرط السلطنة في عدد من الأزمات الإقليمية المتلامسة مع أمنها القومي، وقد تحقق لها قدر من المصداقية عبر حلحلة كثير من التوترات، ولكن جبهة السياسة الخارجية تتسم بالديناميكية وسرعة الانتقالات من النقيض إلى النقيض، وهذا يفرض على السلطان هيثم تجديد مقارباته وتطوير فريقه الدبلوماسي وأدواته السياسية.وقد فرض التنوع الطائفي في السلطنة حتمية لا تقل إلحاحا لموازنة علاقاتها الداخلية والخارجية والذي يعتبر من أبرز التحديات الداخلية، فمع تنوع التركيبة الطائفية للبلاد بين الإباضيين والسنة والشيعة، ووجود فصائل متعددة داخل الطائفة الواحدة مثل شيعة البلاد الذين ينقسمون بين ثلاث طوائف هم الشيعة اللواتية الذين هاجروا من الهند في القرن الثامن عشر، والشيعة البحارنة من ذوي الأصول البحرينية والسعودية والعراقية، وحتى الشيعة الإيرانيين، في ظل ذلك لم تكن مسقط تملك رفاهية الانخراط في الصراعات الطائفية بين السنة والشيعة، وبدلا من ذلك فإنها وفرت فرصا متكافئة لجميع الطوائف في ممارسة التجارة والأعمال وفي تمثيل نفسها في الهيكل البيروقراطي للدولة، مستعينة بالثقافة الإباضية التي تغذي التسامح وترفض التعصب إلى حد كبير(2). ومن التحديات الاخرى ملف الإصلاح الاقتصادي بما يتضمنه من خلق وظائف جديدة للشباب وتنويع مصادر الدخل وتشجيع الاستثمارات ودعم النمو الاقتصادي للسلطنة الذي لا يتجاوز سقف 4%. ذلك أن الاحتياطي النفطي العماني وفقًا لأحدث الدراسات لن يكفي السلطنة إلا لمدة 20 سنة تالية في أحسن التقديرات، بينما يكفي الغاز الطبيعي 35 سنة إذا لم يتم اكتشاف آبار جديدة. ومسألة الإصلاح الاقتصادي حتمية فمعدل البطالة بين فئة الشباب العماني تجاوزت 20% بسبب تناقض مخرجات التعليم مع متطلبات سوق العمل، في الوقت الذي يشكل فيه غير العمانيين حوالي 60% من إجمالي عدد اليد العاملة البالغة.
وهناك العديد من العوامل التي تجعل من نموذج “عُمان السلطان قابوس” صعب التحقّق خلال حقبة “عُمان السلطان هيثم” أوّلها الرؤية الاقتصادية والثقافية التي يتبنّاها السلطان هيثم والتي زاد من أهميتها تداعيات وباء كورونا الاقتصادية التي رافقت الشهور الأولى من تولّي السلطان الجديد للحكم وجعلها أكثر صعوبة وحَسماً، ويُرجّح أنّ تقدّم أهمية الأوضاع الصّحّيّة التي نَتَجت عن انتشار فايروس كوفيد-19 في العالم قد خَلَطت الأولويات حتى بالنسبة للسّلطنة التي شهدت أعداد منخفضة نسبياً سواء من حيث الإصابات او من الوفيات. لقد أدى تعدّد التحديات الاقتصادية لاتخاذ قرارات مثل خفض الإنفاق الحكومي الذي اعتبره وزير المالية إجراءً بنتائج مؤقتة وهذا يعني أنّ عُمان ستحتاج لاتخاذ إجراءات أشدّ قسوة. حيث طلب الوزير سابقاً من الشركات المملوكة من الحكومة خفض نفقاتها التشغيلية والاستثمارية بنسبة 10٪ ووجه بعدم البدء بمشاريع جديدة 2020، مع العلم انه تم تخفيض الميزانية المخصصة للهيئات الحكومية في مارس بنسبة 5٪ والذي تضمّن الاعتمادات العسكرية والأمنية. لكن لا يزال الوضع الاقتصادي يواجه تحدياً كبيراً(1).أن ميزانية الدولة ونموها الاقتصادي سيتضرران من حرب أسعار النفط. ومن الوارد جدا أن تطال تداعيات هذه الأزمة في وقت أول الاستثمارات الموجهة لتنويع الاقتصاد مثل السياحة واللوجستيات والصناعة”. وبحسب تقديرات محلية، قد يفوق الدين الذي يبلغ نسبة 60% من الناتج المحلي الإجمالي نسبة 100%عام2020. ما سينجر عنه صعوبات في الحصول على قروض من طرف الجهات المانحة الدولية، كما قد تتزايد تكلفة سداد الدين من سنة إلى أخرى.على المدى القصير، ستضطر السلطنة إلى العودة إلى صناديق الثروة السيادية ويقدر احتياطي هذه الصناديق بين 6 و7 مليار دولار.ويتكهن أحد الدبلوماسيين الأوروبيين قائلا:“عليهم أن يجدوا تمويلات في الأسواق أو أن يقوموا بخوصصة آخر الشركات والمؤسسات العمومية”. وقد شرعت عمان في هذه الخوصصة في ديسمبر/كانون الأول 2019، إذ باعت 49% من أجزاء شركة توزيع الكهرباء الرئيسية لشركة صينية (State Grid Corporation of China) بمبلغ مليار دولار.وقد تشهد شركة توزيع المياه وإدارة النفايات والمطار الجديد لمسقط المصير نفسه، بسبب حاجة الدولة الملحة للسيولة. فعمان لا تتمتع حقا بعائدات ما عدا تلك التي تأتيها من النفط والغاز. إذ لا وجود لأداء على القيمة المضافة أو لضرائب دخل، ما عدا بعض الأداءات على منتوجات معينة. أما ضريبة أرباح الشركات فهي ضعيفة جدا وقد علقت مؤقتا الأداءات المحلية أو التجارية القليلة الأخرى. (2).
بالاضافة الى تلك التحديات فهناك التحديات السياحية مما يتطلب أولا:-ضرورة تحقيق التوازن بين تنمية وتطوير قطاع السياحة وصولا إلى الأهداف المنشودة والمحافظة في ذات الوقت على البيئة الطبيعية والموارد المختلفة بجانب الحفاظ على البيئة الثقافية والاجتماعية للمجتمع العماني وعاداته وتقاليده،كما تؤكدها ((وزارة التراث والسياحة العمانية)) حيث تستند إلى قاعدة صلبة من السياسات والإجراءات الوطنية والممارسات الصديقة للبيئة لحماية البيئة والمحافظة على مفرداتها البرية والبحرية،وأن هذه الأهمية التي توليها حكومة السلطنة للاعتبارات البيئية هي التي تقف وراء السعي لتطوير وتنمية السياحة على أسس ومبادئ السياحة المستدامة.وثانياً:- المنافسة الحادة بين هذا العدد الهائل من البلدان والوجهات السياحية التي تجعل من التحسين المطرد في جودة الخدمات والمرافق السياحية وتنويع المنتج السياحي وتحقيق كفاءة التكاليف في الأسعار من الشروط المسبقة لتحقيق أي نجاح في جذب أعداد متزايدة من السياح عاما بعد عام .وثالثاً:- ارتفاع الفاقد السياحي بسبب استخدام مدخلات إنتاج مستوردة بما في ذلك وجود قوى عاملة وافدة بنسب كبيرة، بالذات في بعض القطاعات الفرعية، وتسعى الحكومة إلى زيادة أعداد العمانيين في شغل الوظائف الجديدة،إضافة إلى رفع نسب التعمين في القطاعات العائدة للسياحة من ناحية وتشجيع استخدام المواد المحلية من قبل المنشآت السياحية من ناحية أخرى لتقليل هذا الفاقد إلى أدنى مستوى.رابعاً، ضرورة استكمال البنية الأساسية في بعض المواقع السياحية والتي تبذل الحكومة جهودها لتعزيزها.خامسا:- عدم وجود العدد الكافي من خطوط الطيران المباشرة بين السلطنة والدول المصدرة للسياحة يحد من تدفق السياح ويشكل عائقا ينبغي مواجهته للتخفيف من أثره في معدلات نمو السياحة وتطورها، وتسعى الحكومة من خلال تشجيع الناقل الوطني وحث شركات الطيران الأخرى على تسيير رحلات مباشرة إلى الدول المصدرة للسياح للتغلب على هذا التحدي(1) لاسيما أن القطاع السياحي في سلطنة عمان يشهد نموا سنويا بنسبة تبلغ 7.4٪ على المدى المتوسط في الفترة من 2023-2027 وذلك حسب التقارير الدولية الصادرة عن “بي إم أي” التابعة لوكالة(( فيتش)) للأبحاث الاقتصادية، التي تؤكد ارتفاع أعداد السياح القادمين إلى سلطنة عمان خلال عام2022 بنحو 3.5 مليون سائح بزيادة قدرها 20.8٪ مقارنة بعام2023، وتشكل المواقع الأثرية مقصدا مهما للسائحين للاطلاع على الحضارة الغنية والتراث الأصيل، ويرى المهتمون بالمواقع الأثرية ورواد الأعمال في ولاية ((أدم)) ضرورة الاهتمام بتذليل التحديات التي تعيق عملية الاستثمار في هذه المواقع المهمة، كونها الوجهة الأولى للسياح القادمين للولاية (3)
ويفرض واقع الأيدي الوافدة في سلطنة عُمان مخاطر كبيرة وتحدي داخلي كبير على المنظومات الاقتصادية والاجتماعية والمواطنة والهُوِيَّة والقِيَم والعادات والتقاليد والخصوصية الوطنية،في ظلِّ فرضية وجود تأثير سلبي لها على البناء الاجتماعي واستهلاك الموارد الوطنية،أن إجمالي عدد الوافدين بسلطنة عُمان حتى نهاية الثلث الأول من إبريل من عام 2023 بلغ (42.55%) من مجموع السكَّان، بواقع (2.135.960) وافدًا. ومع أن أعداد الأيدي الوافدة في مجملها شهدت انخفاضًا في السنوات الأخيرة بعد جائحة كورونا (كوفيد19) إلَّا أنَّها اليوم مؤهلة للارتفاع؛ بسبب متغيِّرات سوق العمل الوطني، حيث تُشكِّل ما نسبته (87% – 89%) من العاملين في القِطاع الخاص، مقابل (13% – 11%) عُماني. وهو ما يعني أن واقع الأيدي الوافدة ما زال يُشكِّل رقمًا صعبًا إذا ما تمَّ مقارنة ذلك بحجم ما تشغله في سوق العمل الوطني، ويرتبط وجودها بمؤشِّرات اجتماعية واقتصادية لها تداعياتها على الهُوِيَّة والبناء الأخلاقي والاجتماعي للمواطن العُماني في ظلِّ ما تشير إليه إحصائيات الجريمة والجناة والباحثين عن عمل والمسرَّحين من العُمانيين من القِطاع الخاص.فمثلًا، من حيث نسبة تدخُّل الأيدي الوافدة في زيادة معدَّلات الجريمة تشير إحصائيات((المركز الوطني للإحصاء والمعلومات العماني)) لعام 2021 إلى أن نسبة الجناة من الوافدين بلغت 51%، يقابله 49% من العُمانيين،وأن 3 جرائم لكُلِّ 1000 من السكَّان هو معدَّل ارتكاب الجريمة في السلطنة خلال عام 2021،وبواقع 4 جناة معدَّل الجناة في سلطنة عُمان لكُلِّ 1000 من السكَّان بإجمالي 12.8121 ألف جريمة تُشكِّل فيها الجرائم الواقعة على الأموال المرتبة الأولى في تصنيف الجرائم، حيث بلغ عدد الجرائم فيها (4.121) جريمة بنسبة (32.2%) وقد بلغ عدد الجناة الوافدين فيها (2,124)، وأن (67%) من الجناة الوافدين ارتكبوا جرائم الواقعة على الأموال مقابل (33%) من العُمانيين. وتشير الإحصائيات إلى أن التوزيع النسبي للجناة الوافدين في تصنيف الجرائم مرتبة بحسب مؤشِّر الارتفاع في عددها كالآتي: الجرائم المخالفة للقوانين 40.3%، ثمَّ الجرائم الواقعة على الأموال (22.7%)، تليها الجرائم الواقعة على الأفراد (11.3%)، ثمَّ جرائم المخدِّرات 6.6%، ثمَّ الجرائم الواقعة على العِرض والأخلاق العامَّة 6.3%، وتشترك معها في النسبة الجرائم الأخرى، وأن أقلَّ الجناة الوافدين في جرائم الأسلحة والذخائر.وفي مجال التشغيل وبيئات العمل أشارت الإحصائيات إلى أن المشتغلين في القِطاع الحكومي والخاص والعائلي من الوافدين بنهاية عام 2021 بلغ 1,409,473 وافدًا، وبلغ عدد الوافدين المشتغلين في القِطاع الحكومي في عام 2021 (37,996) ليرتفع هذا العدد عن عام 2017، حيث بلغ (36,383)، وفي القِطاع الخاص وحده بلغ عدد الأيدي الوافدة 1.795.689 التي تحوز على ما يقارب من 90% من حضورها في هذا القِطاع، وأن 8 من كُلِّ 10 مشتغلين في السلطنة في عام 2021 هم وافدون،
وبحسب المجموعات المهنية فإنَّ 65% من إجمالي شاغلي وظائف مديري الإدارة العامة والأعمال في القِطاع الخاص والعائلي في عام 2021هم وافدون، حيث بلغ عددهم (31,952)، والاختصاصيين في المواضيع العلمية والفنية والإنسانية (53,586)، والفنيين في المواضيع العلمية والفنية والإنسانية (35,908)، والمِهن الهندسية الأساسية والمساعدة (563,129). هذا الأمر يأتي في ظلِّ ارتفاع أعداد الباحثين عن عمل من العُمانيين ليصل إلى أكثر من (85) ألفَ باحثٍ وباحثة عن عمل، وفي ظلِّ استمرار نهج تسريح العُمانيين من القِطاع الخاص واستبدالهم بالأيدي الوافدة، الأمْرُ الذي يعكس منعطفًا خطيرًا في حجم التأثير الذي يسقطه واقع الأيدي الوافدة على الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية، وحجم ما يُمثِّله هذا الملف من ثقل وطني في استهلاك الأيدي العاملة الوافدة للموارد الوطنية، ومنافستها للمواطن في كُلِّ المشروعات الترويحية والاقتصادية الصناعية والزراعية والتجارية والعمل الحُر المتاحة له، وحجم الضغط على الموارد الوطنية والخدمات العامَّة، وانعكاسات ذلك على الهُوِيَّة والقِيَم والأخلاق العُمانية والسلوك الاجتماعي العام(4). وأشارت ((شرطة عمان السلطانيّة)) إلى إنّ تهريب المخدرات يكون عن طريق البحر والبر والجو، فبحريا يكون عن طريق إرسال شحنة من دولة إلى الدولة المقصودة وتوضع على الشاطئ مع إرسال إحداثيات للشخص المقصود لاستلامها، وبرا عن طريق المنافذ البريّة أو عبر السياج الحدودي بوسيلة نقل بريّة ويتم وضع المواد المخدرة في أحد أجزاء المركبة، وجوا عن طريق الطيران وتوضع في حقيبة أو يتم ابتلاعها أو يتم لفّها في جسم الشخص أو بطرق أخرى.ويذكر الدكتور ((جمعة العزري))، المختص في القانون الجنائي بجامعة السلطان قابوس- ((أنّ هناك مخدِّرات طبيعية تُزرع مثل الهيروين والقات، وهناك مخدِّرات تُصنَّع كيميائيا في المعامل، وسلطنة عمان ليست من الدول المنتجة والمصنِّعة للمخدِّرات، وكذلك لا تُصنَّف من الدول المستهلِكة أي أنها لا تصنف ضمن الدول الأكثر انتشارا لجرائم المخدِّرات، ولكن بسبب موقعها الجغرافي فهي تعد معبرا لبعض الدول المنتجة)).ويضيف قائلا: ((إن المؤشرات في حقيقة الأمر لأعداد الأشخاص -حسب ما تشير بعض الإحصائيات- الذين ارتكبوا وأدينوا بجرائم متعلقة بالمخدرات عالية مما يدق ناقوس الخطر، ووجوب اتّخاذ إجراءات أكثر صرامة لمكافحة المخدِّرات))(5).
ومن التحديات الامنية الاخرى التي تواجهها سلطنة عمان جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، لاسيما أن هذه الجرائم أنتشرت على النطاق العالمي، فكان لزاماً على السلطنة العمل على ردعها ومنعها من التفشي في المجتمع ، وذلك الدور تبنته المنظمات المسؤولة عن مكافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الارهاب والتي كان ولا زال لها دور بارز في قمع هذه الظاهرة حول العالم.وكون أن الهدف من مكافحة هذه الجرائم هو الحفاظ على النظام المالي والأمن والاستقرار في أي بلاد، وكون عمان معلماً للأمن والاستقرار فإنه لابد لها من تعزيز الجهود في مكافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ولا بد من تبنيها لتدابير صارمة في هذا الشأن،وهذا بالتأكيد الأمر الذي وضعته الحكومة نصب عينيها سواء كان ذلك على المستوى الدولي أو المحلي. قد نص ((قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب)) الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 30 لعام 2016 على مجموعة واسعة من الالتزامات والإجراءات التي يجب الالتزام بها من قبل المؤسسات المالية وغير المالية والجمعيات والهيئات غير الهادفة للربح ، وقد حدد القانون السلطات الرقابية والإشرافية ك((الوحدة المستقلة)) المختصة بالتحريات المالية في شرطة عمان السلطانية، و((اللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ))وذلك للعمل على تنفيذ واتخاذ إجراءات صارمة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في السلطنة، إضافة إلى ذلك فقد حدد القانون سلطات اللجنة الوطنية المختصة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وحدد أيضا مسؤوليات الجهات الرقابية ك((البنك المركزي العماني)) في تنفيذ النصوص والأحكام. وقد تبنت العديد من الجهات في الدولة أدوارا فاعلة في مكافحة غسل الأموال وتمويل الارهاب، بداية من ((شرطة عمان السلطانية)) والتي تلعب دورا حيويًا في هذا المجال حيث تقوم بمراقبة الأنشطة المشتبه فيها والتحقيق والتصدي للتهديدات الإرهابية المحتملة وتتعاون الشرطة مع الأجهزة الأمنية الأخرى وتتبادل المعلومات لمكافحة الجريمة الإرهابية وتأمين الأمن العام، ومن الجانب الآخر فقد وقعت الشرطة مع ((جهاز الضرائب)) برنامج تعاون مشترك لتنسيق الجهود وتبادل المعلومات بشأن التحقيقات المالية، والهدف من ذلك مشاركة التحقيقات والخبرات وتبادل المعلومات للحد من جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب والقضاء عليها، بالتالي تعزيز قدرات الجهتين في مكافحة هذه الجرائم والتصدي لها. أما ((الادعاء العام)) فقد كان له حضور في تطبيق القوانين التي صدرت بشأن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب فقد أجاز له التشريع العماني العديد من الإجراءات التي قد تساعد في البحث والتحقيق في القضايا المالية المختلفة منها ما جاء في المرسوم السلطاني رقم ۲۰۱٦/٣٠ في قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب والذي يتيح للادعاء العام القيام بالإجراءات التحفظية بناء على طلب وحدة التحريات المالية في شأن الجرائم الواردة في قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وذلك وفقا للأحكام المقررة في قانون الإجراءات الجزائية، كما وجاء
في مادة أخرى أن للادعاء العام أن يمدد مدة وقف المعاملات في الجرائم المشتبه بارتكابها لمدة لا تزيد عن العشرة أيام في حال تم طلب ذلك من ((وحدة التحريات المالية))، وذلك لضمان التحقيق السليم ومنح الادعاء القدرة على التدقيق في الإجراءات المالية لإيقاف اي معاملات مشبوهة، وجاء في مواد أخرى السماح للادعاء العام باتخاذ جميع الإجراءات التحفظية والتي من ضمنها ضبط وتجميد الأموال محل غسل الأموال وتمويل الإرهاب وعائداتها، وفي ذلك اتاحة الفرصة للادعاء لجمع الأدلة واثبات التهم المرتبطة بغسل الأموال وتمويل الإرهاب وتقديمها إلى المحاكم لمحاكمة المتهمين وفرض العقوبات اللازمة(1).
2.التحديات الخارجية:-
يعتبر ((التحدي الاماراتي)) من أبرز التحديات الخارجية التي تواجه سلطنة عمان بالنظر لسيطرة عُمان على مضيق هرمز عبر شبه جزيرة مسندم المحاطة من كل الجهات من دولة الإمارات، حيث تمتلك الأخيرة طموحات سياسية فيما يخص الدور العُماني تتراوح بين التأثير عليه من الداخل وعبر الضغط عليه، وصولًا للطموح نحو السيطرة الفعلية على ((مسندم)) والذي قاومته عُمان ضمنيًّا بسنِّ قانون لمنع تملك غير العمانيين لأراض بمناطقها الحدودية، وفي عام 2018، بعد عمليات شراء قام بها إماراتيو. وظهرالتوتر العُماني-الإماراتي لأول مرة عام 2011 حين كشفت عُمان رسميًّا عن خلية تجسس إماراتية تلتها خلية أخرى (2019)، وتنامى التوتر كذلك بسبب الخلافات حيال حصار قطر وحرب اليمن. ويشكِّل الملف اليمني تحديدًا تحديًا للعلاقات العُمانية-الإماراتية والسعودية نظرًا لتوغلهما في محافظة ((المهرة)) اليمنية المتاخمة لعُمان، والتي يرتبط سكانها بصلات تاريخية وثقافية وقبلية بجيرانهم العمانيين. بينما يتزايد الضغط على السلطنة نتيجة التدخل العسكري الإماراتي والسعودي، ولا تجد مسقط أمامها اليوم سوى سياسة توطيد علاقتها بسكان ((المهرة))، حيث قامت بتجنيس 69 شخصية من قبيلتي ((العطاس)) و((بن عفرار)) عام 2017. وفي ظل الصراع المحتدم هناك، تلعب عُمان بورقة الوساطة المعتادة عبر تواصلها المستمر مع الحوثيين؛ وساطة مارستها سابقًا طوال سنوات الحرب لإجلاء رعايا أجانب. (6).
(1)الفورية، هدى بنت ناصر (24أبريل2024)،دور سلطنة عمان في مكافحة جريمتي غسل الاموال وتمويل الارهاب، صحيفة الرؤية العمانية ، ورد على الموقع التالي:-
ومن التحديات الخارجية الاخرى التي تجابه السلطنة هو ((التحدي الامريكي)) بالرغم أنها لا تستضيف قاعدة عسكرية أميركية أو تشتري كميات ضخمة من الأسلحة الأميركية مثل بعض دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى((مملكة البحرين))، لكنها لاعب إقليمي مهم له تأثير كبير. وكانت السلطنة أيضاً شريكاً عسكرياً أميركياً مهمّاً منذ فترة طويلة، بما في ذلك استضافة المنشآت العسكرية الأميركية في ((ثمريت)) و((جزيرة مصيرة)) وتزويد البحرية الأميركية بمنفذ للوصول إلى موانئ ((الدقم)) و((صلالة)) وبعد انتخاب جو بايدن رئيساً للولايات المتحدة الامريكية ،حيث تبنت واشنطن نظرة جديدة تجاه دول مجلس التعاون الخليجي تكون أكثر توازناً وتجلب العُمانيين إلى الحوار إلى مستوى أكبر.ومن التحديات الاخرى ((التحدي الايراني)) ويؤكد أغلب الباحثين أنه إذا أصبحت السياسة الخارجية العُمانية أقل استقلالية وحيادية، فإن ذلك سيجعل من الصعب على الولايات المتحدة والجهات الفاعلة الأخرى مثل الاتحاد الأوروبي التعامل بشكل فعّال مع الشرق الأوسط.وبناء على ذلك فأن عُمان واحدة من أكثر اللاعبين فاعلية في تطور ((الإتفاق النووي الإيراني)). وخلال تصريحاته في يوم تنفيذ الاتفاق، قال وزير الخارجية الأميركي في حينه ((جون كيري))“اليوم، بعد أكثر من أربع سنوات من سفري لأول مرة إلى عُمان بناءً على طلب الرئيس أوباما لاستكشاف ما إذا كان نوع المحادثات النووية الذي دخلناه في النهاية مع إيران كان ممكناً”. وقدم العُمانيون قناة خلفية لطهران وسهّلوا تحويل مليارات الدولارات من الأموال الإيرانية. وعملت عمان أيضاً كوسيط خلال المفاوضات الأميركية-الإيرانية بشأن الأسرى. وفي العام 2017، زار الرئيس الإيراني ((حسن روحاني)) مسقط، مما عكس رغبة عُمان في الإنخراط والتواصل مع الإيرانيين على مستوى عالٍ.(7)أما التحدي الاخر الذي تواجهه السلطنة هو ((التحدي الاسرائيلي)) وبعد وفاة السلطان قابوس((رحمه الله))توقف الحماس العماني للتطبيع، وجاءت تصريحات وزير الخارجية العماني ((بدر البوسعيدي)) بأن ((عمان لن تكون ثالث دولة خليجية تطبيع العلاقات مع ((إسرائيل))بعد توقيع اتفاقيات ((ابراهام))للتطبيع بين الاخيرة مع الامارات والبحرين في عام2020))، على صعيد آخر، مثل قرار ((مجلس الشورى العماني)) في ديسمبر/كانون الأول 2022بتوسيع حظر تعامل الأفراد والكيانات مع ((إسرائيل))دعما للرؤية الجديدة للسلطنة في هذا الملف (8).
- 2 –
طبيعة الشراكات بين المواطن العماني والاجهزة الامنية
يمكن أن تبادر الاجهزة الامنية العمانية لتطوير العلاقات التشاركية مع الاكاديميين وشرائح المجتمع العماني الاخرى بمختلف مسمياته وفي المجال الشبابي والطلبة لاستكشاف فرص أبتكارية غائبة عن الرصد والتوظيف من قبلها للاستفادة منها في تعزيز الامن العماني وكما يأتي:-
1.الشراكات بين الاجهزة الامنية العمانية مع الاكاديميين:-
تبنى الشراكات بين الاجهزة الامنية العمانية مع الاكاديميين العمانيين والمقيميين من خلال زيادة اطر التفاعل معهم واستثمار كفائتهم وخبرتهم العلمية والاكاديمية وخاصة في الاختصاصات التكنولوجية والصناعية والذين صدرت لهم شهادات اختراع او لديهم مشاريع بحثية مبتكرة يمكن ان تستفاد منهم الاجهزة الامنية العمانية ويتم ذلك عبر خلق علاقات وطيدة معهم عبر التعاون العلمي وتواصل مجتمعي معهم لزيادة اللحمة الوطنية بين المواطن والاجهزة الامنية للتعرف على المشاكل التي تعترض مشاريعهم في مجالات تدخل في صميم عمل الاجهزة الامنية نفسها منها الامن السيراني وصناعة الطائرات المسيرة لاغراض المراقبة والرصد الجوي للاهداف المعادية لامن السلطنة والتنسيق مع الاكاديميين في مجال الحاسب لتكليفهم بصنع برامج ضد الفيروسات الالكترونية المعادية التي يمكن أن تخترق أجهزة الحاسب سواء في دوائر الدولة في السلطنة الحكومية أو الامنية وكيفية التصدي لتلك الفيروسات أو صناعة أجهزة تنصت وتتبع ومراقبةGPS أو مايعرف جهاز التموضع العالميGlobal Positioning System وهو نظام ملاحة عبر الأقمار الصناعية الذي يقوم بتوفير معلومات عن الموقع والوقت في جميع الأحوال،والاستفادة من الاكاديميين في الاستشارات الامنية والتحول بهم في اطار عمل الابتكار وتكليفهم في اعداد المنشورات الخاصة بورش العمل الابتكاري في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتوفير الدعم اللازم للمؤسسات الاكاديمية لتفعيل المبادرات الابتكارية للاكاديميين المتميزين وتسهيل عملية دخولهم للتنافس على صنع أفضل الاجهزة المبتكرة لدعم الاجهزة الامنية العمانية وتطوير العلاقة بين المؤسسات الاكاديمية والشركات ذات العلاقة بمشاريعهم الابتكارية والتعرف على مجموعة الاطر التي تساعد المؤسسات الاكاديمية في وضع خطط دراسية ومساقات تدريسية توجيهية لتلبية احتياجات السوق والوظائف العامة لتاهيلهم ككوادر عمانية اكاديمية مختصة في مجال الحاسب الالي والانترنيت من اجل زيادة القدرة على كشف الحوادث الامنية والاستجابة الطارئة لها وتحليل المخاطر والتهديدات الامنية في فضاء الانترنيت العمانية اضافة الى بناء وتعزيز الوعي الامني في مجال الحاسب الالي والانترنيت في مؤسسات القطاع الخاص والعام وكذلك بين المواطنيين العمانيين والمقيميين في السلطنة.
2.الشراكات بين الاجهزة الامنية والمجتمع العماني:-
توجد العديد من الفرص والخبرات في مجال الابتكار غير مستكشفة بين أبناء المجتمع العماني وحتى المقيميين في السلطنة ولغرض الوصول اليها لابد العمل على تكوين وسائل تواصل مع المجتمع العماني لاستكشاف الطاقات الابتكارية لتوظيفها لصالح الاجهزة الامنية العمانية ويتم ذلك عبر نشر وتوزيع وسائل اتصال مع الجمهور وخلق منصات الكترونية لاستقبال المبادرات الابتكارية في مجال تطوير العمل الامني وزيادة كفاءته وتشكيل فرق تتوزع على المدارس والجامعات لاجراء مسح ميداني والبحث عن الطاقات الابتكارية والتقاطها وتفعيل التواصل معها لدراسة امكانية الاستفادة منها.وخلق صورة ذهنية إيجابية لدى المواطنين عن الأجهزة الأمنية ومهامها، إلى تنمية روح المشاركة والارتباط بين أجهزة الأمن وأبناء المجتمع العماني على أساس أن تحقيق الأمن يمثل ضرورة أساسية لكل أبناء المجتمع وأن تحقيق الأمن والاستقرار يتطلب تكاتف جهود الكافة، والسعي إلى غرس المفاهيم الأمنية لدى المواطنين وتحصينهم وتشكيل بيئة حاضنة للأنشطة الأمنية وخلق رأي عام مساند لها. ومن أهم ما يجب على القائمين على الإعلام الأمني هو بناء الثقة المتبادلة بين الجهة الإعلامية المتصدية للأمن الإنساني والجمهور من جهة، وبين القيم التي يدعو لها والجمهور أيضًا من جهة ثانية، وهذا يتم من خلال المصداقية التي يقرأها ويشعرها كل مواطن عماني في المادة الإعلامية، والأسلوب الإقناعي المؤثر القائم على الحقائق والمعلومات الصحيحة. فضلًا عن التعريف بالمنجزات الأمنية واستقصاء المعلومة وتفنيد الشائعات. ويرتكز الإعلام الأمني على وضع استراتيجية توعوية تعزز من وعي المواطن بواجباته الأمنية، وأساليب المحافظة على أمنه وأمن منطقته، ومؤسسته، وأولاده، وتبصيره بالطرق والظواهر الجديدة التي يلجأ إليها المجرمون، وآليات التعامل معها واكتشافها، والتبليغ عنها. وقد تنوعت اليوم أساليب التلاعب بالعمليات الاقتصادية، والاحتيال على الآخرين، وكذلك التظاهر الثقافي وإبطان ثقافة دخيلة، وهذا يعني أن الإعلام الأمني لا يكتفي بعرض مُنجزاته؛ بل يحرص على التوعية المبصرة بأساليب التلاعب على جميع المستويات، والعمل على حث المعنيين لإيجاد قنوات اتصال مباشرة وغير مباشرة بالمجتمع وفئاته المختلفة من أجل توفير أرضية مشتركة بين الأجهزة الأمنية والمواطنين العمانيين(9).
- 3 –
أنعكاسات مشاركة المواطن العماني في تعزيز الامن
1.الانعكاسات الاقتصادية:-
عند مشاركة المواطن العماني الاجهزة الامنية في واجباتها الامنية سواء في أيصال المعلومة أو في الكشف عن الخلايا الارهابية وعمليات الاتجار بالبشر وتجارة الاسلحة والمخدرات أو تسخير أمكانياته الابداعية والابتكارية لصالح الاجهزة الامنية العمانية يشعر الناس بالأمان والطمأنينة في حياته الاعتيادية وهو في نفس الوقت يعزز الثقة والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، ويجذب الاستثمارات والسياحة إلى البلاد.وتحظى السلطنة بتقدير واحترام المجتمع الدولي على جهودها في الحفاظ على الأمن والاستقرار، وتعاونها في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.وتعمل السلطنة أيضًا على تعزيز السلم والأمن الإقليمي والدولي من خلال المشاركة الفعالة في المنظمات والاتفاقيات الدولية ذات الصلة. إن الأمن والاستقرار هما الأساس لتحقيق التنمية والرخاء في أي مجتمع.وهذا مانلاحظة في السلطنة حيث تحظى بالأمن والاستقرار،حيث يحرص جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- على تطويرها ورعايتها كونها هي قاعدة التنمية في الوطن التي ترتكز عليها كل مظاهر التنمية، وتحقيق الاستقرار الشامل. فقد تم توفير كافة الإمكانيات والتجهيزات اللازمة لتطوير القوات الأمنية والعسكرية، وتدريبها على أعلى مستوى من الكفاءة والاحترافية. كما تم تعزيز التعاون والتنسيق بين الأجهزة الأمنية المختلفة لضمان الحماية الشاملة للمواطنين والمقيمين في البلاد. التنمية بمفهومها العمراني والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والتعليمي والصحي لا تكتمل إلا إن وجدت ما يحميها ويُوفِّر لها الأمن والاستقرار، وهنا أشير إلى نعمة وهبها الله تعالى لهذا الوطن الغالي العزيز إنها نعمة الأمن والأمان بفضل الرجال المخلصين والسياج المنيع رجال الأجهزة الأمنية والعسكرية في سلطنة عُمان(01).
2.الانعكاسات الامنية:-
لقَدِ اتَّخذت فلسفة الأمن في سلطنة عُمان منحًى عصريًّا متوازنًا، قائمًا على مبدأ «أنسنة الأمن» وعَبْرَ إدماج مفاهيم الأمن ومفرداته قواعده ومرتكزاته ومصادره وبرامجه في برامج التنمية الوطنيَّة ورؤية «عُمان 2040» حيث تتَّجه للإنسان بكُلِّ ظروفه، والعوامل المؤثِّرة فيه مراعيةً حاجاته وأولويَّاته واهتماماته، ويتفاعل مع حياة الإنسان في أبعادها النَّفسيَّة والاجتماعيَّة
والفكريَّة والسلوكيَّة والأخلاقيَّة والغذائيَّة والجسميَّة والصحيَّة وغيرها، انطلاقًا من المبادئ الأمنيَّة في المادَّة (17) من النظام الأساسي للدَّولة، وترجمة عمليَّة لها نَحْوَ بناء وطن آمِنٍ مستقرٍّ، وإنتاج حياة آمنة مطمئنة تنعكس نواتجها على الإنسان في استقراره المعيشي وأمِنْه على نَفْسه وماله وحياته، وقدرته على ممارسة عاداته اليوميَّة السليمة بكُلِّ أريحيَّة واطمئنان، لضمان المحافظة على الثوابت العُمانيَّة، وصون النسيج الاجتماعي الوطني، والحفاظ على الأُسرة العُمانيَّة، والتثمير في المميزات والفرص الَّتي يعيشها مُجتمع سلطنة عُمان في مجالات التسامح والتعدديَّة والحوار والانتماء والهُوِيَّة والقِيَم، ذلك أنَّ نواتج المبادئ الأمنيَّة لا تنفصل عن أولويَّات المُجتمع واهتماماته؛ بل تعكس هُوِيَّته وخصوصيَّته وثوابته، وتحفظ له إرثه الحضاري، وتقوية خطوط التأثير الداخليَّة الَّتي تمنحه قوَّة وحضورًا في تقدُّم المُجتمع وتطوُّره، وتتجلَّى خلالها رؤيته واستراتيجيَّاته ومسارات التغيير والتحوُّل الَّتي ينتهجها في هياكل الدَّولة وأُطرها التنظيميَّة لبناء مُجتمع القوَّة ونهضة الوطن الدَّولة والإنسان.لذلك استوعبت رؤية «عُمان 2040» إنسانيَّة الأمن والتحوُّلات الاستراتيجيَّة الحاصلة في المنظور الأمني الشامل الَّذي يتَّجه إلى التنمية المستدامة وبناء القدرات والتنويع الاقتصادي وتعزيز فرص المنافسة، والاستثمار الأمثل للموارد في إطار الحوكمة والجاهزيَّة وتفعيل الأُطر والاستراتيجيَّات، فأصبحت منظومات الأمن الإنساني منسجمة مع أولويَّات الرؤية ومتفاعلة معها، وانطلاقًا من مبادئ الأمن الإنساني الَّتي حدَّدها تقرير الأُمم المُتَّحدة للتنمية البَشَريَّة لعام 1994 والَّتي استهدفت سبعة أبعاد رئيسة للأمن الإنساني هي: الأمن الاقتصادي، والأمن الغذائي، والأمن الصحِّي، والأمن البيئي، والأمن الشخصي، والأمن الاجتماعي، والأمن السِّياسي، فإنَّه يُمكِن إسقاط هذه الأبعاد على أولويَّات الرؤية من خلال جملة الأهداف الاستراتيجيَّة الَّتي تترجم أولويَّات الرؤية، فالأمن الاقتصادي، يتحقق من خلال أولويَّات وأهداف الرؤية: (القيادة والإدارة الاقتصاديَّة، والتنويع الاقتصادي والاستدامة الماليَّة، وسُوق العمل والتشغيل، والقِطاع الخاصِّ والاستثمار والتعاون الدولي)، والأمن الصحِّي يتحقق من خلال أولويَّة (الصحَّة)، والأمن البيئي يتحقق من خلال أولويَّة (البيئة والموارد الطبيعيَّة)، وهو أيضًا يجسِّد أولويَّة الأمن الغذائي؛ إذ يترسَّخ في الرؤية مبدأ الاستخدام الأمثل والمتوازن للأراضي والموارد الطبيعيَّة وحماية البيئة دعمًا لتحقيق الأمن الغذائي والمائي وأمن الطاقة من خلال الهدف «أمن غذائي ومائي قائم على موارد متجدِّدة وتقنيَّات متطوِّرة، واستغلال أمثل للموقع الاستراتيجي والتنوُّع الأحيائي لسلطنة عُمان»؛ والأمن الشخصي يتَّجه نَحْوَ بناء القدرات الوطنيَّة، وإنتاج الكفاءة العُمانيَّة، وترسيخ الوعي الاجتماعي، وتمكين المواطن من إدارة الموارد والتثمير في المهارات والتسويق الذَّاتي، والَّذي يُمكِن أن يتحققَ أيضًا من خلال بعض الأهداف الاستراتيجيَّة في أولويَّات: (التعليم والتعلُّم والبحث العلمي والقدرات الوطنيَّة، وأولويَّة المواطنة والهُوِيَّة والتراث والثقافة الوطنيَّة، وأولويَّة الرفاه والحماية الاجتماعيَّة)، والأمن الاجتماعي والَّذي يُمكِن أن يتحققَ من خلال أولويَّات: (الرفاه والحماية الاجتماعيَّة، وأولويَّة المواطنة والهُوِيَّة والتراث والثقافة الوطنيَّة، وكذلك أيضًا من خلال أولويَّة التعليم والتعلُّم والبحث العلمي والقدرات الوطنيَّة)؛ ويشترك معه الأمن الشخصي في بعض الأهداف الاستراتيجيَّة الواردة في هذه الأولويَّات؛ والأمن السِّياسي أو الاستراتيجي والَّذي يُمكِن أن يتحققَ من خلَل أولويَّات الرؤية ذات الصِّلة بالقوانين والحُريَّات الاجتماعيَّة، وحقوق الإنسان ومؤسَّسات المُجتمع المَدَني، والهيكلة التنظيميَّة، والرقابة والمتابعة واللامركزيَّة، والمشاركة السِّياسيَّة وحقوق الفئات الأخرى كالأطفال والنِّساء وذوي الإعاقة، ومن ذلك أولويَّات (المواطنة والهُوِيَّة والتراث والثقافة الوطنيَّة، وأولويَّة الرفاه والحماية الاجتماعيَّة، وأولويَّة حوكمة الجهاز الإداري للدَّولة والموارد والمشاريع، وأولويَّة التشريع والقضاء والرقابة، وأولويَّة تنمية المحافظات والمُدُن المستدامة)، ويُمكِن أن يضافَ إلى هذه الأبعاد السَّبعة للأمن الإنساني أبعاد أخرى أصبحت حاضرة في أهداف التنمية المستدامة ومن ذلك: الأمن الفكري الَّذي يتَّجه للبناء الفكري للمواطن، وتعزيز قدراته في التعامل مع الظواهر السلبيَّة والإشاعات، وغيرها من الأمور ذات الصِّلة بالتقنيَّة، والَّتي يُمكِن قراءتها في بعض أهداف أولويَّات الرؤية مِثل: (أولويَّة التعليم والتعلُّم والبحث العلمي والقدرات الوطنيَّة، وكذلك أولويَّة المواطنة والهُوِيَّة والتراث والثقافة الوطنيَّة)، والأمن النَّفْسي بما يحمله من مرتكزات قائمة على الصحَّة النَّفْسيَّة وإدارة المشاعر، وتحقيق الحماية الاجتماعيَّة والثِّقة في القدرات الوطنيَّة والترفيه والترويح المستدام، وجودة الحياة والَّذي يُمكِن قراءته في أولويَّات الرؤية «أولويَّة الصحَّة، وأولويَّة الرفاه والحماية الاجتماعيَّة، وكذلك أولويَّة سُوق العمل والتشغيل، وأولويَّة تنمية المحافظات والمُدُن المستدامة؛ وكذلك الأمن الأخلاقي الَّذي ينطلق من المحافظة على القِيَم والمبادئ والثوابت الوطنيَّة، وحُسن إدارة معطيات التقنيَّة وفرض الضوابط وأخلاقيَّات البحث العلمي وأخلاقيَّات البيولوجيا وأخلاقيَّات العمل، والَّتي يُمكِن قراءتها من أولويَّات الرؤية ذات الصِّلة ومِنْها: (أولويَّة التعليم والتعلُّم والبحث العلمي والقدرات الوطنيَّة، وأولويَّة المواطنة والهُوِيَّة والتراث والثقافة الوطنيَّة، وأولويَّة الصحَّة، وأولويَّة التشريع والقضاء والرقابة، وأولويَّة حوكمة الجهاز الإداري للدولة والموارد والمشاريع» إن هذا التناغم الحاصل بَيْنَ أولويَّات رؤية «عُمان 2040» ومبادئ الأمن يؤكِّد تلك الروح الإنسانيَّة الَّتي انطلقت مِنْها الرؤية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وحرص سلطنة عُمان على الوفاء بالتزاماتها الوطنيَّة والإقليميَّة الدوليَّة فيما يتعلَّق بالسَّلام والتنمية والتعايش والحوار وحقوق الإنسان، أو كذلك نَحْوَ جعل العالَم أكثر أمانًا للإنسان من خلال التزامها نَحْوَ الطَّاقة والمناخ والحياد الكربوني، وتعزيز حضور الاقتصادات الواعدة في سبيل تحقيق أولويَّاتها الوطنيَّة، إنَّها موجِّهات تعكس اقتصاد الأمن في سلطنة عُمان(11).
- 4 –
الحلول والمعالجات لاستثمار الابداع والابتكار للمواطن العماني في تعزيز الامن
تعد التكنولوجيا والابتكار من بين مجموعة من الأدوات الإستراتيجية التي تراهن عليها الحكومة العمانية لتعزيز دورها في نمو الناتج المحلي الإجمالي، كما هو الحال مع جيرانها الإمارات والسعودية والبحرين.ولدى المسؤولين العمانيين قناعة بأن بلدهم لديه الفرص والإمكانات حتى يضع الاقتصاد على درب النهوض وتعزيز جاهزيته للمستقبل وتطوير حلول مبتكرة لمواكبة متطلبات المرحلة المقبلة وفق “رؤية 2040”. وخلال السنوات القليلة الماضية شرعت مسقط في استكشاف فرص استخدام التكنولوجيا في القطاعات الإنتاجية لما لها من دور كبير في التحول الرقمي ودفع عجلة التنمية الشاملة في البلاد التي تواجه تحديات مالية تعمل على معالجتها.وتقول الحكومة إن التكنولوجيا ستقود إلى تطوير قدرات القطاعات الاقتصادية لتحقيق مؤشرات متقدمة، وخاصة المبادلات التجارية ،والخدمات اللوجستية ،وقطاع الصناعة وغيرها لزيادة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي في العقدين المقبلين وصولا الى عام2044.وبينما تراهن مسقط كباقي جيرانها في منطقة الخليج العربي على جذب الحلقات الأساسية في صناعة التكنولوجيا والتقنية والذكاء الاصطناعي ضمن مشاريعها الطموحة لتنويع إيراداتها، لكنها قد تصطدم بتحديات تتمثل في عدم إمكانية نقل المعرفة اللازمة من دول العالم المتقدم(1).وفي المجال الامني تحتاج سلطنة عمان الى زيادة الاهتمام بتنشيط حركة الابداع والابتكار للمشاريع التي يمكن أن يقدمها المواطن العماني لتعزيز الامن من خلال الاليات التالية:-
1.تشجيع المواطن العماني على اشاعة ثقافة الابداع والابتكار في مجال الامن:-
غالبًا ما تكون أجهزة الامن العمانية مدفوعة برؤية إنشاء شيء جديد ومختلف وأفضل مما هو موجود بالفعل. إنهم ينجحون في تحدي الوضع الراهن، وتجربة أفكار جديدة، وحل المشكلات بطرق مبتكرة. ومع ذلك، فإن هذه الصفات نفسها تعرضهم أيضًا لمخاطر مختلفة، مثل الهجمات الإلكترونية،وسرقة الملكية الفكرية،وانتهاكات البيانات،وقضايا الامتثال التنظيمي.ولذلك، تحتاج الاجهزة الامنية العمانية إلى تحقيق التوازن بين إمكاناتها الإبداعية والابتكارية مع شعور قوي بالأمان والمسؤولية. ولتحقيق هذا التوازن، تحتاج الاجهزة الامنية العمانية إلى تعزيز ثقافة تقدر الأمن والإبداع. ثقافة تشجع وتدعم الجوانب التالية:- (12)
أ-. التوعية والتعليم الأمني:-
تحتاج الاجهزة الامنية العمانية إلى حملة تثقيف في صفوف المجتمع العماني حول أهمية الأمن وأفضل الممارسات التي يجب اتباعها. إنهم بحاجة إلى إنشاء عقلية أمنية مضمنة في كل جانب من جوانب أعمالهم، بدءًا من تطوير المنتجات وحتى خدمة الجمهور. كما يحتاجون أيضًا إلى إبقاء أنفسهم مطلعين على أحدث الاتجاهات والتهديدات والحلول الأمنية، والاستثمار في الأدوات والتدريب اللازمين لحماية وتعزيز الامن العماني.
ب-. الأمان حسب التصميم:-
تحتاج الاجهزة الامنية العمانية إلى دمج الأمان في كل مرحلة من مراحل دورة حياة واجباتها ، بدءًا من التفكير وحتى النشر. إنهم بحاجة إلى اعتماد منهجية تطوير آمنة تتبع مبادئ السرية والنزاهة والتوافر. إنهم بحاجة إلى إجراء اختبارات أمنية وعمليات تدقيق ومراجعات منتظمة وإصلاح أي نقاط ضعف أو مشكلات في أسرع وقت ممكن. ويتعين عليهم أيضًا التأكد من امتثال واجباتهم الامنية للقوانين واللوائح ذات الصلة.
ج-. الإبداع والابتكار:-
تحتاج الاجهزة الامنية العمانية إلى تعزيز ثقافة تحفز الإبداع والابتكار وتكافئهما. إنهم بحاجة إلى خلق بيئة تسمح للمواطنين العمانيين بالتعبير عن أفكارهم، وتجربة أساليب مختلفة، والتعلم من إخفاقاتهم. إنهم بحاجة إلى احتضان التنوع والشمول، وطلب التعليقات والمدخلات من مصادر ووجهات نظر مختلفة. كما يحتاجون أيضًا إلى الاستفادة من قوة التعاون والإبداع المشترك، والشراكة مع المنظمات والمجتمعات الأخرى التي تشاركهم رؤيتهم وقيمهم.
2. اعتماد نهج استباقي واستراتيجي للأمن، يمكن الاجهزة الامنية العمانية الحصول على العديد من الفوائد منها:- ((13
.
أ-تقديم رؤية واضحة ومقنعة:-
يمكن للرؤية الواضحة والمقنعة أن تلهم وتحفز أبناء المجتمع العماني على متابعة الحلول الإبداعية والمبتكرة التي تتوافق مع أهداف الاجهزة الامنية العمانية وقيمها. ويجب أن تكون الرؤية محددة وواقعية وطموحة، ويجب أن تنقل غرض الاجهزة الامنية العمانية ورسالتها وتأثيرها.وعلى سبيل المثال، يمكن للاجهزة الامنية العمانية التي تهدف إلى توفير خدمات حوسبة سحابية آمنة ويمكن ان تصل الى كل اجهزة الدولة الحكومية والخاصة ومن توسيع نطاق تأثيرها من خلال حلول سحابية آمنة.
ب-. تشجيع التجريب والتعلم:-
يعد التجريب والتعلم من المحركات الرئيسية للإبداع والابتكار، حيث يسمحان لأعضاء المجتمع العماني الذين لديهم مشاريع ابتكارية لصالح الاجهزة الامنية العمانية باختبار أفكار جديدة، والتعلم من الإخفاقات، وتحسين مهاراتهم ومعارفهم. ويجب على قادة تلك الاجهزة خلق ثقافة تدعم التجريب والتعلم،من خلال توفير الوقت والموارد والتعليقات لأعضاء الفريق لاستكشاف إمكانيات جديدة، وحلول النماذج الأولية، وتكرار عملهم. على سبيل المثال، يمكن لمشروع ناشئ تعمل على تطوير روبوتات الدردشة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي لخدمة الجمهور أن تقيم هاكاثونًا أسبوعيًا حيث يمكن لأعضاء الفريق العمل على ميزات جديدة أو عمليات تكامل أو حالات استخدام لروبوتات الدردشة الخاصة بهم، وتقديم نتائجهم إلى بقية أعضاء الفريق.
3. قياس وتحسين الأداء والنتائج المتعلقة بالأمان والإبداع:-
أحد التحديات الرئيسية التي تواجه الاجهزة الامنية العمانية هو الموازنة بين الحاجة إلى الأمن والرغبة في الإبداع والابتكار. حيث يعد الأمان أمرًا ضروريًا لحماية الملكية الفكرية والبيانات وسمعة تلك الاجهزة،ولكنه قد يؤدي أيضًا إلى خنق العملية الإبداعية والحد من إمكانات الابتكار. ويعد الإبداع والابتكار أمرًا حيويًا لتمييز الاجهزة الامنية العمانية عن المنافسة فيما بينها ، وحل المشكلات، وخلق قيمة للمبدعين والمبتكرين من المجتمع العماني ، ولكن يمكنهم أيضًا تقديم مخاطر ونقاط ضعف للوضع الأمني لتلك الاجهزة . كيف يمكن للاجهزة الامنية العمانية من قياس وتحسين أدائها ونتائجها في مجال الأمن والإبداع؟ فيما يلي بعض الاستراتيجيات الممكنة:-
أ-. يجب أن تقوم الاجهزة الامنية العمانية بتحديد أهدافًا ومقاييس واضحة وقابلة للقياس لكل من الأمان والإبداع. ويجب أن يكون لدىها رؤية واضحة لما تريد تحقيقه فيما يتعلق بالأمان والإبداع، وكيف ستقيس تقدمها ونتائجها.على سبيل المثال، يمكن أن تتضمن الأهداف والمقاييس الأمنية عدد الحوادث وخطورتها، والامتثال للمعايير واللوائح، ووقت المعالجة وتكلفتها، ورضا الجمهور العماني وثقتهم بها ، وما إلى ذلك. ويمكن أن تتضمن أهداف ومقاييس الإبداع عدد الأفكار وجودتها وحداثة الحلول وفائدتها، وحصة السوق والإيرادات، وتعليقات المجتمع العماني وولائهم، وما إلى ذلك.
ب-. تأسيس ثقافة أمنية تدعم وتشجع الإبداع والابتكار. حيث يجب على الاجهزة الامنية العمانية تعزيز ثقافة أمنية لا تتعلق بالقواعد والسياسات فحسب، بل تتعلق أيضًا بالقيم والسلوكيات. ويجب أن تعمل الثقافة الأمنية على تعزيز الوعي والمسؤولية والتعاون والتعلم بين جميع أعضاء تلك الاجهزة ، وخلق بيئة آمنة وداعمة للإبداع والابتكار. على سبيل المثال، يمكن للاجهزة الامنية العمانية تنفيذ برامج التدريب والتوعية الأمنية، ومكافأة وتقدير أبطال الأمن والمبتكرين، وتشجيع الفرق متعددة الوظائف وحلقات التغذية الراجعة، وإجراء عمليات تدقيق ومراجعات أمنية منتظمة، وما إلى ذلك.
الخاتمة والاستنتاجات:-
أثبت هذا البحث المتواضع أن تبني افكار الابتكار والابداع والاعتماد على التكنولوجيا الامنية من قبل الاجهزة الامنية العمانية يشكل أهمية كبرى في تتبع الجريمة بشتى انواعها والحد من انتشارها ووضع حلولا ابتكارية واساليب ابداعية للتعامل معها بعيدا عن النمط التقليدي في البحث والتحري والاستقصاء عنها . أن تكامل التقنيات التكنولوجية الحديثة، مثل تحليل البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي والعلوم الرقمية ، لتوفير رؤى أعمق حول الأنماط الجنائية. وتشجيع المبادرات الإبداعية لصالح الاجهزة الامنية العمانية مما يخلق بيئة تفاعلية تحفز على تطوير أساليب امنية فعالة في مواجهة التحديات الأمنية. أن الاجهزة الامنية العمانية عليها أن تأخذ بنظر الاعتبار التطورات التكنولوجية، مما يضمن تحديث السياسات والتقنيات الأمنية وتحفيزه للتعاون وتبادل الأفكار بين مرتبات الامن العام في السلطنة ،مما يجعل منظومة الامن والأمان ليست مجرد قاعدة دفاعية، بل بيئة متطورة تستجيب لاحتياجات المؤسسة الامنية العمانية وتحقق التوازن بين الأمان والابتكار. هذه الرؤى الإبداعية يجب ان تكون محط أهتمام ومتابعة للقيادة الأمنية العمانية التي يمكن أن تحدث تحولًا في تعزيز التعاون بين الامن العماني والمجتمع المحلي .أن أهمية التفاعل الشامل للمجتمع العماني في جهود مكافحة الجريمة من قبل الاجهزة الامنية العمانية وبذلك يظهر الإبداع والابتكار كركيزة أساسية في بناء مستقبل أمني أقوى وأكثر فعالية…ايمانا من ان المواطن العماني هو محور وركيزة العملية الامنية وهو شريك رئيس فيها واحد لاعبيها الرئيسيين لابل هو مطلبها وهدفها النهائي. وتحتاج سلطنة عمان إلى قادة يمتلكون رؤية إبداعية لتطوير استراتيجيات تعتمد على الابداع والابتكار كلا ضمن اختصاصه ومواكبة التقنيات الحديثة وتعزيز بيئة عمل تشجع على التجديد والابداع والابتكار . ويعزز القدرة على مواجهة التحديات الحديثة المعاصرة التي تشهدها المؤسسات والوزارات العمانية بفعالية واقتدار.والتأكيد أهمية دمج القيادة الإبداعية في استراتيجياتهم لتحقيق توازن فعّال بين اهدافهم وخططهم والابداع والابتكار لمواكبة التطورات والتحسينات التي تشهدها مثيلاتها في العالم المتقدم المعتمد على قيادات ابداعية لقيادة هذه المؤسسات.
التوصيات:-
1. زيادة وعي القيادات الامنية العمانية بدور الابتكار والابداع في عملية تطوير مؤسساتهم الامنية .
2. ضرورة تسخير الامكانيات المتوفرة في الاجهزة الامنية العمانية لتشجيع العاملين فيها على الابداع ،وأقتناص المشاريع الابداعية والابتكارية لابناء المجتمع العماني لصالح عملها الامني.
3. صقل خبرات مدراء الاجهزة الامنية في سلطنة عمان وتدريبهم على تحفيز الابداع والابتكار ليقوموا بأنفسهم بعملية تطوير مؤسساتهم الامنية.
4. ضرورة الحد من معوقات الابداع والابتكار وافساح المجال لكل ابناء المجتمع العماني للابداع والابتكار لصالح الاجهزة الامنية العمانية.
5. الاهتمام لتحفيز ابناء المجتمع العماني وتشجيعهم لاستثارة دوافعهم لتوليد اكبر قدر من الافكار الابداعية والابتكارية لصالح الاجهزة الامنية العمانية.
6. الاستفادة قدر الامكان من المشاريع الابتكارية والابداعية لابناء الشعب العماني لتصنيعها داخل السلطنة والاستغناء على المنتجات الامنية الاجنبية التي تكلف السلطنة الالاف الدولارات التي يمكن أن ترهق ميزانية السلطنة
الهوامش
1. السعيد،محمد(12/1/2020)،الحياد الصعب أرض ملغومة تنتظر سلطان عمان الجديد، موقع الجزيرة.نت،ورد على الموقع التالي:-
https://www.aljazeera.net/midan/reality/politics/2020/1/12تأريخ المشاهدة15/5/2024.
2. عرفات،علاء الدين(31أذار/مارس2020)، سلطان عمان :تحديات السلطان الجديد، موقع أوريان21، ورد على الموقع التالي:-
https://orientxxi.info/magazine/article3761تأريخ المشاهدة15/5/2024.
3. رشوان،عاصم(25أبريل2008) ،خمسة تحديات تواجه التنمية السياحية في سلطنة عمان، صحيفة الخليج الاماراتية، ورد على الموقع التالي:_
https://www.alkhaleej.ae/2008-04-25/5-تأريخ المشاهدة 15/5/2024.
4. الشيبانية،خالصة(14يناير2024)،معتمون ورواد أعمال بأدم يواجهون تحديات في تطوير وأستثمار المواقع الاثرية،صحيفة عمان، ورد على الموقع التالي:-
https://www.omandaily.om/تأريخ المشاهدة15/5/2024.
5. العويسي، د.رجب بن علي (11أبريل2023)، في العمق :الايدي الوافدة ومخاطرها على الهوية والموارد الوطنية.مالمطلوب؟،صحيفة الوطن العمانية ، ورد على الموقع التالي:-
https://alwatan.om/details/512444تأريخ المشاهدة15/5/2024
6. الراشدية،أيمان(29ديسمبر2023)،المخدرات تفتك بالمجتمع أحد أسبابها رفقة السوء، صحيفة عمان العمانية ، ورد على الموقع التالي:-
https://www.omandaily.om/تاريخ المشاهدة15/5/2024.
https://alroya.om/post/343158/تأريخ المشاهدة15/5/2024.
7. Keeler, L. “Can Oman Survive Its Own Neighborhood after the Death of Sultan
Qaboos?” Foreign Policy Research Institute. January 2020.كذلك أنظر
Sheline, A. “Oman’s Smooth Transition Doesn’t Mean Its Neighbors Won’t Stir Up Trouble.” Foreign Policy, 23 January 2020.نقلا عن خالد،نهى(20فبراير2020) ، عُمان: السلطان 8. هيثم وتحدي السياسة الخارجية، الدوحة ، مركز الجزيرة للدراسات/ ورد على الموقع التالي:- https://studies.aljazeera.net/ar/article/4574تأريخ المشاهدة15/5/2024.
9. ويندر،بايلي(27/8/2020)،هل تستطيع عمان المحافظة على دورها الاقليمي بعد قابوس في زمن التحديات والتغيير؟، صحيفة أسواق العرب اللندنية ، ورد على الموقع التالي:-
https://www.asswak-alarab.com/archives/20730تأريخ المشاهدة16/5/2024.
10. المركز العربي واشنطن دي سي (9مارس2023)،سلطنة عمان وإسرائيل.. اتصالات دون تطبيع والسبب السعودية وإيران وفلسطين،نشر وترجمة موقع الخليج الجديد،ورد على الموقع التالي:-
https://thenewkhalij.news/article/290780/تأريخ المشاهدة16/5/2024.
11. القاسمي، سلطان بن محمد( 10فبراير2024)،الاعلام الامني والضرورة القيمية، صحيفة الرؤيا العمانية ، ورد على الموقع التالي:-
https://alroya.om/post/339039/تأريخ المشاهدة16/5/2024.
12. العبري، ناصر بن حمد، تحية للاجهزة الامنية والعسكرية ، صحيفة الرؤية العمانية، ورد على الموقع التالي:-
https://alroya.om/post/334101/تأريخ المشاهدة17/5/2024.
13. العويسي،د.رجب بن علي(9دبسمبر2023)في العمق:أنسانية الامن وتكامل ابعاده في أولويات رؤية عمان 2040، صحيفة الوطن العمانية ، ورد على الموقع التالي:-
https://alwatan.om/details/545224تأريخ المشاهدة17/5/2024
14. سلطنة عمان تسعى لتعزيز ركائز الابتكار في تنمية الاقتصاد (12/12/2022)،صحيفة العرب اللندنية، ورد على الموقع التالي:-
https://alarab.co.uk/تأريخ المشاهدة17/5/2024.
15. الابداع والابتكار في مجال الامن:ثقافة بدء التشغيل:تعزيز الابداع والامن(20أذار2024)،موقع Faster Capital ،ورد على الموقع التالي:-
https://fastercapital.com/arabpreneur/تأريخ المشاهدة17/5/2024.
16. كيفية تشجيع ومكافأة التفكير الإبداعي والابتكار(20اذار2024)، موقع Faster Capital ،ورد على الموقع التالي:-
https://fastercapital.com/arabpreneur/تأريخ المشاهدة17/5/2024.
17. قياس وتحسين الأداء والنتائج المتعلقة بالأمان والإبداع(20أذار2024)، موقع Faster Capital ،ورد على الموقع التالي:-
https://fastercapital.com/arabpreneur/تأريخ المشاهدة17/5/2024.